وقّعت الجزائر وتونس، الأربعاء، على حزمة اتفاقيات تعاون جدىدة تشمل عدداً من قطاعات التجارة والاقتصاد والنقل والحدود والرعاية الاجتماعية، وغيرها. لكن مخاوف تفرض نفسها في المشهد الراهن حول ما إذا كانت هذه الاتفاقيات ستعرف المصير نفسه لاتفاقيات سابقة لم تنفذ.
وبمناسبة انعقاد الدورة الـ22 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية التونسية للتعاون، التي عقدت في الجزائر، وقع الجانبان 26 اتفاقية ثنائية، أبرزها يتعلق بالتفاهم حول إنشاء لجنة ثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية.
ولم يرد ضمن الاتفاقيات ما يفيد بمناقشة مقترح قدّمه رئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني بشأن تكوين فريق العمل المشترك المكلف بالنظر في تحيين الاتفاق التجاري التفاضلي الذي يعقد أول اجتماعاته قبل نهاية العام الجاري، ومقترح آخر يخص البدء الفعلي في دراسة إقامة منطقة حرة على مستوى الشريط الحدودي بين البلدين.
وقال رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن إنّ بلاده تتطلع فعلياً إلى "تحقيق وثبة حقيقية في مسار الشراكة الجزائرية التونسية"، فيما أكد الحشاني أن "الاتفاقيات الموقعة ستساهم في مزيد من توطيد العلاقات الثنائية بين تونس والجزائر".
واستقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء، الحشاني قبيل مغادرته الجزائر.
لكن هذا التفاؤل الرسمي لا يلغي مخاوف جدية من أن تبقى الاتفاقيات الجديدة حبيسة الأدراج على غرار حزمة سابقة من الاتفاقيات تجاوزت 160 اتفاقية، بينها 21 اتفاقية وقعت في الدورة السابقة، في مارس/ آذار 2017، لم يطبّق الجزء الأكبر منها، بما فيها اتفاقيات تخص إنشاء ثلاث مناطق تجارة حرة على الحدود، وتوحيد تعرفة الاتصالات الهاتفية، وإعادة تفعيل خط السكك الحديد.
وقال الباحث المتخصص في الشأن الاقتصادي والتنمية الحدودية محمد الصغير، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العلاقات الجزائرية التونسية، وعلى قدر اتساعها سياسياً، إلا أنها لم تحقق الكثير على صعيد التبادل التجاري والتنمية المشتركة للمناطق الحدودية، فبقيت العديد من الاتفاقات غير مفعّلة، سواء لغياب إرادة سياسية لتفعيلها، أو لعوائق تقنية".
وأضاف أنّ "تركيز الجزائر وتونس خلال اجتماعات اللجان المشتركة على كم كبير من الاتفاقيات من دون الاهتمام الخاص بكيفية تطبيقها، ووضع الآليات العملية لتنفيذها، يؤكد وجود مقاربة خاطئة لا تخدم العلاقات بين البلدين على مستوى قضايا التجارة والاقتصاد والتنمية، وهذا ما يفسّر بوضوح ضعف حجم التبادل التجاري الذي لا يتجاوز نصف مليار دولار".
وبرأي الصغير، فإنه "كان يمكن الاكتفاء بعدد محدود من الاتفاقات الناجعة والتي تعزز التعاون في المجالات الحيوية للبلدين، بدل الإعلان عن توقيع عدد كبير من الاتفاقات في كل اجتماع ثنائي، دون توفر ميكانيزمات التطبيق ميدانياً أو الاكتفاء باتفاقات فنية وتقنية بين هيئات ومؤسسات غير إنتاجية"، ما يطرح بحسب قوله: "ملاحظات حول جدية التحضير لمثل هذه الاجتماعات الرفيعة، وخاصة أن اجتماع الجزائر الأخير لم يفض إلى أي اتفاق نوعي وهام على المستوى الاقتصادي والتجاري بين البلدين".