خرجت احتجاجات في نحو 40 مدينة مغربية، مساء الأربعاء، رفضا للتطبيع مع إسرائيل، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لتوقيع الاتفاق الثلاثي بين الرباط وتل أبيب وواشنطن.
وكان المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية قد وقعت، في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، على إعلان ثلاثي مشترك في العاصمة الرباط، على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها إلى المغرب وفدان أميركي وإسرائيلي برئاسة مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، ومائير بن شبات، المستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو.
ونص الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية "سلمية ودّية وكاملة" بين المغرب وإسرائيل لـ"خدمة السلام في المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي".
وجاء ذلك بعدما أعلن ترامب في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020 عن تطبيع العلاقات بشكل كامل بين المملكة المغربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بموازاة إعلانه اعتراف الولايات المتّحدة بسيادة المغرب على الصحراء.
ورفع آلاف المحتجين، خلال الوقفات التي دعت إليها "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" مساء الأربعاء، شعارات رافضة ومناهضة لقرار التطبيع مع إسرائيل من قبيل "المغرب أرضي حرة صهيون يطلع برا"، و"الشعب يريد إسقاط التطبيع"، و"فلسطين أمانة والتطبيع خيانة"، و"يا صهيون يا ملعون، فلسطين في العيون".
وندد المحتجون خلال الوقفات الاحتجاجية التي نظمت في سياق اليوم الوطني التضامني الرابع تحت شعار: "معركتنا مستمرة حتى إسقاط اتفاقيتي التطبيع والتعاون العسكري"، بما وصفوه بالتبعات الخطيرة لقرار استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل التي تتجاوز ما هو سياسي واقتصادي إلى ما هو بعد تعليمي وجانب عسكري واستخباراتي.
ولجأت قوات الأمن في العديد من المدن المغربية إلى منع ومحاصرة المحتجين ضد قرار التطبيع وتفريقهم كما كان الأمر في العاصمة المغربية الرباط ومدن أكادير، ووزان وزايو وسوق الأربعاء.
إلى ذلك، وصف نائب منسق "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع"، عبد الصمد فتحي، في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية بالرباط، استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل بـ "القرار غير الشعبي الذي فرض على الشعب المغربي"، معتبرا أنه ضد مصلحة فلسطين والمغرب.
وحمل فتحي المسؤولية "لمن وقع اتفاق التطبيع وغيره من الاتفاقيات مع الكيان الصهيونى"، لافتا إلى أن "البلد يُباع ويُهرب بموجب هذا الاتفاق".
من جهتها، اعتبرت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، أن ما وقع من تطبيع كان "خطأ قاتلا من شأنه أن يؤدي الى التفريط بالسيادة الوطنية"، واصفة، في بيان أصدرته بمناسبة الذكرى الأولى للاتفاق الثلاثي، حصيلة السنة الأولى من اتفاق التطبيع بـ"الحصيلة السوداء".
وحملت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" المسؤولية لـ "كل العاملين على خدمة التطبيع والتخطيط له، عن كل ما يمكن أن يترتب عن هكذا مسار تدميري يتجه نحو الصهينة الشاملة للبلاد"، مسجلة أن العلاقات بين المغرب وإسرائيل "تجاوزت التطبيع الكلاسيكي إلى الهرولة المشحونة بكثير من العناوين والمحاور باتجاه الحضن الصهيوني تحت غطاء قضية الصحراء المغربية".
وقالت إن "حجم وطبيعة ومدى ونوعية الخطوات التطبيعية التي ضجت بها عدة مجالات سياسية ودبلوماسية وثقافية ورياضية وسياحية وغيرها على مستويات متعددة، سواء في مؤسسات الدولة المركزية والحكومية أو في فضاءات أخرى مجتمعية وإعلامية وثقافية، ينبئ على أن أجندة التطبيع بالمغرب أخذت مسارا جد خطير يتجه نحو الصهينة الشاملة".
وحذرت المجموعة مما سمته "رهن البلاد للإرادة الإسرائيلية والأميركية بما يهدد أمن واستقرار المغرب، حاضرا ومستقبلا"، لافتة إلى أن التطبيع "لا يعتبر فقط خيانة لقضية فلسطين، بل يعتبر خنجرا مسموما يطعن الوطن وكيان المغرب: دولة وشعبا ومؤسسات. وهو مدخل الخراب الذي عانت منه دول وشعوب أخرى بالمنطقة".
وتضمن الإعلان الذي وقعه المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020، ثلاثة محاور، أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وإسرائيل مع فتح حقوق استعمال المجال الجوي، وثانيها الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين مسؤولي الطرفين و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة"، وثالثها "تشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلّاق، إضافة لمواصلة العمل في مجالات التجارة والمالية والاستثمار، وغيرها من القطاعات الأخرى".