يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن مجموعة من التحديات عندما يصل إلى المنطقة هذا الأسبوع، في أول زيارة له إليها منذ تولّيه منصبه.
وعلى الرغم من ذكريات المنطقة عن الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان، تسعى واشنطن إلى إعادة تقييم دورها في المنطقة، في وقت تحوّل تركيز اهتمامها إلى أوروبا وآسيا.
هذه بعض القضايا الرئيسة التي سيناقشها بايدن خلال زيارته:
-
التطبيع مع إسرائيل تحت عنوان "التعاون"
سيصبح بايدن أول رئيس أميركي يتوجه مباشرة من محطته الأولى إسرائيل إلى محطته الأخيرة السعودية، قبل عودته إلى واشنطن، ما يعكس مظاهر تطبيع بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب، في تحول جذري يعيد تشكيل سياسات المنطقة.
في عهد الرئيس دونالد ترامب، قامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع دول مثل الإمارات، بإبرام "اتفاقيات أبراهام". ورغم عدم وجود أي توقعات بأن تعلن إسرائيل والسعودية عن إقامة علاقات دبلوماسية رسمية خلال زيارة بايدن، إلا أنه يطرح اتخاذ مزيد من الخطوات، مثل السماح للرحلات الجوية التجارية الإسرائيلية بعبور الأجواء السعودية في طريقها إلى دول أخرى.
وهناك بالفعل زيادة في التعاون الأمني تحت رئاسة القيادة المركزية للجيش الأميركي، المشرفة على العمليات في المنطقة.
وقال منسق مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إنّ الشراكة العسكرية الناشئة تهدف إلى تعزيز نظام دفاع جوي إقليمي للحماية من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الإيرانية.
-
اتفاق إيران النووي
تُعتبر تهديدات إيران من المحفزات الرئيسة لتعاون أوثق بين إسرائيل والدول العربية، لذا من المرجح أن تكون إيران محور اجتماعات بايدن. فإسرائيل تعتبر إيران أكبر تهديد لوجودها، كما تعتبر الدول العربية إيران منافساً خطيراً لنفوذها الإقليمي.
القضية الرئيسة ستكون كيفية إيجاد أفضل السبل لمنع إيران من تطوير وامتلاك سلاح نووي، وهو الأمر الذي يعتقد أنه بات أقرب للتحقق أكثر من أي وقت مضى.
يريد بايدن تجديد الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي تخلي عنه ترامب في عام 2018، والذي تواجه مفاوضات بشأنه تعثراً.
إسرائيل، التي يعتقد على نطاق واسع أنها الوحيدة المسلحة نووياً في المنطقة والتي لا تعترف بذلك، من أشد معارضي الاتفاق. إذ تعارض أن الاتفاق تناول تخصيب إيران النووي فقط، ولم يتطرق إلى برنامج طهران للصواريخ الباليستية أو أنشطتها العسكرية الأخرى في المنطقة. وأصبحت إسرائيل تدعو إلى تشديد العقوبات للضغط على طهران للموافقة على اتفاق أكثر شمولاً.
ومن المتوقع أن يزور بايدن منشأة دفاع صاروخي إسرائيلية، حيث يسعى لطمأنة إسرائيل إلى التزام واشنطن بحمايتها.
-
القضية الفلسطينية
يشعر بعض الفلسطينيين بخذلان وتخلي القادة العرب لهم، ممن أبرموا اتفاقيات تطبيع مع اسرائيل، في الوقت الذي لم يتم فيه تحقيق أي تقدم نحو هدف الفلسطينيين المتمثل في إقامة دولة مستقلة في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة وغزة، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
وتسود شكوك متصاعدة حول إمكانية تحقيق حلّ الدولتين في المرحلة الحالية، بسبب التوسع الاسرائيلي في المستوطنات التي أصبح يقطنها مئات الآلاف من المستوطنين.
ويتضمن برنامج بايدن زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في بيت لحم. لكن من غير المحتمل أن تكون هناك فرصة لحثه هو أو رئيس الوزراء الإسرائيلي يئير لبيد على استئناف المحادثات.
-
حقوق الإنسان
في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلّة، من المرجح أن يواجه بايدن تداعيات استشهاد الصحافية الفلسطينية - الأميركية شيرين أبو عاقلة، التي استشهدت قبل شهرين، والتي أشار تحليل أشرفت عليه أميركا إلى أن جنوداً إسرائيليين كانوا ينفذون مداهمة بالقرب منها أطلقوا النار عليها. إلا أن التحليل لم يصل إلى نتيجة حاسمة، ما أدى لغضب الفلسطينيين.
وستكون قضية الإعلامي جمال خاشقجي أيضاً نقطة هامة عندما يزور بايدن السعودية، إذ تعتقد الاستخبارات الأميركية أنّ ولي العهد محمد بن سلمان وافق على الأرجح على عملية قتل خاشقجي، الكاتب المقيم في الولايات المتحدة والصحافي بـ"واشنطن بوست"، الذي كان ينتقد للنظام السعودي، وأنّ من قاموا بتنفيذ العملية عملاء مقربون من ولي العهد، وذلك في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
كذلك، يقبع عشرات النشطاء والكتاب ورجال الدين وغيرهم في السجون لانتقادهم بن سلمان.
أما القلة التي تم إطلاق سراحها، مثل المدون رائف بدوي والمدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول، فتواجه حظراً على السفر لسنوات، ولا يمكنها التحدث بحرية. كما ألقي القبض على بعض كبار أعضاء العائلة المالكة، وتم الاستيلاء على أصولهم، وأجبر آخرون على التوجه للمنفى. إلا أن ولي العهد يعزى له من ناحية أخرى الفضل في تبني العديد من الإصلاحات، فالسعودية اليوم تبدو مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل خمس سنوات فقط.
ففي مجال حقوق المرأة، منحت النساء مزيداً من الحريات والحقوق، كقيادة السيارات، والسفر إلى الخارج بملا مرافق ولا إذن، وحضور الفعاليات الرياضية في الملاعب.
-
النفط
من المرجح أن يواجه بايدن ضغوطاً للتخفيف من انتقاداته لسجل السعودية الحقوقي لإقناع المملكة ودول الخليج الأخرى بضخ المزيد من النفط، الذي شهد نقصاً وارتفاعاً في الأسعار.
وتنتج السعودية بالفعل طاقتها كاملة تقريباً، التي تبلغ 11 مليون برميل من النفط يومياً. ومن المرجح أن يقابل أعضاء مجموعة أوبك بلس مطالب بايدن بحذر وحرص شديدين.
-
الهند
ستتشكل شراكة أخرى أثناء زيارة بايدن إلى المنطقة، إذ تعقد قمة افتراضية لقادة إسرائيل والهند والإمارات.
وقال سفير الهند السابق لدى الإمارات نافديب سوري، إن المبادرة تهدف إلى الجمع بين التكنولوجيا الإسرائيلية، ورأس المال الإماراتي، والمهارات والخبرات الهندية. وأضاف "نشهد اضطراباً في المنطقة، وفي الهند نفضل أن تكون على الطاولة بدلاً من أن تكون خارجها".
كما قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن هناك الكثير من الفرص لتعزيز العلاقات، مشيراً إلى أن هناك عددا من المجالات التي يمكن لهذه البلدان التعاون فيها، سواء كانت التكنولوجيا أو التجارة... وربما الأمن أيضاً".
وأشار سفير الهند السابق لدى السعودية تلميز أحمد، وهو من المتشككين في المبادرة الجديدة، إلى أنه ستكون هناك حدود للتعاون الأمني، لافتاً إلى أن إسرائيل تقف ضد إيران، و"لا يوجد سبيل لانضمام الهند إلى أي تحالف ضد إيران".
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)