"المركز العربي" في تونس: بحث في تصنيف جودة التعليم

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
31 مارس 2022
المركز العربي يبحث تصنيف جودة التعليم في تونس
+ الخط -

بحث "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، مساء اليوم الخميس، موضوع التعليم في البلاد وكيفية الاستفادة من التجارب المقارنة وفهم المشكلات التربوية، داعياً إلى الإصلاح ووضع السياسات التي تقود إلى تطوير التعليم. وجاء ذلك في مؤتمر تحت عنوان "جودة التعليم: أيّ موقع لتونس وأيّ استفادة؟"، حضره خبراء في التربية وجامعيون متخصصون في الشأن التربوي.

وقال الخبير الدولي في التربية رياض الجوادي، في مداخلته إنّه في علم التربية المقارن، كانت مبادرات خاصة وحكومية تحاول الدول من خلالها الخروج بنموذج تعليمي يصنع إنساناً فعالاً في ظلّ تحديات اقتصادية واجتماعية، مبيّناً أنّ الوضع بعد أزمة كورونا صار يتطلب مراجعات عدّة، لافتاً إلى وجوب تغيير التعليم والاطلاع على مرجعيات عدّة من أجل تطوير الشأن التربوي.

أضاف الجوادي أنّ تجربة المقارنات انطلقت في سبعينيات القرن الماضي وولّدت اختبارات دولية مثل اختبار "بيزا" وهو برنامج لتقييم أداء التلاميذ، فيقيس قدراتهم في الرياضيات والمعرفة العلمية، مشيراً إلى أنّ ثمّة اختباراً يقيس مستوى اللغة الأم، وقد شاركت تونس في كليهما وكانت النتائج تتراوح ما بين سلبية ومتوسطة، علماً أنّ أيّ دولة عربية لم تتمكّن للأسف من تجاوز الاختبارات الدولية بتميّز. وتابع أنّه في نحو واحد في المائة فقط من الدول العربية، تمكّن التلاميذ من الحصول على الحدّ الأدنى من النتائج من دون أن يحصل أيّ منهم على تميّز.

وأوضح الجوادي أنّ المسألة لا تتعلق فقط بالاستعداد العلمي ليخوض التلميذ غمار الاختبار باقتدار، مشيراً إلى قطر كمثال إذ إنّها (إلى جانب دول عربية أخرى) وبمجرّد شعورها بأهمية التحدي والاختبارات، أنشأت مؤسسات تُعنى بالاختبار، وأعدّت التلاميذ لذلك، وقامت بدراسات تحليلية واستعدادات نفسية للتلاميذ بناء على النتائج. وشدّد الجوادي على أنّ ما ينقص تونس هو تأهيل أوّلي للمدرّسين ليبلغوا الاحترافية بالإضافة إلى تقييم مهارات الدروس التي لا تخرج  عن إطار السبورة وضرورة النهوض بالمسؤوليات التعليمية.

وسأل الجوادي عمّا يميّز بلداناً ومناطق مثل سنغافورة واليابان وهونغ كونغ في التعليم، مؤكداً أنّ تجربتها تقوم على التطوير المستمر وإنشاء بيئة محفّزة وربط التقدّم بالإنتاج والإنجاز، وتعديل طرق التقييم بدلاً من التركيز على المعارف للوصول إلى التميّز والابتكار. أضاف الجوادي أنّ مهنة التعليم غير جاذبة للمتميّزين، مع ضعف التأهيل وكثرة الكوابح التي تقبر الإنتاج والإبتكار، فمحاولات الإصلاح تركّز على البعد الشكلي على حساب الإبداع.

وفي تصريح لـ"العربي الجديد"، أكد الجوادي أنّ "ثمّة مشكلة في التعليم في معظم البلدان العربية بحسب المؤشّرات الدولية، وقد حان الوقت لفهم كيفية تطوير التعليم واستخدام الاستراتيجيات المناسبة التي تتماشى وتحديات العصر"، شارحاً أنّ "ثمّة مشكلات تحتاج إلى مراجعات. وثمّة دول عربية استفادت من النتائج وطوّرت نفسها وبحثت في كيفية معالجة المشكلات وتأهيل المدرّسين".

ودعا الجوادي إلى "ضرورة خروج  تونس من النظام الكلاسيكي القائم على تمرير المعلومة الجاهزة، في اتّجاه المهارات والقدرة على تحقيق الذات وعلى التفكير وحلّ المشكلات. فكلّ الاختبارات بيّنت أنّ تلاميذنا عاجزون عندما تُطرح عليهم مشكلات ولو بسيطة. وإذا ركبت المشكلات تصير المعضلة أكبر". وبيّن الجوادي أنّ "التعليم في تونس كان جيداً في مرحلة سابقة، لكنّه لا يعد كذلك منذ سنوات. فنحن غفلنا عن التطوير، ولم نتّجه إلى الاستشراف ونحو استحداث قواعد بيانات عميقة للمنظومة التربوية والعلمية، ولم نتهيّأ لطبيعة التحديات، ولم نفهم ما طرحه العصر والزمن من تحديات جديدة. وبالتالي وجدنا أنّ الزمن تجاوزنا ونحتاج من جديد إلى مراجعات وإلى النظر في المشكلات".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

من جهته، قال الباحث في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس، محرز الدريسي، إنّه من الضروري الاطلاع على بعض التصنيفات الدولية والنظر في التجارب المقارنة، مبيناً أنّ ثمّة عوائق عدّة أمام مأسسة التقييمات ومتابعة جودة التعليم. وأكّد أنّ التعليم شأن سياسي ولا يمكن تحسين الأداء من دون توفّر إرادة وطنية تشرف الدولة على متابعتها. ولفت الدريسي إلى أنّه في خلال مشاركة تونس في اختبارات دولية، كانت ثمّة نقائص، من بينها أنّ فريق العمل كان محدوداً وتأهيل التلاميذ نفسياً منقوصاً، ولا يمكن التطوّر طالما أنّ مرجعية الجودة غائبة، مضيفاً أنّ التقدم يقتضي معايير موثوقة.

وقال الدريسي لـ"العربي الجديد" إنّه "من المهم الاستفادة من التقييمات الدولية لأنّ جلّ الدول تقوم ببحوث ودراسات تأليفية لرتبها وأدائها، والأهمّ هو الانتقال من التشخيص إلى التنفيذ. ولعلّ أهمّ نقطة لتفادي النقائص هو قرار من المشرفين على السياسة التربوية واقتناع حقيقي وإرادة لتطوير المنظومة التربوية من خلال تعديلات في العمق على مستوى القيم والمهارات".

في سياق متصل، رأت الجامعية والخبيرة في التقييمات الدولية، سعاد عبد الواحد، أنّ التلميذ التونسي ضعيف، والتقييمات والدراسات التي أُجريت بمعظمها، ومن بينها دراسة في أواخر 2021 لتقييم المهارات الأساسية في القراءة باللغة العربية في المستويات التعليمية الأولى، بيّنت أنّ مستوى التلاميذ التونسيين أقلّ من المعايير الدولية في قراءة الحروف والكلمات وفهم النصوص.

أضافت عبد الواحد أنّ التلميذ التونسي الذي يجد عثرات في السنوات الأولى، سوف يعاني من صعوبات في بقيّة المراحل الدراسية، مؤكّدة أنّ ثمّة تساؤلات عدّة حول سبب بقاء بعض الدول في أسفل الترتيب. وتابعت عبد الواحد أنّ التقييمات الدولية ليست سباقاً، بل هي مقارنة مرجعية وهي عبارة عن مدارس نظرية، فالتصنيف الدولي يكون بحسب المهارات ومكتسبات التلاميذ ويمكن تغيير المنظومة التربوية لو أحسنّا استثمار المؤشّرات الدولية والنظر في السياسات التربوية وتحديد تمركز التلاميذ وترتيبهم في سلّم المهارات، وهي دروس مستفادة وسبب المشاركة في التقييمات الدولية.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وشرحت عبد الواحد أنّ المقارنة المرجعية تقتضي فهم التقييمات الدولية لنتمكّن من استثمار المشاركة ووضع الأهداف لتكون ذات مصداقية علمية، مؤكدة أنّ الأهم هو ترجمة الأهداف وتطبيقها على أرض الواقع. ولفتت إلى أنّ المطلوب هو وضوح الرؤية وتحديد المستوى المطلوب للمقارنة مع مرجعية دولية، مضيفة أنّه من الضروري عدم التوقف عند جمع البيانات بل تحليلها واستثمارها باستخلاص الدروس المستفادة من أجل سرعة التغيير واتّخاذ القرار.

وأكملت عبد الواحد أنّ تونس كانت من أولى الدول الأفريقية التي تشارك في التقييمات الدولية، إلا أنّها انسحبت لاحقاً، وأقدم مشاركة لتونس في تقييم " تيمز" مثلاً كانت في عام 1999، مع الإشارة إلى أنّ هذا التقييم يركّز على مناهج العلوم والرياضيات، فيما المشاركة الأخيرة كانت في عام 2011. وبيّنت عبد الواحد أنّه تمّ في ضوء تلك النتائج استثمار هذه التقييمات من خلال وضع منظومة دعم وعلاج في اللغة والرياضيات والعلوم، مع إضافة ساعة في مادة الرياضيات في بعض المستويات التعليمية، وتمّ إقرار تواصل إدراج مادة الفيزياء في المرحلة الإعدادية وتكوين بعض المدرّسين. لكنّ استثمار النتائج ظلّ محدوداً على الرغم من ذلك.

بدورها أكّدت رئيسة "جمعية تلامذتنا" بشرى الطيب لـ"العربي الجديد" أنّ "جودة التعليم لا تقتصر على اختبارات التلاميذ في تقييمات عالمية. فالجودة تنطلق من المؤسسة؛ من جدرانها وفصولها وإطاراتها ومواردها البشرية. وفي غياب كلّ ذلك، لا يمكن التحدّث عن جودة"، مشيرة إلى أنّ رفع شعارات الجودة لا يعني أنّها موجودة".

ذات صلة

الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
المساهمون