لم تكن حياة المرأة الأفغانية سهلة يوماً، فقد عاشت ضغوطاً مختلفة من جراء التقاليد والأعراف القبلية والحروب وغير ذلك. وفي الوقت الحالي، فرضت حركة طالبان قيوداً جديدة على النساء، أبرزها منعهن من السفر من دون محرم، وتغطية الوجه في الأماكن العامة وغيرها. وأي اعتراض أو رفض لهذه القرارات قد يعرض حياتهن للخطر.
وفي السابع من مايو/ أيار الجاري، أصدرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قرار تغطية الوجوه ووضع البرقع أو الحجاب التقليدي. وما تضمنه المرسوم أثار استغراب الأفغان؛ ففي حال عدم التزام المرأة بوضع الحجاب وتغطية وجهها، توصي صاحب البيت بالحرص على التزام النساء بهذه الإجراءات. وفي حال الرفض، يسجن ثلاثة أيام، وكخطوة ثالثة يحال إلى المحكمة.
كما تضمن المرسوم فصل النساء اللواتي يعلمن في القطاع الحكومي في حال عدم وضعهن الحجاب وتغطية وجوههن. كذلك، يمكن أن تلجأ "طالبان" إلى فصل الرجال الذين يعملون في القطاع نفسه في حال عدم التزام نساء بيته بالقيود المفروضة عليهن. وعلى الرغم من أن تلك القيود الجديدة أثارت استياء الأفغان، لكنّ "طالبان" لا تكترث للرأي العام. وتعرضت العديد من النساء اللواتي نظمن تظاهرة في العاصمة كابول في العاشر من الشهر الجاري، تنديداً بقرار "طالبان"، إلى العنف والاعتقال. كما اعتقلت أجهزة استخبارات طالبان عدداً من الصحافيين الذين كانوا موجودين في المكان لتغطية التظاهرة النسائية.
ولم يكتفِ رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفرض الحجاب وتغطية الوجه، بل بدأوا يتدخلون بألوان الحجاب والبرقع. وفي العشرين من الشهر الجاري، مُنِعَت طالبات من الدخول إلى جامعة كابول ما لم يكنّ يرتدين الحجاب والبرقع الأسود. وتقول الطالبة في كلية الشريعة في جامعة كابول ثريا محمودي لـ "العربي الجديد": "لا أدري أي شريعة هذه. الشريعة الإسلامية لم تفرض أي لون، لكنّ طالبان تمنعنا من ارتداء الألوان. كما أنّ رجالها يُعاملون النساء بقسوة". وتسأل: "هل يفرض الإسلام التعامل بقسوة مع النساء؟". وتوضح أن "الإسلام الحنيف لا يقول ذلك، بل إنّ طالبان هي التي فرضت هذه القيود. الشريعة الإسلامية تأمرنا بالحجاب من دون تحديد اللون".
وكان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي في طليعة الذين انتقدوا قيود "طالبان" على النساء بشكل عام، وخصوصاً الحجاب. وسارعت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الرد عليه، قائلة في بيان أصدرته في الـ 21 من الشهر الجاري إن ما قاله كرزاي لا يستحق التعليق أصلاً، ومشيرة إلى أنه خلال العقدين الماضيين عمل على إرضاء الأجانب، لكن زوجته لم تكن تظهر إلى العلن وأمام وسائل الإعلام.
وتعليقاً على ما فرضته "طالبان" على الإعلاميات من تغطية وجوههن أثناء تقديم الأخبار وإعداد التقارير الإعلامية، قال كرزاي إنه يجب على العاملات في وسائل الإعلام عدم الرضوخ إلى قيود "طالبان" والاستمرار بالعمل من دون تغطية وجوههن، مطالباً الحركة بإعادة النظر في قرارها.
وقال المتحدث باسم وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في "طالبان" عاكف مهاجر: "التقينا بمسؤولين إعلاميين وقبلوا نصيحتنا بسعادة بالغة"، موضحاً أنّ هذه الخطوة ستلقى ترحيباً من الأفغان.
من جهتها، تقول الناشطة شكيلة فرحان التي تعيش حالياً في إسلام أباد آملة أن تتمكن من الهجرة إلى إحدى الدول الأوروبية، لـ "العربي الجديد": "تلعب طالبان بمشاعر الشعب، وتفرض ما لا يمكن تطبيقه. الأفغانيات، خصوصاً المتعلمات منهن، يهربن من البلاد. إسلام أباد مليئة بالمتعلمات الأفغانيات اللواتي يمكنهن ارتداء ما يحلو لهن. بالتالي، تجبر طالبان من تبقى من النساء على الاستقالة من وظائفهن والهجرة إلى الخارج". وتشير إلى أن "قلة من النساء بقين في الدوائر الحكومية وغير الحكومية وترغب طالبان في إخراجهن بهذه الذريعة. أرجعت الحركة البلاد إلى عقود خلت". وتُذكّر الناشطة بما قاله قياديو الحركة بعد السيطرة على العاصة كابول منتصف أغسطس/ آب الماضي؛ إنّ الحجاب التقليدي للمرأة الأفغانية مطابق للشريعة الإسلامية "لكن في الوقت الحالي يعملون على فرض قيود جديدة بحسب معاييرهم".