آلاف محرومون من السفر والتنقل لعدم امتلاكهم بطاقات هوية فلسطينية إثر وقف "لم الشمل"
تعيش التونسية نور بلقسام حجاجي في قرية "مسحة" بمحافظة سلفيت الفلسطينية، منذ 12 سنة، وهي متزوجة من مواطن فلسطيني منذ 18 سنة، وقدمت إلى فلسطين بتصريح زيارة على أمل الحصول على وثائق وفق اتفاق "لم الشمل"، لكنها منذ ذلك الوقت تشعر وكأنها في سجن، فهي لا تستطيع السفر، أو التنقل بحرية بين مدن الضفة الغربية، ما دفعها للمشاركة في اعتصام أمام هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية في مدينة البيرة.كانت لكنة السيدة نور حجاجي التونسية مميزة بين عشرات المعتصمين الذين يطالبون بإصدار بطاقات هوية فلسطينية لهم حتى يتمكنوا من التنقل والسفر بحرية.
قالت حجاجي بلهجة بلادها لـ"العربي الجديد": "منقدروش نتنقلوا، نحس إننا مسجونين في مكان سكننا"، ورفعت لافتة كتبت عليها: "وطني سجن كبير. الاشتياق حكاية لا يمكن شرحها في سطور. لمّ الشمل حقي"، وتضيف: "نعيشوا في البلاد هذي، لكن نتحرموا من حياتنا العادية، لو نخرجوا لبرا البلد ممنوعين نرجعوا فلسطين، موجودين بين نارين، ومضطرين نتحرموا من عائلاتنا حتى نقعدوا مع أطفالنا".
قدم الفلسطيني أحمد رمضان من الأردن عام 2000، ويروي لـ"العربي الجديد" أن أكثر الأمور إلحاحًا بالنسبة له هو حرمانه من مرافقة طفلته المريضة إلى المستشفى في مدينة القدس، كنموذج لأزمة وقف "لم الشمل" التي تمنع إصدار بطاقات الهوية لأفراد يعيشون في فلسطين أو خارجها تربطهم قرابة من الدرجة الأولى مع فلسطينيين.
وقال رمضان: "ابنتي مريضة بالسرطان، وتعالج في القدس، ولا أملك هوية، وبالتالي لا أستطيع استصدار تصريح لدخول القدس، فإلى متى سأنتظر لم الشمل؟ عمري 33 سنة، ولا أستطيع تملك شريحة اتصالات، أو التقدم لرخصة قيادة لأنني لا أملك هوية، بل لم يكن زواجي سهلاً. حتى التنقل بين مدن الضفة الغربية صعب. اضطررت اليوم للخروج من الخليل لإيصال رسالتنا، نحن نطالب بحل لمشكلتنا".
ووجّه المعتصمون رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد اشتية، ورئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، حسين الشيخ، لوضع قضيتهم الإنسانية على سلم الأولويات، مؤكدين في بيان أنهم يعانون لعدم امتلاكهم بطاقات هوية.
في المقابل، أكد رئيس هيئة الشؤون المدنية، حسين الشيخ، في حديث للمعتصمين، أن الهوية حق وطني وأخلاقي وإنساني لكل إنسان يعيش في وطنه، مؤكدًا أنه "ملف دائم البحث مع الإسرائيليين، وعلى الطاولة منذ سنوات. قضية لم الشمل جزء من الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال، وكان يتم إصدار عدد محدد من الهويات كل عام، وتوقف الأمر تمامًا منذ عشرة أعوام".
وردا على سؤال لـ"العربي الجديد"، حول إعلان الاحتلال التزامه بالاتفاقات الموقعة، قال الشيخ: "انقطعت العلاقات لستة شهور تقريبا، ثم أعدنا العلاقة بعد تسلمنا رسالة رسمية تؤكد التزام الحكومة الإسرائيلية بالاتفاقيات الموقعة. هذا جزء من الاتفاقات، ونطالب بتفعيله، فهو ملف وطني، ومن حق الناس الحركة، وتسجيل الأطفال بالمدارس وغيرها، وهناك ضغط حاليا على الحكومة الإسرائيلية، وأناشد كل المؤسسات الحقوقية والإنسانية مطالبة الجهات الإسرائيلية بالتنفيذ".
وأضاف: "إسرائيل تمنع تحريك هذا الملف بحجج أمنية، لكن لا أعلم أين الأمن في هذا الملف، هذا موضوع نطرحه دائماً، وأنا أسألهم دائماً أين المبرر الأمني في عدم إعطاء طفل أو طفلة هوية؟ إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات الموقعة، ويجب أن يكون هناك رد. الطلبات التي وصلت الهيئة بالآلاف، وعلى كل المواطنين الذين يعانون من ذات المشكلة تسجيل أسمائهم، وتقديم طلبات بخصوصها للهيئة".
ويعيش الفلسطينيون القادمون من الخارج، أو غير الفلسطينيين، ولا سيما السيدات المتزوجات من فلسطينيين، وقدموا بتصاريح زيارة بعد انتهاء تلك التصاريح مهددين بالترحيل في حال اعتقال قوات الاحتلال لهم، ويحرمهم ذلك من التنقل داخل الضفة الغربية، أو السفر، أو إصدار الوثائق الرسمية، ما يعني معاناة مضاعفة، بينما يتخوف أهالي قطاع غزة الذين قدموا إلى الضفة ولم يتمكنوا من تغيير مكان سكنهم من ترحيلهم إلى القطاع في حال اعتقالهم، ما يعني محدودية حركتهم في الضفة الغربية.