كشفت منظمات حقوقية عراقية، تسجيل معدلات غير مسبوقة بالعنف الأسري في عموم البلاد، تجاه النساء والأطفال وكبار السن، وسط دعوات لوضع معالجات عاجلة وتشريع قانون حماية الأسرة من العنف.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظّمتها مؤسسات مدنية مناهضة للعنف ضد المرأة، أمس الثلاثاء، في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، جنوبا، وحضرها مسؤولون محليون وممثلو منظمات مجتمعية مهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة.
ووفقاً لرئيسة منظمة أور لثقافة المرأة والطفل منى صاحب الهلالي، فإن "العنف الأسري تجاوز كل الحدود في المجتمع العراقي، إذ سجل العراق أكثر من 15 ألف حالة عنف خلال العام المنصرم"، مبينة في تصريح لعدد من وسائل الإعلام، أن "نصيب محافظة ذي قار كان 1868 حالة عنف، توزعت بواقع 1299 حالة ضد النساء، و324 حالة ضد كبار السن، و245 حالة ضد الأطفال".
وأشارت إلى أن "آثار العنف أخذت تظهر من خلال حالات التفكك الأسري والطلاق وارتفاع معدلات الانتحار والقتل وزواج القاصرات والزواج القسري والحرمان من العمل، ومنع السفر والتعليم، فضلا عن الحالات النفسية والكآبة والهروب من المنزل"، داعية لـ"وقفة جادة من قبل المنظمات المجتمعية والمؤسسات الحكومية والتشريعية والقضائية للحد من تفاقم حالات العنف".
وشددت على "تشريع قانون حماية الأسرة، كونه حدد العقوبات الجزائية ووفر حماية للمعنف أو المعنفة مع تأمين العلاج النفسي لهما، فضلا عن توفير دور الإيواء للذين يقعون تحت الخطر".
وحالات العنف الأسري بالعراق، تتمثل في العنف اللفظي والجسدي، وزواج القاصرات بالإكراه وغير ذلك من الحالات التي تم تسجيل الكثير منها في المحاكم العراقية.
ويؤكد أكاديميون مختصون بالشأن المجتمعي، خطورة تفاقم حالات العنف الأسري من دون وضع الحلول والمعالجات لها. وقال الأستاذ في جامعة بغداد علي الساعدي، إن "ملف العنف الأسري المتفاقم في البلاد يحتاج إلى معالجات عاجلة، ومحاسبة قانونية، لأجل وضع حد للحالات المتزايدة التي تسجل في بغداد والمحافظات".
وأكد لـ"العربي الجديد"، أن "أسباب العنف كثيرة في المجتمع العراقي، منها ضعف التثقيف، وطبيعة المجتمع الذي يفرق بين الفتيات والأولاد الذكور في الحقوق والواجبات، والنظرة الدونية للفتاة، وهذا له تأثير كبير في تسجيل حالات العنف".
وشدد على أن "المشكلة تفاقمت مع عدم وجود قانون يضع حدودا لتلك الانتهاكات، وأن تكون الفئات المعنفة محمية بالقانون"، مشيرا إلى أن "تصاعد حالات العنف الأسري أسهم في تفكك الأسر بشكل كبير، مع تنصل من المسؤوليات العائلية، من قبل الآباء والأمهات والزوجات، وهو أمر خطير جدا وله انعكاسات سلبية على المجتمع، وهو ما يستدعي تعاونا حكومية وأكاديميا مع المنظمات المدنية لتحجيمه بأسرع وقت ممكن".
ومنذ العام 2020، أقرّ مجلس الوزراء العراقي مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري"، وأرسله إلى البرلمان. لكن القانون لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل جهات سياسية في البرلمان، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الأحزاب الدينية التي ترى أن فيه مخالفة شرعية، وأنه سيؤدي إلى حدوث تفكك أسري، ولجوء إلى القضاء من قبل الزوجات والأطفال ضد رب الأسرة. وأبرز الجهات المعارضة لإقرار القانون، هما حزب الدعوة الإسلامية العراقي وحزب الفضيلة الإسلامي العراقي، اللذان يجدان في القانون تعارضاً مع مبادئ الإسلام في تربية الزوجة والأولاد.