أزمة صحية منسية في سورية: هجرة الأطباء وضعف الموارد

08 يونيو 2024
هجرة الأطباء في سورية تتزايد مع تدهور الأوضاع، 1 إبريل 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حنان بلخي من منظمة الصحة العالمية وصفت الوضع الصحي في سورية بـ"الكارثي"، مشيرة إلى دمار النظام الصحي وهجرة الأطباء بسبب الأجور المتدنية وظروف العمل الصعبة.
- تشدد بلخي على ضرورة توفير الدعم والموارد للأطباء في سورية، بما في ذلك غرف العمليات المجهزة والأدوية الأساسية، لمنع هجرتهم وتحفيز الشباب على المشاركة في القطاع الصحي.
- تحث على دعم تصنيع الأدوية محليًا وتحسين الوصول إلى التكنولوجيا الطبية، مع التأكيد على الحاجة الماسة للتمويل الإنساني والدعم الدولي لتجديد البنية التحتية الصحية وفصل السياسة عن الصحة.

أعلنت مسؤولة كبيرة في منظمة الصحة العالمية أن العالم بأسره نسي نظام الرعاية الصحية المدمر في سورية، وحثت على تفكير جديد ومبتكر لوقف هجرة الأطباء إلى الخارج، وقالت المديرة الإقليمية لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية حنان بلخي، إن الأطباء الشباب بحاجة إلى أن تُتاح لهم آفاق أفضل من ممارسة الطب على طريقة القرن الرابع في ظروف مزرية.

وزارت بلخي سورية في الفترة من 11 إلى 16 مايو/ أيار بعدما تولت منصبها في فبراير/ شباط الماضي، واصفة الوضع عند عودتها من سورية بأنه "كارثي"، مع وجود عدد "صادم" من المحتاجين ومعدلات مثيرة للقلق من سوء التغذية بين الأطفال، مؤكدة أن حوالى نصف القوى العاملة في مجال الصحة فرّت من البلاد.

هجرة الأطباء من سورية

وقالت بلخي إن سورية تواجه "أزمات متعددة الطبقات"، مع 13 عاماً من الحرب الأهلية، وعقوبات، وزلزال كبير وقع العام الماضي، بالإضافة إلى الوضع الجيوسياسي المعقد، مضيفة: "نحن بحاجة إلى التفكير خارج الصندوق عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على القوى العاملة الصحية واستقطاب الشباب وإبقائهم منخرطين ومشاركين" في العمل، مؤكدة أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يتقاضون أجورًا "منخفضة جدًا جدًا"، إذا تمكنوا من الحصول على راتب، وهو ما يُعَدّ سببًا من أسباب هجرة الأطباء إلى الخارج.

ولفتت إلى أنه إذا لم يحظ الجراحون بغرفة عمليات، ومواد تخدير، وممرضين محترفين، ووحدات تعقيم، "فما الفائدة من وجود جرّاح؟"، مضيفة: "ثم يجب أن يكون لديك أدوية. إذا لم تكن تنتج أدويتك، ولا تتمكن من استيراد أدوية، يصاب الطبيب بالشلل بطريقة ما"، قائلة: "لذلك إما أن تقبل بممارسة الطب على طريقة القرن الرابع، حيث تقوم بكيّ الناس وتركهم لمصيرهم، وإما أن تحاول اكتشاف طرق مبتكرة".

بلخي:  إذا لم يحظ الجراحون بغرفة عمليات، ومواد تخدير، وممرضين محترفين، ووحدات تعقيم، "فما الفائدة من وجود جرّاح؟"

وأكدت بلخي الحاجة إلى مثل هذه الحلول لجعل العاملين في مجال الصحة أكثر رغبة بالبقاء في سورية أو العودة إلى البلاد، معتبرة أن كثيرين سيفعلون ذلك "عن طيب خاطر"، "إذا حصلوا على نوع من الدعم"، وأسفت الطبيبة السعودية قائلة: "إنهم يتعلمون اللغة الألمانية إلى جانب دراستهم الطب ليكونوا مستعدين للرحيل، وهذا أمر مخيف بالنسبة إلى المنطقة".

واقترحت إشراك الأطباء الشباب في مشاريع بحثية ومنحهم إمكانية النشر، حتى "يشعروا أنهم يقومون بعمل جدير بالاهتمام" - والتأكد من أنهم "يمتلكون على الأقل الأدوات" اللازمة للعمليات الجراحية، ولفتت إلى أن الأطباء في سورية بحاجة للوصول إلى منصات افتراضية للبقاء على اتصال مع المجتمع الصحي الدولي، لأنهم لا يستطيعون السفر لحضور مؤتمرات.

أما بالنسبة إلى الأدوية، فاقترحت بلخي دعم تصنيع المنتجات الأساسية محلياً، مثل مسكنات الألم والمضادات الحيوية وخافضات ضغط الدم المرتفع لعلاج "القاتل الصامت"، ولفتت بلخي التي حضرت في جنيف هذا الأسبوع اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن انقطاع الكهرباء في سورية يرتب آثارًا أكبر مما يتصوره الناس على مجال الصحة.

وقالت إن سورية شهدت عددًا كبيرًا من الإصابات بحروق، لأن السكان كانوا يحرقون أي مواد، "إطارات وبلاستيك ونسيج" لطهو الطعام وتدفئة منازلهم، ما سبّب حرائق منزلية وإصابات في الجهاز التنفسي، بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر، مضيفة: "المدنيون والأطفال يتحملون العبء الأكبر بطرق لا يمكن تخيلها أبدًا". وحثت الدول المانحة على فصل السياسة عن الصحة وتجديد اهتمامها بالتمويل الإنساني لسورية، مختتمة حديثها بـ"عندما تبحث بعمق في جذور أسباب الضرر... الكثير منها يمكن تجنبه". وتعمل فقط 65 بالمئة من المستشفيات و62 بالمائة من مراكز الرعاية الصحية الأولية بكامل طاقتها، وتعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات.

(فرانس برس)