رفض "اتحاد الدكاترة الباحثين التونسيين"، المعطّلين من العمل، قرار وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي ألفة بنعودة فتح مناظرة لانتداب 1131 باحثاً ومدرساً بعد الحصول على ترخيص من وزارة المالية في تونس. وأكدت بنعودة أن الوزارة ستحرص على أن تخضع المناظرة لكل شروط الشفافية والمساواة بالنسبة إلى جميع المرشحين، ودعت لجان الانتداب الى التزام شبكات التقييم.
وتؤكد العضو في اتحاد الدكاترة الباحثين المعطلين من العمل، منال السالمي، في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "المناظرة المرتقبة لن تحل مشكلة الدكاترة الباحثين المعطلين من العمل منذ فترة طويلة، علماً أن باب الانتدابات مغلق منذ أكثر من سبعة أعوام، لأنها كبيرة وعميقة وتخضع لسياسة تهميش الكفاءات التي انتهجتها كل الحكومات السابقة".
تضيف: "إجراء المناظرة الدورية حق طبيعي بالنسبة لنا، لكنها لن تستطيع حلّ الأزمة التي وصلنا إليها، لأنها ترتبط بإرساء ثقافة البحث العلمي في كل الوزارات والقطاعات، وعدم بقاء الانتدابات حكراً على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي".
وتعتبر السالمي أن "وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بنعودة استعجلت إعلان القرار من أجل تسجيل نقاط سياسية لمصلحتها ونسبها المجهود المبذول في هذا الملف لنفسها، باعتبارها ستغادر الحكومة المقبلة".
وتلفت إلى أن "المزيد من التدقيق في كلمة الوزيرة بنعودة يُظهر أن واقع الحال مخالف لما أعلنته، باعتبار أن الانتداب يلحظ 330 من حملة الدكتوراة، وبقاء الآخرين رهن إصدار قانون المالية التكميلي الذي لا يعلم أحد متى سيصدر في ظل الظروف السياسية الراهنة".
وكان اتحاد الدكاترة الباحثين المعطلين من العمل قال في بيان تناول موضوع الانتدابات إن "تصريح وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بنعودة يتضمن جملة مغالطات وإيهام للرأي العام ووسائل الاعلام تهدف إلى الإيحاء بأن الوزارة توصلت، بعدما عملت جدياً وفي صمت بحسب قول الوزيرة، إلى حلّ جذري لملف الدكاترة. لكن الحقيقة أن تصريحها ليس إلا دعاية ومحاولة يائسة منها لتتويج مسيرتها على رأس الوزارة بإنجازات وهمية قبل إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة".
واستنكر الاتحاد تجاهل الوزيرة في كلمتها تفاصيل انتداب 3 آلاف دكتور خلال ثلاث سنوات التي أقرّها آخر مجلس وزاري انعقد لهذه الغاية.
وفي رسالة وجهوها إلى الرئيس قيس سعيد، أكد الدكاترة المعطلون من العمل أنّه "أمام الوضع الاستثنائي الذي أوصلتنا إليه الحكومات السابقة نتيجة تهميشها للدكاترة الباحثين وغلق باب المناظرات سبع سنوات متتالية، وأمام الأعداد الكبيرة للمعطلين في كل الاختصاصات حتى تلك الحيوية، نقف أمام معضلة لا تفك بمجرد إجراء مناظرة، إذ تتطلب إصدار قرارات ثورية تعيد تكريس هيبة العلم في عمل الدولة وإدارتها، وأوامر استثنائية تضاهي تضحيات الكفاءات التونسية التي أقصاها السياسيون".
وأضافوا: "نطالب بانتداب استثنائي للدكاترة الباحثين المعطلين في كل الوزارات والمؤسسات العمومية كل بحسب اختصاصه. وهذا حق لنا ولبلادنا لن نتنازل عنه، ونطالب بالتزام تحديد خريطة واضحة للانتداب وضبطها بآجال واضحة، وإعدادها بالتنسيق مع الممثلين الشرعيين لحراك الدكاترة الباحثين المعطلين من العمل".
وفي شريط فيديو نُشر على صفحة "فيسبوك" الخاصة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أكدت الوزيرة بنعودة أن "ملف تشغيل الدكاترة بين الملفات الكبرى التي حظيت باهتمام كبير على أعلى مستويات الدولة، وصُنّف قضية وطنية بامتياز".
تستمر أزمة الدكاترة العاطلين من العمل منذ أكثر من عام ونصف العام، وترافقت مع عشرات الاحتجاجات أمام مقر الوزارة وفي ساحة مقر الحكومة بالقصبة، ومع اعتصام مفتوح نفذه عشرات منهم، بدءاً من يونيو/حزيران 2020، في مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وعجزت قوات الأمن عن تفكيكه حتى اليوم.
ويربط المعتصمون إنهاء تحركهم بتحقيق مطالبهم والشروع في تنفيذ خارطة انتداب واضحة ودقيقة، وهو ما أشاروا إليه في بيانهم الأخير الذي دعوا فيه "إلى الالتفاف حول حراكهم ومطالبهم لأن النضال الميداني هو السبيل الوحيد لتحصيل حقوقنا".
وترجح السالمي أن "تنطلق التحركات الميدانية بعد تشكيل الحكومة الجديدة، باعتبار أن الوزيرة بنعودة ستغادر قريباً، في حين أن باب المفاوضات مغلق، ما يفسر اكتفاءنا حالياً بإصدار بيان للتنديد بما ورد في الفيديو المنشور".
وكان رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي تعهد خلال زيارته قبل أشهر مقر الاعتصام في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتشغيل 2400 دكتور باحث خلال السنوات الثلاث المقبلة.