أسر تونسية تشارك الطلاب الفلسطينيين احتفالات عيد الفطر
- الطلاب الفلسطينيون يحاولون إعادة خلق أجواء العيد في المنفى، معبرين عن تقديرهم للمبادرات التونسية التي ساهمت في تخفيف معاناتهم.
- جهود مدنية ورسمية تونسية تسعى لتوفير الدعم المالي والأكاديمي للطلاب الفلسطينيين، من خلال "صندوق الطالب" ولجنة طوارئ لمتابعة وضعهم المالي والنفسي.
حرصت عائلات تونسية على احتضان الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في جامعات تونس خلال عيد الفطر، في ظل ما يعانيه أهلهم في قطاع غزة.
سعت عائلات تونسية إلى مشاركة الطلاب الفلسطينيين في تونس أجواء عيد الفطر بعدما حرمهم العدوان الإسرائيلي، المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من الاحتفال بالعيد في أجواء عائلية، والتواصل مع ذويهم المهجّرين من بيوتهم.
ومنذ بدء العدوان، دأبت أسر تونسية على احتضان الطلاب الفلسطينيين بهدف مساعدتهم على تخطّى الوضع النفسي الصعب الذي يمرون به بسبب ما يعانيه أهلهم. وتقول زهراء مغيربي (46 عاماً) إن "العيد كان مختلفاً بالنسبة لأسرتها التي استقبلت طالبة فلسطينية تدرس في كلية الحقوق مع إحدى بناتها". وتوضح في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "ابنتها أصرت على استضافة زميلتها الغزية خلال إجازة عيد الفطر حتى لا تشعر بفقدان عائلتها التي اضطرت للنزوح إلى رفح جراء العدوان"، مؤكدة أن الأسرة "رحّبت بهذه الفكرة واستعدت لاستقبال الطالبة الفلسطينية في أحسن الظروف". تتابع: "حاولت إعداد أصناف من الكعك الفلسطيني وطبق الفتة أيضاً، واستعنت بوصفات من موقع يوتيوب، لتشعر ضيفتنا أنها بين عائلتها في هذه المناسبة".
وتوضح مغيربي أن "مشاركة الطلاب الفلسطينيين العيد هو شكل من أشكال التضامن في المحنة التي تمر بها غزة". وبحسب بيانات رسمية من سفارة دولة فلسطين في تونس، يدرس في الجامعات التونسية 550 طالباً فلسطينياً، من بينهم 200 طالب من قطاع غزة. ويدرس 90 في المائة من الطلاب الفلسطينيين المسجلين في الجامعات التونسية الحكومية، في إطار المنح التي تقدمها تونس للطلاب الفلسطينيين.
ويجد الطلاب الفلسطينيون في وقفة عائلات تونسية دعماً مهماً في الأعياد والمناسبات الدينية التي يزيد فيها الحنين إلى بيوتهم وذويهم، كما يؤكد الطالب محمد أبو مسلم، الذي يقضي سابع عيد فطر بعيداً عن عائلته. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه "تلقى دعوات عديدة من أسر زملاء له في الدراسة وعائلات فلسطينية مقيمة في تونس من أجل مشاركتهم عيد الفطر"، مشيراً إلى أن "الاهتمام بأوضاع الطلاب من أبناء بلده زاد منذ بدء العدوان على غزة".
ويفيد أبو مسلم، الذي جاء للدراسة في تونس قبل سبع سنوات، بأن "العيد هذا العام مختلف. سابقاً، كانت أجواء الفرحة بالفطر تعمّ بيته رغم بعده عن أهله، لكن الوضع مختلف هذا العام بعدما بددت الحرب فرحة الفلسطينيين في الداخل والخارج". وعلى الرغم من حالة الحزن التي تخيّم على الفلسطينيين بسبب ما يشهده قطاع غزة، يقول أبو مسلم إن "الاهتمام الذي يحصلون عليه من أسر تونسية يسعدهم كثيراً"، مضيفاً: "يعود أصدقاؤنا التونسيون ممن يقضون إجازة العيد مع أسرهم في المحافظات الداخلية محملين بأطباق الحلويات التونسية والملوخية التي تعدها الأمهات خصيصاً لنا".
ويؤكد أن "الطلاب الفلسطينيين يحاولون صنع أجواء العيد الخاصة بهم وإعداد الأطباق الفلسطينية الخاصة بالعيد، ومنها الكعك المحشو بالتمر والمنكّه بدقّة العيد وأطباق السمك الفسيخ والفتّة التي تعد بعد رمضان مباشرة في غالبية المحافظات الفلسطينية".
ويقول أبو مسلم الذي عاش أعياداً سابقة في تونس: "العيد هذا العام هو الأصعب في حياتي في ظل استمرار العدوان واضطرار أهلي للنزوح أكثر من مرة بحثاً عن مكان آمن".
ومنذ الأسابيع الأولى لبدء العدوان على غزة، أطلق ناشطون في تونس مبادرات لتوفير الدعم لصالح الطلاب الفلسطينيين، لا سيما القادمين من غزة، الذين تضرر أهلهم جراء القصف الإسرائيلي على المنطقة منذ بدء عملية طوفان الأقصى".
وتهدف المبادرة المدنية التي أطلق عليها اسم "صندوق الطالب" إلى جمع التبرعات والتكفل بالطلاب الذين يواصلون تعليمهم العالي في الجامعات التونسية، والمهددين بتوقف تحويلات عائلاتهم نتيجة الشلل التام الذي أصاب القطاع.
وتقدر حاجيات الطالب الواحد من المصاريف الشهرية ما بين 200 و250 دولاراً، وكانوا بغالبيتهم يتلقون تحويلات شهرية من عائلاتهم في قطاع غزة قبل بدء العدوان، بالإضافة إلى المنحة الجامعية التي يتمتعون بها من تونس. ويقول رئيس جمعية الصداقة التونسية الفلسطينية وليد نحّال إن "مبادرات دعم الطلاب الفلسطينيين، سواء في الأعياد أو خارجها، تشكل دعماً مهماً لهم".
ويؤكد نحّال لـ "العربي الجديد" أن "اهتمام العائلات بالطلاب يخفف الأعباء عن المنظمات المدنية التي توجه جهدها بالكامل منذ مدة لتوفير المساعدات لصالح الفلسطينيين المهجّرين من داخل القطاع، والذين يعانون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية صعبة" .
كما شكّلت سفارة فلسطين لجنة طوارئ لدعم الطلاب ومتابعة وضعهم المالي والنفسي، مشيراً إلى أن "جل الطلاب يمرون بوضع نفسي صعب نتيجة العدوان، لا سيما الغزيون الذين فقدوا أهاليهم أو تضررت أسرهم جراء القصف أو خسروا بيوتهم وأرزاقهم".