أفادت منظمة "أطباء بلا حدود"، اليوم الجمعة، بأنّ حالة من الفوضى والرعب سادت على مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، إذ أجبرت عملية شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المستشفى موظّفي المنظمة على الفرار.
وقال الأمين العام لمنظمة "أطباء بلا حدود" كريستوفر لوكيير، في مقابلة أجرتها معه وكالتا فرانس برس ورويترز، إنّ "الوضع كان فوضوياً وكارثياً". وأكد لوكيير أنّ في خلال العملية الإسرائيلية التي نُفّذت أمس الخميس، اضطرّ جميع العاملين في منظمة "أطباء بلا حدود" إلى الفرار من مجمع ناصر الطبي، لافتاً إلى أنّ أحد أفراد فريق المنظمة العامل في المستشفى ما زال مفقوداً. أضاف: "لا نعرف ما الذي حدث له (...) ونشعر بقلق عميق على سلامته".
أُجبر الطاقم الطبي التابع لأطباء بلا حدود على الفرار، تاركًا وراءه المرضى في المستشفى. هذا وأقامت القوات الإسرائيلية حاجز تفتيش للأشخاص عند مغادرتهم المجمع، واعتُقل أحد زملائنا عند نقطة التفتيش هذه. ندعو إلى الحفاظ على سلامته وحماية كرامته.
— منظمة أطباء بلا حدود (@msf_arabic) February 16, 2024
يُذكر أنّ منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية فقدت خمسة من أفرادها، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولا سيّما أنّ الاحتلال يستهدف الجميع ولم يوفّر في خلال 133 يوماً من العدوان الدامي لا عاملاً صحياً ولا طبيباً ولا مسعفاً.
وفي الأيام الأخيرة، اندلع قتال عنيف في محيط مجمع ناصر الطبي، أحد آخر المرافق الطبية الرئيسية التي ما زالت تعمل في القطاع الفلسطيني المحاصر والمستهدف. وأفاد الاحتلال الإسرائيلي بأنّ قواته تنفّذ "عملية دقيقة ومحدودة" في هذا المستشفى، مدّعياً أنّ "لدينا معلومات استخباراتية موثوقة من عدد من المصادر، بما في ذلك من الرهائن المفرج عنهم، تشير إلى أنّ حركة حماس احتجزت رهائن في مجمع ناصر الطبي في خانيونس، وأنّ جثثاً تعود لرهائننا قد تكون فيه".
The IDF has entered Nasser Hospital, one of the last functioning left in Gaza. It is the largest hospital in southern Gaza, where more than 1,500 people have been sheltering. @nadaabashir reports on the latest, with some images that are difficult to watch. pic.twitter.com/d7TBo8dSmk
— Christiane Amanpour (@amanpour) February 15, 2024
وبعد تنفيذ عمليتها الأخيرة، زعم الاحتلال الإسرائيلي أنّ قواته اعتقلت في مجمع ناصر الطبي أكثر من "20 إرهابياً" يُشتبه في تورّطهم في عملية "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر الماضي.
وتكثر الادّعاءات الإسرائيلية المشابهة، كلّما أراد الاحتلال تبرير استهدافه أحد المنشآت الطبية في قطاع غزة، من خلال حصارها وقصفها واقتحامها وتدميرها. ولعلّ التهم الأكثر شيوعاً تبقى "اختباء إرهابيين في المنشآت" أو "إقامة حركة حماس مقار قيادة في المنشآت أو تحتها" أو "وجود أنفاق في أسفل المنشآت"، إلى جانب أخرى ذات صلة.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت، في وقت سابق من اليوم الجمعة، وفاة خمسة فلسطينيين في مجمع ناصر الطبي بسبب انقطاع الأكسجين نتيجة توقّف مولّدات الكهرباء بعد اقتحامه من قبل القوات الإسرائيلية. وقد حمّلت الوزارة "الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية حياة المرضى والطواقم"، إذ إنّ "المجمع الطبي صار تحت سيطرته الكاملة الآن".
وعند سؤال الأمين العام لمنظمة "أطباء بلا حدود" عن تلك الوفيات، لم يتمكّن من تأكيد صحّة هذه المعلومات، لأنّ موظفي المنظمة فرّوا من مجمع ناصر الطبي. لكنّ لوكيير قال: "نعلم أنّ أفراداً قُتلوا وجُرحوا في الهجوم (الإسرائيلي على مجمع ناصر الطبي)، غير أنّنا لا نعرف عددهم".
وأكد لوكيير أنّ مشاهد الفوضى في مجمع ناصر الطبي سبق أن "سُجّلت مراراً وتكراراً في قطاع غزة في خلال الأشهر الأخيرة". وأوضح أنّ "منظمة أطباء بلا حدود عملت مع تسع مؤسسات صحية أُخليت كلها في خضمّ مثل هذه الفوضى".
وبيّن الأمين العام لمنظمة "أطباء بلا حدود" أنّ "مع تزايد الاحتياجات الإنسانية، انهارت القدرة على توفير الرعاية الصحية". وأقرّ بأنّ المساعدة المقدّمة لا تمثّل سوى "نقطة في بحر".
(فرانس برس، العربي الجديد)