منذ إعلان وزارة الصحة المصرية، استقبال دفعة من جرعات اللقاح الصيني لفيروس كورونا، تسود حالة من التخبط يفاقمها صمت وزارة الصحة لاحقًا عن خطوات التلقيح ومواعيده، إذ من المفترض أن تحصل عليه الأطقم الطبية أولًا باعتبارها الصفوف الأولى لمواجهة الجائحة.
وفي الحادي عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري، استقبلت مصر أولى شحنات لقاح فيروس كورونا المنتج من قبل المجموعة الصينية "سينوفارم"، هدية من دولة الإمارات، على أن يوزع مجانًا بأولوية الأطقم الطبية والعاملين في المستشفيات وللمصابين بالأمراض المزمنة، حسب ما أعلنته وزيرة الصحة والسكان المصرية، هالة زايد.
وشاركت مصر في التجارب السريرية ضمن التي أجريت تحت شعار "لأجل الإنسانية"، على لقاحين محتملين من إنتاج الشركتين الصينيتين "سينوفارم سي. إن. بي. جي" و"سينوفاك"، بالتعاون مع البحرين والأردن والإمارات، حيث تولت الحكومة والشركة الصينية الجانب العلمي في الإنتاج، بينما تولت شركة (G42) الإماراتية للرعاية الصحية، عنصر التمويل.
وخصصت وسائل إعلام مصرية وعربية، على مدار الأيام القليلة الماضية، حلقات خاصة عن اللقاح الصيني، وتناوله الضيوف في البرامج الحوارية بالنقد والتأييد، وسط صمت من نقابة الأطباء المصريين، التي أخيرًا أعلنت على لسان أمينها العام أسامة عبد الحي، أن النقابة ستصدر رأيها في ما يتعلق باللقاح الصيني لفيروس كورونا الذي حصلت عليه مصر قبل أيام، في اجتماع المجلس الجمعة القادم.
وأوضح عبد الحي، في مشاركته في أحد المؤتمرات العلمية الطبية عبر تطبيق "زووم" أنه من وجهة نظره الشخصية، وبعد تباحث مع المتخصصين وأساتذة الصدرية حول أنواع اللقاحات الموجودة حالياً سواء الصيني أو الأميركي تبين أن اللقاح الصيني لقاح تقليدي مثل أي لقاح تم التعود عليه (فهو فيروس ضعيف جداً ولا يستطيع التكاثر) لحث الجهاز المناعي على تكوين أجسام مضادة، ومن الناحية العلمية ليس هناك غبار على استعمال هذا اللقاح لأن له درجة أمان.
أما اللقاح الأميركي فهو يعمل بطريقة أخرى، حسب عبد الحي، الذي شرح أنه يشتغل بالتأثير على الحمض النووي حيث الجزء الخاص بخلايا الإنسان لحثها على تخليق أجسام مضادة لمساعدته في التعامل مع الفيروس، وهناك بعض القلق لدى علماء من التلاعب في الحمض النووي، ولهم الحق في هذا.
وتابع عبد الحي، أن اللقاح الذي استوردته مصر من الصين هو تقليدي وليس هناك أي خطورة منه وفي حالة الاتفاق على عدم خطورته فيجب إعطاؤه لكل أفراد الطاقم الطبي ثم كبار السن (ما فوق الـ70 عامًا) ثم أصحاب الأمراض المزمنة.
أما عن فرضه إجباريًا على الأطباء فقد قال: "هي مسألة تخضع لوجهات نظر ولحقوق الإنسان، ولكن هناك بعض الدول من أجل حماية مواطنيها تقوم بإجبارهم على أخذ بعض اللقاحات مثل شلل الأطفال أو غيره، لكن يجب على جميع أفراد الأطقم الطبية أخذ اللقاح وفي حالة اعتراض أحد منهم يجب أن يكون الامتناع على مسؤوليته الشخصية وتجب مناقشته فيه".
وجدد مطالبته لرئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بتفعيل قراراته السابقة باعتبار وفيات الفريق الطبي من ضحايا كورونا من الشهداء (ماديًا وليس أدبيًا فقط) بمساواتهم بشهداء العمليات الحربية في الجيش والشرطة وضمهم للقانون 16 لسنة 2018.
من جانبه، قال عضو مجلس نقابة الأطباء المصريين، إيهاب الطاهر، إن تخوف العديد من الأطباء من أخذ لقاح كورونا، نظرًا لعدم وجود أدلة علمية كافية على مدى فعالية أو أمان أي لقاح منهم على المدى المتوسط أو الطويل حتى الآن، حيث إن جميع التجارب السريرية كانت قصيرة الأمد، وبالتالي يتخوفون من احتمالات حدوث مضاعفات لا نعرفها بعد فترة من الزمن، بينما يوجد رأي آخر متحمس لأخذ اللقاح استنادًا لعدم إمكانية السيطرة على الوباء الذى يحصد أرواح الملايين بالعالم دون وجود لقاح فعال.
وعن رأيه الشخصي بشأن اللقاح، عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتب: "أرى بالطبع أن الرأي المتحفظ على اللقاح له وجاهته العلمية، حيث لا يستطيع أحد أن يدعى بداية أنه يعلم كل شيء عن الفيروس نفسه، وبالطبع لا يستطيع أحدنا أن يجزم بمعرفة مدى فعالية أو مضاعفات أي لقاح على المدى المتوسط أو الطويل. ولكن على الجانب الآخر، فأنا شخصيا أؤيد الرأي الذي يفضل المبادرة بأخذ اللقاح فور إتاحته، ببساطة لأنني أرى أن احتمال الإصابة بالمرض ومضاعفاته هو أعلى بكثير من احتمال حدوث مضاعفات مستقبلية من اللقاح. وبالتالي حماية لأسرتي وأهلي وأخيرا لنفسي فإنني سوف أبادر بأخذ اللقاح فور إتاحته."
كذلك، كتبت عضو مجلس نقابة الأطباء المصريين سابقًا والنقابية منى مينا: "لست من مؤيدي الهجوم أو الدفاع عن اللقاح الصيني ولكني من مؤيدي الشفافية وإعلان نتائج الأبحاث بالتفصيل وبالأرقام قبل إصدار أي رأي علمي. أقدر أننا في أمس الحاجة للقاح.. فماذا نفعل؟".
وأجابت عن السؤال الذي طرحته وناقشته مع عدد كبير من الأطباء: "أولًا..المفروض هو أن نتيح كل المعلومات الخاصة بنتائج المرحلة الثالثة بالتفصيل وبالأرقام، ليتاح لنا تقييم مستوى أمان اللقاح على المدى القصير على الأقل، حيث إنه لا يمكن أن تتوافر أي بيانات عن أمان أي لقاح على المدى المتوسط أو الطويل لأن عمر التجارب كلها بضعة شهور. ثانيًا.. يجب ترك أخذ اللقاح اختياريًا، لأننا ما زلنا في مرحلة التجارب الإكلينيكية الواسعة لاختبار أمان اللقاح على المدى القصير وليس على المدى المتوسط أو البعيد، ونعود هنا لتذكيرالمسؤولين بتوصية منظمة الصحة العالمية بأن الالتزام بالكمامة والتباعد الاجتماعي وغسل اليدين هو أقوى لقاح يؤكده ويضمنه العلم حتى الآن."
وسجلت نقابة الأطباء المصريين، أكثر من 236 حالة وفاة بفيروس كورونا "كوفيد-19" منذ إعلان الوباء في مصر في منتصف فبراير/شباط الماضي، وحتى منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، فضلًا عن آلاف الإصابات بالفيروس.