- قصص مثل قصة محمد حامد خان وحسيب الله سالنكي تبرز الأزمة الإنسانية الناتجة عن القيود الحدودية، حيث أصبح من الصعب على الأفغان الحصول على الرعاية الطبية الضرورية في باكستان، مما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم الصحية.
- حكومة طالبان تسعى لتأسيس أول مستشفى خاص لعلاج السرطان في أفغانستان وتدعو المجتمع الدولي للمساعدة، في محاولة لتقليل الاعتماد على الخدمات الصحية الخارجية وتوفير الرعاية المتخصصة داخل البلاد.
معاناة كبيرة يواجهها المرضى الأفغان، وخصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة أو المستعصية، في ظل عدم قدرتهم على التوجه إلى باكستان للعلاج كما جرت العادة.
كثيراً ما جرى التداول عن وحدة الشعبين الأفغاني والباكستاني بحكم العلاقات الدينية والاجتماعية والاقتصادية التي تربط البلدين. وقيل أيضاً إنه لا يمكن للأفغان الاستغناء عن باكستان، لا سيما أن الحرب دمّرت كل شيء في بلادهم، وبالتالي هم بحاجة إلى باكستان في مختلف جوانب الحياة. لكن العلاقات السياسية توترت بين البلدين، وفُرضت إجراءات صعبة للتنقل على الحدود بين الجارتين.
وأكثر ما يحتاجه الأفغان في الوقت الحالي هو الحصول على العلاج في المستشفيات الباكستانية، وتحديداً أصحاب الأمراض المزمنة، كمرضى السرطان والسل. واعتاد آلاف الأفغان على تلقي العلاج في المستشفيات الباكستانية سنوياً. لكن في الفترة الأخيرة، وبعدما غيرت إسلام أباد سياساتها إزاء اللاجئين الأفغان، بات هؤلاء يعانون أشد أنواع المعاناة. كان بعضهم يعيش في باكستان كلاجئ، فيما يقصد آخرون البلاد لتلقي العلاج. لكن باكستان قررت ترحيل اللاجئين الأفغان، فيما أصبحت الإجراءات شديدة للغاية على الحدود، ما يحول دون قدوم الأفغان للعلاج.
ويقول محمد حامد خان، وهو أحد سكان ولاية لوجر المجاورة للعاصمة الأفغانية كابول، والذي يعاني والده من سرطان الكبد منذ حوالي ستة أشهر، لـ"العربي الجديد": "كان أبي يعاني من أوجاع في المعدة. أخذته مرات عدة إلى باكستان للعلاج. وفي المرة الأخيرة، شخّص بالإصابة بسرطان الكبد. أخذته إلى مستشفى شوكت خانم المعروفة في باكستان، لكنهم رفضوا استقباله. نقلته إلى مستشفى خاص في مدينة بيشاور، وكان وضعه الصحي مقبولاً. عدنا إلى أفغانستان على أن نبقى شهراً قبل معاودة العلاج، لكننا لم نحصل على تأشيرة دخول. في الوقت الحالي، يعاني أبي آلاماً حادة، ويخبرني الأطباء الذين أتواصل معهم بضرورة قدومه لفحصه ومواصلة العلاج. لكن الإجراءات الصعبة تمنعنا من الذهاب إلى باكستان".
الأمر نفسه ينسحب على حسيب الله سالنكي، الذي أصيبت والدته بسرطان الرحم، وكانت تتلقى العلاج في باكستان، وتحسنت إلى حد كبير بعد استئصال الورم، لكنها تحتاج إلى الحصول على علاج كيميائي، إلا أن الإجراءات على الحدود وتشديد السلطات الباكستانية عرقل علاجها.
يقول حسيب الله سالنكي لـ"العربي الجديد": "لم أعان طوال حياتي كما أعاني اليوم. والدتي مصابة بالسرطان. أخذناها مرتين إلى باكستان. في المرة الأولى، شُخصت بالإصابة بمرض السرطان، وأعطانا الأطباء علاجاً لمدة ثلاثة أشهر، وخضعت لعملية جراحية في المرة الثانية، على أن يتبع ذلك علاج كيميائي. حصلنا على العلاج وخضعت له في أفغانستان على مدى شهرين. لكننا لم نحصل على تأشيرة لمتابعة العلاج غير المتوفر في أفغانستان. سابقاً، كان يمكننا التوجه إلى باكستان بسهولة وعلاج والدتنا. جميع أفراد الأسرة يعانون من أجلها، ونحن مستعدون لدفع كل ما نملك من مال حتى تتعافى. لكن كيف ذلك إذا لم نحصل على تأشيرة؟".
وتشير التقديرات إلى أنه يصاب بمرض السرطان سنوياً حوالي 20 ألف شخص في أفغانستان، ويتلقى حوالي 70 في المائة منهم العلاج في باكستان، وخصوصاً الذين يملكون المال. لكنهم في الوقت الحالي يعانون بسبب الإجراءات الباكستانية.
في هذا الإطار، عمدت حكومة طالبان إلى تأسيس أول مستشفى خاص لعلاج مرضى السرطان، وسبق ذلك مناشدتها التجار والأثرياء دعم المستشفى. وأبدى البعض استعداده للمساهمة، من بينهم التاجر الأفغاني الشهير ميرويس عزيزي، وصاحب مصرف العزيزي الخاص. لكن دعم التجار وحدهم لإنجاز مشروع مماثل لم يكن كافياً، ما جعل حكومة طالبان تناشد المجتمع الدولي للمساعدة في هذا الإطار.
إلى ذلك، يقول نائب رئيس الوزراء في حكومة طالبان المولوي عبد السلام حنفي: "ندعو البنك الدولي وكل المؤسسات المعنية بقطاع الصحة لمساعدة أفغانستان في تأسيس أول مجمع طبي لعلاج أمراض السرطان، باعتبار الأمر حاجة ملحة، كما أن الأفغان يعانون بسبب عدم وجود مستشفى لعلاج أمراض السرطان".
إلى ذلك، يقول وزير الصحة في حكومة طالبان قلندر عباد، في بيان له في الـ 28 من شهر مارس/ آذار الماضي: "إننا خصصنا مكاناً في ولاية خوست الجنوبية لتأسيس مجمع طبي يعالج أمراض السرطان، وقد وضعت الخطة ونحن بصدد تدشين المشروع".