أماني السيد عيسى سيرة تحد للإعاقة... تدير حياتها بإصبعين وتُلهم نساء إدلب

18 سبتمبر 2024
أماني السيد عيسى من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب، 18 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

لم تجد أماني السيد عيسى (32 عاما)، من مدينة إدلب، شمال غربي سورية، سبيلا للحياة سوى تحدي إعاقتها ومواجهة التنمر الذي تتعرض له منذ وُلدت بتشوه خَلْقي وضمور شديد في اليدين بإصبعين فقط، حتى باتت اليوم فتاة ملهمة لمئات النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة.

منذ كانت طفلة، تعتبر أماني السيد عيسى أن أكبر إنجاز لها على الصعيد الشخصي هو قدرتها على الإمساك بالقلم والكتابة بخط جميل، لمواجهتها تحديات كبيرة، إذ بدأت الكتابة بواسطة أصابع قدميها، هذه الطريقة بالكتابة صعبة للغاية، خاصة في أيام البرد، فقد كانت تخلع الحذاء وترمي الجوارب جانبا كي تستطيع التعلم مع أقرانها طلاب المرحلة الابتدائية. تقول أماني لـ"العربي الجديد": "في المرحلة الابتدائية كنت على يقين بأنني سأصل للمرحلة الجامعية وأنهيها، لذلك أصررت على إمساك القلم بإصبع واحد للكتابة حتى أتقنتها".

الصورة
أماني السيد عيسى من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب، 18 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

تضيف أماني: "حصل ما أردت، وصلت للمرحلة الجامعية، والتحقت بكلية الأدب العربي بجامعة إدلب، لكنني لم أنهِ دراستي بهذا الفرع بسبب الحرب التي ابعدتني عن التعليم مدة ثلاثة أعوام، حتى تمكنت من العودة لكن لفرع آخر، درست في معهد إدارة أعمال وتخرجت منه بمعدل جيد جدا".

أماني السيد عيسى .. ملهمة في مركز ملهم للنطق

أماني حاليا متطوعة في "مركز ملهم للنطق وتأهيل ذوي الإعاقة" التابع لفريق ملهم التطوعي في مدينة إدلب، المركز الذي يعتمد كثيراً على أماني وطموحها وتجربتها الشخصية، لتأهيل ذوي الإعاقة والسعي لدمجهم في المجتمع. تُبين أماني في حديثها لـ"العربي الجديد" قائلة: "اخترت العمل في هذا المركز لحبي الشديد للتعامل مع ذوي الإعاقة، لإيصال رسالتي لهم جميعا بأننا قادرون على الوصول لأهدافنا بالعمل والجد، ويجب أن نتخطى العوائق والمصاعب".

الصورة
أماني السيد عيسى من ذوي الاحتياجات الخاصة في إدلب، 18 سبتمبر 2024 (العربي الجديد)

أمنيات أماني وطموحاتها على الصعيد الشخصي لا تتوقف، تتغير في كل مرحلة ومحطة في حياتها، وهي حاليا تحلم بدراسة فرع الإرشاد النفسي، لكن حلمها الأكبر، كما توضح، هو "نيل جميع ذوي الإعاقة حقوقهم كاملة، سواء في التعليم أو الوظائف، ورؤيتهم في الجامعات والمؤسسات والمنظمات".
عشرات الأشخاص من ذوي الإعاقة في إدلب تغلبوا على إعاقتهم واندمجوا في مجتمعهم، منهم من عاد للتعليم، ومنهم من مارس مهنة يدوية حسب حالته وإمكاناته، بفضل تشجيع أماني ومساعدتهم بكافة أشكال المساعدة، وهذا ما يشعر أماني بالفخر ويدفعها للاستمرار لتحقيق حلمها الأكبر.

إصرار أماني وعزيمتها وحبها وتفاؤلها بالحياة يمكن لأي شخص يعرفها رؤيتها فيها، لكن ما لا يعرفه معظمهم أن أماني بإصبعين فقط ربة منزل جيدة، ترعى أمها المصابة بمرض التهاب الفقرات اللاصق بعد وفاة والدها وزواج اختيها، كما تقوم بالمهام المنزلية من طهي الطعام وتنظيف المنزل وغسل الملابس، حتى أنها تعيل نفسها وأمها بالمصروف دون مساعدة أحد، وهو ما قد لا يقدر كثيرون على القيام به في زمن الحرب.

المساهمون