فيما تشهد مناطق مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية احتجاجات على قرار المحكمة العليا الأميركية الصادر في 24 يونيو/ حزيران الماضي، حول إلغاء الحق في الإجهاض على مستوى البلاد، رجحت العديد من التقارير إمكانية ارتفاع الطلب على حبوب الإجهاض، وخصوصاً أنها تباع عبر الإنترنت من دون أية رقابة مسبقة، الأمر الذي يقوّض عملياً قرار المحكمة.
وتشهد البلاد جدالاً حول إمكانية اعتماد الإجهاض الدوائي بين مؤيد ومعارض ومدى قانونية هذا الإجراء، مع الإشارة إلى أن الجمعيات المعنية بحماية حقوق النساء تسعى جاهدة إلى تقديم الرعاية الصحية للراغبات بالإجهاض من خلال استخدام الحبوب.
وترى كاتي واتسون، وهي باحثة دستورية وخبيرة في أخلاقيات الطب في كلية الطب بجامعة "نورث وسترن فاينبيرغ" في شيكاغو، بحسب ما نقلته عنها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن تباين المواقف من الإجهاض الدوائي سيجعل من الصعب فرض حظر على الأدوية، مشيرة إلى أن 19 ولاية فرضت قيوداً على الإجهاض الدوائي. إلا أن هذا الحظر غير فعال طالما يمكن للنساء السفر إلى ولايات تسمح باستخدام هذه الحبوب، أو من خلال الإنترنت.
خلال فترة تفشي فيروس كورونا الجديد وفرض التباعد الاجتماعي، أتاحت السلطات الأميركية التحدث مع الأطباء من خلال الإنترنت والحصول على حبوب الإجهاض. حتى أنه يمكن لبعض المراكز الطبية تسليمها للراغبات من خلال البريد، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً لقرارات المحكمة العليا.
وتسعى المنظمات المدافعة عن حقوق النساء إلى توسيع نطاق عملها لدعم الحق في الإجهاض الدوائي. وأعلنت مديرة منظمة "Just the pill" الصحية جولي أمون (عملت المنظمة منذ عام 2020 على تقديم أكثر من 2500 استشارة طبية عن بعد لتزويد النساء بحبوب الإجهاض عبر البريد في ولايات كولورادو ومينيسوتا ومونتانا ووايومنغ)، عن اعتماد نظام جديد لمساندتهن من خلال تأمين عيادات متنقلة. هذه العيادات ستكون موجودة على حدود ولاية كولورادو لتقديم الاستشارات لعمليات الإجهاض الدوائي وتوزيع حبوب الإجهاض. وترى أن العمل على الحدود سيساهم في تخفيف أعباء السفر على المرضى في الولايات التي تفرض قيوداً على الإجهاض الدوائي.
من جهتها، تسعى منظمة "Hey Jane" غير الربحية والتي تعنى بالإجهاض، والتي قدمت المشورة لأكثر من عشرة آلاف امرأة في ولايات كاليفورنيا وكولورادو وإلينوي ونيو مكسيكو ونيويورك وواشنطن، إلى توسيع نطاق عملها. ويؤكد الرئيس التنفيذي للجمعية كيكي فريدمان أن المنظمة زادت فريقها لاستيعاب الطلبات المرتفعة للحصول على حبوب الإجهاض.
مواجهة علنية
وتحاول المجموعات المناهضة للإجهاض مواجهة الإجهاض الدوائي من خلال الادعاء بأنه غير آمن، واصفة إياه بـ "الإجهاض الكيميائي". ويصف نائب رئيس تحليل البيانات في معهد "Charlotte Lozier" حبوب الإجهاض بأنها تمثل "تهديداً خطيراً للصحة العامة". وبحسب التقارير الصحية، لم يثبت حتى الآن أن لاستخدام حبوب الإجهاض انعكاسات خطيرة.
عندما بدأت الولايات المحافظة إصدار المزيد من القوانين التي تقيد الوصول إلى عمليات الإجهاض الجراحية، اختارت النساء اللجوء إلى حبوب الإجهاض، وخصوصاً أنه يمكن تناولها في المنزل. وتسعى بعض الجمعيات إلى التوقف عن تصدير الحبوب إلى الولايات المتحدة.
وأفادت منظمة "Aid Access" الأوروبية المعنية بمساعدة المرضى التوقف عن إرسال الحبوب عبر البريد إلى الولايات المتحدة، إلا أن ضبط الأمر قد يكون صعباً ومستحيلاً.
وفي وقت سابق، أعلنت أستاذة القانون في جامعة كاليفورنيا في مقاطعة ديفيس (كاليفورنيا) ماري زيغلر، أنه قد تكون هناك محاولات من قبل الدول التي تحظر الإجهاض لمقاضاة الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية الآخرين في الولايات الأخرى الذين يقدمون على عمليات الإجهاض، لكن قراراتهم ليست فعالة حتى الآن.
كيف يتم الإجهاض الدوائي؟
يوجد نوعان من الحبوب يتم تناولهما بحسب توجيهات الطبيب. الأول وهي الميفيبريستون، تمنع هرمون البروجسترون في الجسم، وهو الهرمون اللازم لنمو الحمل بشكل طبيعي. وبعد مرور ساعتين، تتناول المرأة الميزوبروستول، والذي يتسبب في حدوث تقلصات ونزيف.
وتختار كثيرات الإجهاض الدوائي كونه أقل كلفة ويمنح المرأة حرية أكبر. وتشير تقارير إلى أن نصف عمليات الإجهاض يتم من خلال استخدام الأدوية. وتنظم القوانين الأميركية إمكانية استخدام هذه الأدوية. ففي العام 2000، وافقت إدارة الدواء والغذاء الأميركية (FDA) على تناول عقار الميفيبريستون. وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، ارتفع الطلب اليومي على حبوب الإجهاض في الأيام القليلة الماضية، إذ رصدت منظمة "Just the pill" المعنية بمساعدة النساء للحصول على الحبوب، ارتفاع الطلب بنحو أربعة أضعاف العدد اليومي المعتاد، وجاءت الطلبات من المرضى في ولاية تكساس وولايات أخرى أوقفت عمليات الإجهاض بسرعة بعد حكم المحكمة.