أوضاع مأساوية للسودانيين الفارين من العنف القبلي في النيل الأزرق

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
19 يوليو 2022
سودانيون فارون من العنف القبلي بالنيل الأزرق يروون حكايتهم
+ الخط -

يواجه آلاف النازحين الفارين من جحيم العنف القبلي في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، أوضاعاً مأساوية نتيجة نقص الغذاء والمياه واللباس والأمن.

ومنذ مطلع الأسبوع الماضي، هرب الآلاف من مناطق النزاع القبلي بين قبيلتَي الهوسا والبرتا، خوفاً على حياتهم، وقد وصلوا بمعظمهم إلى مدينة الدمازين، مركز الإقليم بحثاً عن الأمن والأمان.

وتوزّع هؤلاء في مخيّمات تقع شمالي المدينة أو لجأوا إلى مدارس حكومية، منها مدرسة الجيش ومدرسة الخنساء في وسط المدينة على الرغم من الخدمات الرديئة.

وقُتل في أحداث العنف، بحسب ما أفادت البيانات الحكومية الأخيرة، ما لا يقلّ عن 79 شخصاً، فيما أُصيب نحو 200 آخرين بجروح، في حين أنّ التوتر ما زال يسيطر على عدد من المناطق.

وبحسب شهود عيان تحدّثوا إلى "العربي الجديد" عبر الهاتف من الدمازين، فإنّ النازحين يعانون من نقص في إمدادات الغذاء والمياه الصالحة للشرب والكساء، ويحتاجون بشكل عاجل إلى حماية أمنية، خصوصاً في ظلّ الظروف الحالية التي يسودها التوتّر.

يقول أحمد إدريس، وهو من هؤلاء الذين تطوّعوا لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين، إنّ "الوضع الحالي يفوق إمكانيات الحكومة المحلية والحكومة المركزية، وكذلك المبادرات الخيرية والتطوعية، وما تأتي به منظمات المجتمع المدني في الإقليم"، موضحاً أنّه "يتطلّب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا سيّما أنّ النازحين بمعظمهم من كبار السنّ والنساء والأطفال الذين نزحوا من الروصيرص وقنيص وغيرهما".

يضيف إدريس أنّ "المجتمع المحلّي تبنّى مبادرات سريعة لتقديم الغذاء للنازحين، ساهم فيها تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات والأساتذة والخيّرون، لكنّها لم تؤثّر كثيراً على الوضع الإنساني، وما يصل لا يكفي"، محذّراً من تدهور الوضع الصحي لهؤلاء النازحين "مع قلّة الكوادر الطبية المتفرّغة للمساعدة وضعف إمكانياتها".

وبحسب متابعات "العربي الجديد"، فإنّ أعداداً أخرى من النازحين وصلت في رحلات مليئة بالمخاطر إلى مدن أخرى في ولاية سنار (جنوب شرق)، مثل سنجة وسنار وود النيل وغيرها، وهم يواجهون المصاعب الإنسانية نفسها.

في مدينة سنجة، تبنّت لجان المقاومة السودانية ومنظمات نسوية ومتبرعون حملة لإعداد ثلاث وجبات للنازحين. وفي مخيّم ود النيل، قرّر مجلس حكومة ولاية سنار تقديم مساعدات طارئة غذائية وصحية.

يقول النازح أحمد محمد إبراهيم، الذي وصل قبل يومَين إلى مدينة سنجة من بين أفراد 29 أسرة، لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع لم يكن يُطاق في كلّ إقليم النيل الأزرق، حتى في مدينة الدمازين. لذا كان من الأفضل أن نغادر". يضيف أنّه "في طريق مغادرتنا، تعرّضت العربة التي تقلّني ومن معي لاعتداءات بالأسلحة البيضاء، على أساس الهوية القبلية. لكنّنا نجونا بفضل سائق العربة، علماً أنّ ثلاث نساء أُصبنَ" بالهجوم.

من جهتها، تقول نازحة فضّلت عدم الكشف عن هويتها لـ"العربي الجديد" إنّها وصلت إلى المدينة "بعد رحلة طويلة سيراً على الأقدام"، لافتة إلى أنّ "رفيقتي فقدت زوجها وتعرّض ابنها لإصابة بالغة نُقل على أثرها إلى الخرطوم لتلقّي العلاج، عدا الاعتداء عليها هي أيضاً". تضيف أنّه "مع تلك الأوضاع التي تتطلّب الحذر، تصعب علينا العودة مرّة أخرى إلى قرانا".

وكان مجلس السيادة السوداني قد وجّه، أمس الإثنين، على لسان عضو المجلس الفريق أوّل شمس الدين الكباشي، نداء إلى منظمات المجتمع المدني السودانية لتقديم المساعدات الإنسانية إلى المتضرّرين من أحداث إقليم النيل الأزرق.

ودعا الكباشي، خلال اجتماع للجنة الطوارئ الإنسانية بالقصر الرئاسي، إلى ضرورة "ضبط النفس وتحكيم صوت العقل وإعلاء روح التسامح ونبذ خطاب الكراهية والعنف"، مشدداً على أهمية الحوار وضرورة الاهتمام بقضايا الإقليم والتنمية المجتمعية.

ذات صلة

الصورة

سياسة

اقتحم عناصر من قوات الدعم السريع عدداً من منازل المدنيين في ولاية الجزيرة بشرق السودان أواخر الشهر الماضي، ونفذوا انتهاكات كبيرة بحق السكان.
الصورة
تخشى النساء على أجنتهن ومواليدهن الجدد (كارل كورت/ Getty)

مجتمع

تواجه النساء الحوامل النازحات إلى مراكز الإيواء المختلفة في لبنان خوفاً كبيراً في ظل غياب الفحوصات الدورية والاستشارات الطبية، ويقلقن على صحتهن وصحة أجنتهن.
الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
الصورة
يشاركون في أحد النشاطات (حسين بيضون)

مجتمع

يساهم الدعم النفسي والأنشطة الترفيهية التي تقيمها جمعيات للأطفال النازحين في جنوب لبنان في تخفيف الضغوط، رغم اشتياقهم إلى بيوتهم وقراهم.
المساهمون