يستمر التفاعل مع حادثة الإساءة لأسرة سنغالية وشتمها داخل "مترو" في مدينة إسطنبول التركية، أول أمس الأحد، وسط دعوات لإصدار قوانين صارمة في تركيا تقي مجتمعها وسلمها الأهلي وتحمي السياح واللاجئين.
وكانت أسرة مواطن سنغالي قد تعرضت لشتائم واعتداءات لفظية ومضايقات من قبل مواطن تركي أثناء ركوب أفرادها مترو "يني كابي-حجي عثمان" في إسطنبول.
وأظهر مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي مواطناً تركياً وهو يشتم باللغتين التركية والإنكليزية الأسرة السنغالية، ويطالب أفرادها بالرحيل من تركيا والعودة إلى أفريقيا، قائلاً "تركيا ليست لكم ولأمثالكم".
ويوثق التسجيل المصوّر علامات الخوف على وجه رب العائلة السنغالي واسمه داوود، كما جرى تداوله عبر وسائل الإعلام، بسبب مواصلة المواطن التركي هجومه موجهاً له الشتائم، دون اكتراث الموجودين واكتفاء البعض منهم بالضحك.
ولاقى المقطع انتشاراً وامتعاضاً ما دفع وزير الداخلية التركي سليمان صويلو لزيارة عائلة داوود، أمس الاثنين، بعد توقيف الشرطة المواطن المعتدي والتحقيق معه، بحسب ما أوردته وسائل إعلام تركية، بتهمة "التحريض على الكراهية والعنصرية والتمييز وتهديد السلم الأهلي".
وأعرب وزير الداخلية التركي، بحسب فيديو نشره على حسابه في "تويتر"، عن حزنه الشديد للسلوك ضد الأسرة السنغالية التي تعيش في تركيا منذ 11 عاماً، مكرراً القول "نحن لا نقبل هذا السلوك".
ورأى أنّ تلك الإساءات التي يوجهها عنصريون، "إنما الهدف منها حكومة العدالة والتنمية وليس اللاجئين والنازحين فقط"، متوجهاً للمواطن السنغالي بالقول "غضبهم ليس ضدك، بل ضدنا"، متمنياً لأسرته "الإقامة الطيبة في تركيا والشفاء"، بعدما قدّم هدايا لطفلتي داوود: رقية وفاطمة، وأخذ إلى جانب الأسرة صوراً تذكارية نشرتها وسائل إعلام تركية.
Senegalli Davut
— Süleyman Soylu (@suleymansoylu) July 10, 2022
Tertemiz bir insan...
Eşi, kızları Rukiye ve Fatma, metroda uğradıkları ırkçı saldırıya çok üzülmüşler...
Biz, Müslümanız.
Bizde yabancı düşmanlığı olmaz, olamaz; bunu reddederiz.
Siyasete alet edecekler diye boynumuzu eğmedik, eğmeyiz... pic.twitter.com/CyGkr6mC9q
وتوسعت حالات التنمر والعنصرية في تركيا، أخيراً، إذ أوردت صحيفة "يني شفق"، نهاية مايو/أيار الماضي، تفاصيل حادثة تنمر واعتداء عنصري لفظي من مسن تركي ضد أفراد عائلة عربية وشتمهم في مترو "مرمراي" بإسطنبول، ما أخاف الأسرة وسط بكاء الأطفال، بعدما رفض المسن التركي الإفساح لأفرادها بالجلوس.
وتطورت حالات العنصرية والكراهية ببعض الولايات التركية، لتصل حدود الجرائم، إذ لاقى غير سوري حتفهم جراء التحريض، ففي منتصف يونيو/حزيران الماضي، قتل شاب تركي السوري سلطان جبنة (21 سنة)، في ساحة تقسيم بعد مرور أقل من شهر على مقتل السوري شريف الأحمد في منطقة باغجلار بإسطنبول، والاعتداء على المسنة ليلى دعاس (70 عاماً)، بولاية غازي عنتاب.
ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين في تركيا غزوان قرنفل إنّ "حالات العنصرية موجودة في كل المجتمعات، وإن بنسب متفاوتة، وليس من مهامنا كلاجئين أن نعالج هذا الأمر في المجتمعات المضيفة، لأنّ تلك مهمة الدولة بموجب سلطتها وقوانينها، وعبر الأدوات القانونية والتربوية والتوعوية والمجتمعية، لأنها بذلك تحصن مجتمعاتها في المقام الأول، وتسبغ الحماية التي التزمت بها على من لاذوا إليها في المقام الثاني، وهذا جزء من مسؤولياتها والتزاماتها القانونية الدولية".
ويضيف قرنفل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّه "يتعين على السلطات التركية تشريع وإصدار قانون تجريم العنصرية، بعدما باتت جلية مستويات العنف بدوافع عنصرية راح ضحيتها عشرات السوريين خلال السنوات الأربع الأخيرة، بينما مسارات العدالة وإنصاف هؤلاء الضحايا لا تزال طويلة ومتعرجة".
وتلفت الناشطة سلام محمد (43 عاماً)، وهي مدرسة سابقة تقيم بإسطنبول منذ سبعة أعوام وعانت من حالات تنمر، إلى أنّ "موجة الكراهية والعنصرية تزداد تفشياً في المجتمع التركي، بعدما بدأت أحزاب معارضة تزكيتها كما رأينا ونرى من رئيس حزب النصر أوميت أوزداغ، ورئيس بلدية بولو تانجو أوزجان، عبر تحريض الشارع على الغرباء بشكل عام والسوريين تحديداً لطردهم من تركيا، بعد تحميلهم أسباب الغلاء وسوء الوضع المعيشي للأتراك".
وتضيف محمد، متحدثة لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك عنصرية أو عدم قبول من مجتمعات كثيرة للاجئين، ولكن سيف القانون هناك يمنع التمادي أو الإساءة للسكان الجدد والجريمة، حتى في أوروبا نتابع حالات تنمر وكراهية، كما رأينا بألمانيا قبل يومين ضد لاجئ سوري، لكن العقوبات في تلك الدول تمنع تفشي تلك الحالات من أن تتحول إلى ظاهرة للأسف كما نرى في تركيا"، مشيرة إلى ما وصفتها بـ"الحالة المؤلمة التي تعرضت لها الأسرة السنغالية بميترو إسطنبول قبل يومين".
وتشهد تركيا تصاعداً لنبرة الأصوات المناهضة للأجانب ولا سيما اللاجئين السوريين، وبشكل خاص من قِبل الأحزاب المعارضة، التي باتت تتخذ منهم ورقة ضغط على الحكومة ووسيلة للتأثير على الرأي العام، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في البلاد في منتصف عام 2023.
وسبق لزعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كليجدار أوغلو أن أعلن أنّ حزبه سيعمل على إرسال اللاجئين إلى بلادهم بإرادتهم في حال وصوله إلى السلطة، كما أطلق رئيس حزب "النصر" المعارض أوميت أوزداغ تصريحات عنصرية ضد اللاجئين السوريين، طاولت أيضاً كل مواطن تركي يريد بقاء السوريين في تركيا، واصفاً إياهم بـ"الخونة".
ولا يخفي أوزداغ حقده على اللاجئين السوريين، بل قال، في مقابلة تلفزيونية: "إلى جهنم، إذا كنت تريد السوريين فاذهب معهم في الحال.. أنا لست عنصرياً، لكن لا أريد مشاركة وطني مع أحد"، ما دفع وزارة الداخلية التركية لتقديم دعوة جنائية ضد أوزداغ، بسبب تصريحاته العنصرية ضد اللاجئين، التي يطلقها عبر حساباته الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.