إضراب عام في الداخل الفلسطيني احتجاجاً على استفحال الجرائم

04 سبتمبر 2023
تظاهرة في حيفا ضد تكرار جرائم القتل (مصطفى الخروف/ الأناضول)
+ الخط -

يعم إضراب شامل المجتمع العربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، الثلاثاء، احتجاجاً على الجرائم العنيفة التي أدت إلى مقتل نحو 160 شخصاً منذ مطلع العام، في حصيلة غير مسبوقة قياساً بالفترة نفسها من العام الماضي، كما باتت الجرائم تستهدف مرشحين لانتخابات السلطات المحلية التي ستجري في أواخر الشهر المقبل.
وتكرر استهداف مطاعم ومحال تجارية، ما أدى إلى إصابات ووفيات، وطاولت رصاصات الغدر أخيراً، الفتى محمد مصطفى عربيد (14 سنة) من قرية كفر قرع، وزوج شقيقته فؤاد نبهان نصر الله من قلنسوة، وبعد ساعات قليلة، قُتل الشيخ سامي عبد اللطيف من  كفر قرع، وهو إمام مسجد وعضو حركة الدعوة والإصلاح، والذي شارك الآلاف في تشييع جثمانه، وأعقب الجنازة الضخمة تظاهرة كبيرة.
وبعد توالي الجرائم في مجتمع الداخل الفلسطيني، قررت لجنة المتابعة العليا إعلان الإضراب ضمن سلسلة خطوات احتجاجية، كما تنظم مساء الثلاثاء، تظاهرة في النقب، ضد استمرار مخططات الاقتلاع والهدم والتدمير والمصادرة، وضد استفحال الجرائم.
ودعت لجنة المتابعة في بيان، إلى الالتزام بالإضراب العام الذي أقرته في اجتماعها الطارئ يوم الأحد الماضي، في كفر قرع، على ضوء "استمرار استفحال دائرة الجريمة والعنف في المجتمع العربي، والتواطؤ الحكومي المفضوح لجعل المجتمع يغرق في حالة الرعب والدم، ويحصي القتلى والمصابين. إضرابنا يجب أن يعكس الموقف الوطني الجماعي ضد الجريمة، ودعم الحكومة لها، من أجل وقف ما يجري، وضمان حياة آمنة ومستقبل أفضل لأبنائنا"، كما دعا البيان إلى "ضرورة تحويل التصدي للجريمة إلى انتفاضة شعبية من أجل الحياة، وتوجيه الأسهم إلى السلطة الإسرائيلية الغاشمة التي ترعى الجرائم، وتنظيم نشاطات شعبية في مختلف البلدات العربية".
يقول رئيس مجلس كفر قرع المحلي، فراس بدحي، لـ "العربي الجديد": "كل قيادي في المجتمع العربي مهدد بالقتل، والإضراب ليس الحل الأمثل، لكنه رسالة واضحة إلى شرطة إسرائيل التي تتقاعس عن مكافحة الجريمة. لا ديمقراطية ولا قانون في الدولة التي تتغنى بالديمقراطية والقانون. بل هناك سياسية ممنهجة ضد الجماهير العربية من قبل المؤسسة الإسرائيلية، فلا يُعقل أن يكون هناك 166 قتيلاً منذ مطلع العام، ولا يعقل أن الدولة تقف عاجزة أمام الجرائم، إنها سياسة ممنهجة. أعتقد أننا بحاجة إلى المطالبة بحماية دولية للمجتمع العربي في ظل عدم وجود أي جهة تحمينا".

تظاهرة أعقبت تشييع الشيخ سامي عبد اللطيف (أحمد غرابلي/فرانس برس)
تظاهرة أعقبت تشييع الشيخ سامي عبد اللطيف (أحمد غرابلي/فرانس برس)

وطفت على السطح خلال الآونة الأخيرة مسألة إعلان العصيان المدني، وترددت بين فئات شعبية وقيادية، لكن الفكرة التي يتكرر طرحها لم تنضج بعد. يقول عضو حركة الدعوة والإصلاح في الداخل، الشيخ محمود وتد، إن "الشيخ سامي عبد اللطيف كان من مؤسسي الحركة، وعلى لجنة المتابعة الارتقاء إلى مستوى ما يحصل في المجتمع العربي، وتصعيد الاحتجاجات وصولاً إلى العصيان المدني".
ويضيف وتد: "ادعاءات شرطة إسرائيل المتكررة بأنها تكافح الجريمة عارٍ عن الصحة، وجميعنا في المجتمع العربي نعيش حالة انفلات أمني وفوضى سلاح. لماذا تنعم البلدات اليهودية بالأمن بينما نحن نحترق بنار العنف والجريمة؟ ننتظر من يكون الرقم الجديد في مسلسل القتل، فقد أصبحنا مشروع جنائز نتساقط واحداً تلو الآخر. في السابق كانت هناك خطوات احتجاجية، لكنها لم تنتج حلولاً، لذلك أدعو لجنة المتابعة إلى أن تصعد مواقفها. أؤيد العصيان المدني حتى لا ننتظر القتيل التالي. لقد قتل اخيراً إمام مسجد يعمل في ميادين الإصلاح والدعوة، وقتل القيادات التي تقود إلى الخير والطمأنينة معناه قتل طمأنينة هذا الشعب".

بدوره، يقول رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، لـ "العربي الجديد"، إن "قضية العصيان المدني مركّبة، وتتطلب الكثير من التجهيزات، وصولاً إلى عدم تنفيذ القوانين أو دفع الضرائب. قمنا بإعلان حالة الطوارئ من أجل وضع ترتيب تصاعدي للوصول إلى العصيان المدني. هذا الأمر ليس هيناً، ويحتاج إلى كثير من التحضير، وسنجري في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، في ذكرى هبة القدس والأقصى، تقييماً أولياً، ونطلع الناس على التطورات، وإذا وصلنا تجاوب واسع، فسينعكس هذا على كافة تفاصيل الحياة".
وشهد المجتمع العربي في الداخل خلال العام الأخير، جرائم قتل متعددة تحدث بفارق ساعات، فضلاً عن إطلاق النار على مجموعات، مثلما حدث في قرية يافة الناصرة، حيث قُتل خمسة أشخاص في يونيو/ حزيران الماضي، كما شهدت قرية أبو سنان مقتل أربعة أشخاص بذات الطريقة في شهر أغسطس/ آب الماضي.

المساهمون