إعدامات مصر: 80 حكماً منفّذاً في نصف عام

03 اغسطس 2021
في مثل هذه المركبات يُنقل المحكومون بالإعدام (السيد الباز/ الأناضول)
+ الخط -

 

تعبّر منظمات عدّة تُعنى بحقوق الإنسان محلياً ودولياً عن قلقها إزاء واقع عقوبة الإعدام في مصر التي تُعَدّ الثالثة عالمياً لجهة تنفيذ مثل تلك العقوبات.

أصدرت محكمة طوارئ مصرية أحكاماً بالإعدام في حقّ 16 متهماً، ليرتفع عدد المحكوم عليهم بالإعدام في خلال النصف الأوّل من عام 2021 إلى 80 شخصاً. وقبل أيام، قضت محكمة جنايات إيتاي البارود في محافظة البحيرة في القضية رقم 303 لسنة 2015 حصر أمن الدولة العليا طوارئ المعروفة إعلامياً بقضية "تفجير الأتوبيس" في البحيرة، بإعدام جميع المتهمين في القضية والبالغ عددهم 16 متهماً، تسعة منهم حضورياً، إذ هم محبوسون وسبعة آخرون غيابياً، وذلك وسط صمت دولي كامل. ونظراً إلى الطبيعة الخاصة لأحكام محاكم أمن الدولة العليا طوارئ، فإنّ الأحكام الصادرة في حقّ المحبوسين التسعة هي نهائية وغير قابلة للطعن ولا الاستئناف، وواجبة التنفيذ بعد تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى عليها. يُذكر أنّه يحقّ لهؤلاء تقديم تظلم قبيل تصديق السيسي على الحكم، وتقديم التماس لإعادة النظر في الحكم في حال توفّر أدلة جديدة لم تكن معلومة وقت المحاكمة. أمّا أحكام الإعدام في حقّ المتهمين السبعة الباقين، فليست نهائية، إذ إنّه في حال اعتُقل أيّ منهم، تُعاد محاكمته من جديد في ما يُعرف بـ"إعادة الإجراءات".

كذلك نظرت المحكمة نفسها في قضية أخرى حملت رقم 2308 لسنة 2015 جنايات كلي وسط دمنهور (تابعة للقضاء المدنى الجنائي وليس الاستثنائي)، المعروفة إعلامياً بقضية "قتل أمين الشرطة"، علماً أنّ عدد المتهمين في القضية ثمانية. وقد قضت بإعدام خمسة منهم حضورياً، أمّا الثلاثة الآخرون فقد تمّت تصفيتهم في عام 2014 في الحادثة المعروفة بـ"شقة العجمي في الإسكندرية". بذلك يكون مجموع أحكام الإعدام الصادرة في خلال يومَين فقط 21 حكماً.

ومن خلال متابعة واقع الإعدامات في مصر في الأشهر الستة الأولى من عام 2021، توصّلت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إلى أنّ "السلطات المصرية مصرّة على الاستمرار في الاعتماد على عقوبة الإعدام، وهو ما يظهر في أحكامها في بعض الجرائم الجنائية، كما يظهر في التوسع في استخدامها للعقوبة في قضايا العنف السياسي والتي يتعرّض فيها المتهمون لانتهاكات تخلّ بحقوقهم المكفولة خلال فترة محاكمتهم".

ورصدت الجبهة المصرية إصدار محاكم الجنايات المدنية 157 حكماً بالإعدام في النصف الأوّل من العام الجاري، معظمها في قضايا جنائية. كذلك أيّدت محكمة النقض والطعون العسكرية أحكام الإعدام الصادرة في حقّ 39 شخصاً ما بين قضايا جنائية وأخرى على خلفية اتهامات بالعنف السياسي. وقد قامت السلطات في الفترة نفسها بتنفيذ أحكام إعدام في حقّ 80 شخصاً في 26 قضية، منهم 17 شخصاً في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "اقتحام قسم كرداسة" و63 شخصاً في 25 قضية جنائية. وقد أتت أحكام الإعدام بمعظمها فى مارس/ آذار وإبريل/ نيسان ويونيو/ حزيران الماضية. ففي مارس، نُفّذت أحكام إعدام في حقّ 30 شخصاً في أكثر من 14 قضية جنائية، وفي إبريل في حقّ 17 شخصاً في قضية سياسية (اقتحام قسم شرطة كرداسة)، وفي يونيو في حقّ 25 شخصاً فى خمس قضايا جنائية. وكان حكم بالإعدام قد نُفّذ في حقّ شخص واحد متّهم في قضية جنائية في يناير/ كانون الثاني، وأحكام أخرى في حقّ ستة أشخاص في أربع قضايا جنائية في فبراير/ شباط الماضي، وحكم في حقّ شخص واحد في قضية جنائية في مايو/ أيار الماضي.

كذلك أيّدت محكمة النقض حكمَي إعدام في حقّ شخصَين متّهمَين في قضايا جنائية في يناير، وحكمَين في حقّ شخصَين آخرَين متّهمَين فى قضيّتَين جنائيتَين في فبراير، وأحكاماً في حقّ 15 شخصاً في خمسة قضايا (سبعة أشخاص فى قضية سياسية وثمانية في أربع قضايا جنائية) في إبريل. كذلك أُيّدَت في يونيو أحكام إعدام في حقّ 20 شخصاً في ستّ قضايا (12 منهم في قضية واحدة سياسية، وهي قضية فضّ رابعة، والثمانية الآخرون في خمس قضايا جنائية).

وما زالت المحاكم المصرية مستمرّة في اللجوء إلى عقوبة الإعدام فى حكمها على جرائم كثيرة تصل إلى 105 جرائم نصّ عليها عدد من التشريعات المصرية، مثل قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته، وقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954، وحتى قانون مكافحة المخدّرات رقم 182 لسنة 1960.

الصورة
مصريون بعد تلقيهم خبر إعدام أقارب لهم (أحمد إسماعيل/ الأناضول)
تلقّوا للتوّ خبر تنفيذ عقوبة الإعدام بأحد أقاربهم (أحمد إسماعيل/ الأناضول)

يُذكر أنّ عقوبة الإعدام فى مصر تُطبّق في قضايا جرائم كثيرة وليس فقط الجرائم الخطرة، كذلك يُنتهك في الغالب حقّ المتهمين فى الحصول على محاكمة عادلة، علماً أنّ ذلك يُعَدّ إحدى الضمانات التي نصّت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية، خصوصاً فى القضايا التي يمكن فيها إصدار أحكام بالإعدام.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي تعنى بحقوق الإنسان قد كشفت، في تقريرها الأحدث الذي أصدرته في الأوّل من يونيو الماضي، أن "مئات من المصريين دينوا منذ عام 2014 بالإعدام، والذي نفِذ أيضاً في حقّ عشرات بعد محاكمات استندت إلى اعترافات انتزعت تحت التعذيب". وطالبت بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة، حتى درس إلغاء هذه العقوبة.

وباتت مصر في المركز الثالث عالمياً بين دول العالم على صعيد معدل تنفيذ حكم الإعدام خلال عام 2020، وفقًا لتقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في 21 إبريل الماضي، وأكدت فيه زيادة عدد عمليات الإعدام عام 2020 بمعدل ثلاثة أضعاف، مع استئثار إيران ومصر والعراق والسعودية بنسبة 88 في المائة منها، ما يعني أن أربع من أصل الدول الخمس الأولى المنفذة لأحكام الإعدام في العالم من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحدد التقرير عدد حالات الإعدام في إيران بأكثر من 246، ومصر بأكثر من 107، والعراق بأكثر من 45، والسعودية بأكثر من 27. لكنه لم يحتسب عددها في الصين التي يُعتقد بأنها تعدم الآلاف سنوياً، ما يجعلها الدولة الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام في العالم.

تشير بيانات حالة عقوبة الإعدام لعام 2020، وفقًا لما رصدته الجبهة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) وتحليلاتها، إلى أن المحاكمات في قضايا أسفرت عن أحكام بالإعدام شهدت إخلالاً سافراً بضمانات تحقيق العدالة، وبحقوق المتهمين التي يكفلها القانون والدستور في مصر، و"شمل ذلك 126 شخصاً نفِذت أحكام بإعدامهم العام الماضي. وهو رقم يزيد ضعفين عن العامين الماضيين، ويشكل وحده ثلث عدد الذين أعدموا منذ عام 2013، والبالغ 334".