يصعب أن يتناول أشخاص الطعام أحياناً بسبب الشعور بانتفاخ تظهر عوارضه غالباً من خلال تورم في اليدين والقدمين، إضافة إلى الوجه. ويعزو خبراء الصحة الانتفاخ عادة إلى احتباس الماء في جسم الإنسان، والذي يفسّره موقع الموسوعة الطبية الأميركية "هيلثلاين" بأنه "تراكم للسوائل في الأنسجة قد يؤدي إلى شعور المريض بتعب وضعف في اللياقة، وعدم القدرة على ممارسة أبسط الأنشطة بسهولة، أما الأسباب المرجحة فبينها الروتين اليومي، والخلل الوظيفي".
في العادة، يتراوح متوسط معدل الماء الموجود في جسم الإنسان بين 50 و60 في المائة من الوزن. وبالنسبة إلى النساء البالغات تتراوح هذه النسبة بين 45 و60 في المائة من إجمالي الجسم، والرجال بين 50 و65 في المائة. أما لدى الأطفال، فترتفع نسبة السوائل إلى أكثر من 70 في المائة، خصوصاً لدى الرضع، وتصل إلى 78 في المائة في العام الأول من حياة الطفل، ثم تنخفض إلى 65 في المائة بعد بلوغه العام الأول، وفق بيانات وفرتها دراسة نشرها موقع المسح الجيولوجي التابع للكونغرس الأميركي عام 2019. من هنا يدل وجود كميات من الماء في جسم الإنسان، بمعدلات أعلى من الطبيعي، على وجود خلل.
يقول اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي عادل بعاصيري لـ"العربي الجديد": "يتكون جسم الإنسان عادة من 50 إلى 60 في المائة من الماء. وعندما يحدث خلل في الأنسجة، يميل الجسم إلى الاحتفاظ بالماء، ما يتسبب في حدوث أورام في بعض الأعضاء، ويشعر حينها الشخص بانتفاخ في البطن أو المعدة، أو تورم في أعضاء مختلفة من جسم الإنسان". يضيف: "يشعر الفرد بثقل في حركته، وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة المعتادة. وتترافق عوارض الانتفاخ عادة مع بعض الأوجاع في المعدة، وكسل في أداء الجهاز الهضمي، لذا يسعى المريض إلى تناول أدوية وعقاقير تساعد في خروج الماء".
وتختلف الأسباب التي تؤدي إلى الاحتباس المائي بين شخص وآخر، ويحصرها بعاصيري بفئتين، أولاهما مرضية نتيجة خلل في بعض أعضاء الجسم، منها عدم قدرة الكلى على إخراج الماء بسهولة، أو بسبب أمراض معينة كضغط الدم، وحتى بسبب تناول بعض الأدوية. أما الفئة الثانية فيطلق عليها الانتفاخ العرضي الذي يحدث بسبب الجلوس فترات طويلة، أو بسبب تغييرات في النظام الغذائي. وتبعاً لهذا التصنيف، يمكن أن يشخص الطبيب المرض ويقدم العلاج.
من جهتها، لا تنفي اختصاصية التغذية فاطمة الخليل واقع أنّ مشكلة الاحتباس المائي تؤثر سلباً في صحة الشخص، ويمكن أن تتسبب في خلل بوزنه. وتقول لـ"العربي الجديد": "ينصح عادة لحل مشكلة احتباس الماء في الجسم بالحصول على نظام غذائي متوازن قليل الأملاح، ويعتمد في شكل أساسي على الخضار والألياف القادرة على إخراج الماء من الأنسجة". تضيف: "تناول أملاح كثيرة يضر أصلاً بصحة الإنسان، ويؤدي إلى حدوث أمراض عدة تترافق مع احتباس الماء، لذا يعد الاعتماد على نظام صحي قليل الأملاح عاملاً مهماً للوقاية من الكثير من الأمراض".
ووفق الخليل، يمكن أن يطبق المرضى الذين يشعرون بتكرار الانتفاخ نظاماً غذائياً صحياً متوازناً بعيداً من الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من السكريات، أو الأطعمة المعلبة أو اللحوم الاصطناعية، واستبدالها بتلك الطبيعية، وتناول كثير من الفاكهة مثل البطيخ والشمام، وما لا يقل عن 6 إلى 8 أكواب من الماء.
إلى ذلك، يرصد تقرير نشره موقع "هيلثلاين" الطبي الأميركي أدوات وأنشطة تساعد في إخراج الماء من جسم الإنسان، في حال كانت المشكلة عرضية، وبينها ممارسة الرياضة، إذ تشير التقارير إلى أن متوسط فقدان السوائل خلال ساعة واحدة من مزاولة تمرين رياضي تتراوح بين 16 و64 أوقية (0.5 و2 ليتر من الماء)، بحسب عوامل عدة مثل الحرارة والملابس ونوع النشاط الرياضي.
وتوضح أبحاث أن النوم 7 ساعات على الأقل يؤثر في الأعصاب الموجودة في الكلى التي تنظم عملية توازن الصوديوم والماء، ويساعد في إخراج كميات الماء الزائدة.
كذلك، يمكن أن يزيد الإجهاد طويل الأمد هرمون الكورتيزول الذي يؤثر بشكل مباشر على احتباس السوائل، باعتبار أنّ الإجهاد والكورتيزول يزيدان من الهرمون الذي يتحكم في توازن الماء بالجسم، والذي يعرف باسم الهرمون المضاد لإدرار البول أو (إي دي إش)، ويعمل عن طريق إرسال إشارات إلى الكلى لحبس الماء. وينصح بالتالي بتخفيف الإجهاد اليومي، وأخذ قسط من الراحة يومياً.
إلى ذلك، يعد تناول مكملات المغنيسيوم عاملاً أساسياً في خفض مستوى السوائل في الجسم. وأظهرت دراسات أجريت على النساء أنّ المغنيسيوم يمكن أن يقلل وزن الماء وأعراض الانتفاخ، خاصة في فترة ما قبل الحيض.
أيضاً، يمكن أن تساعد المشروبات التي تحتوي على كافيين، مثل القهوة والشاي، في درّ البول. وقد تناولت العديد من الدراسات التي أجريت على بعض الأشخاص أنّ الكافيين يمكن أن يساعد في زيادة إنتاج البول على المدى القصير، ويقلل وزن الماء.