افتتحت جمعية الهلال الأخضر السوري بالتعاون مع مديرية الصحة بأعزاز المصح المركزي الأول في الشمال السوري، أمس الاثنين، لمعالجة الإدمان على تناول المخدرات بأنواعها، الآفة الأكثر خطراً على صحة الأفراد والمجتمع.
وقال وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة مرام الشيخ لـ"العربي الجديد، إن "المركز هو بارقة أمل لمدمني المخدرات ممن ضل بهم السبيل، للعودة إلى أهلهم وحياتهم الطبيعية ليكونوا فاعلين مجدداً في المجتمع، معتبراً أن هؤلاء المدمنين هم ضحية لجهات هدفها إفساد المجتمع وتدميره والعبث في الأراضي المحررة عبرعمليات ممنهجة".
وأشار إلى أن المركز هو خطة في الطريق الصحيح للتصدي لظاهرة المخدرات في الشمال السوري، ولكنه ليس كافياً بمفرده للقضاء على هذه الآفة التي يتوجب أن يكون علاجها والقضاء عليها مهمة جماعية متكاملة، تشمل تكاتف الجهود بين جميع قطاعات المجتمع من أفراد ومؤسسات دينية وعسكرية وتعليمية، تبدأ من المناهج الدراسية عبر دروس التوعية من أخطار المخدرات، وتنتهي بتأمين فرص عمل والنهوض بالاقتصاد لمنع الشباب وهم الفئة المستهدفة بشكل كامل للوقوع في براثن التعاطي.
وعن الأعداد التي يتوقع استقبالها شهرياً في المركز، قال الطبيب حسان إبراهيم مدير صحة أعزاز وريفها، إن المركز سيخدم شهرياً بين 20- 30 مريضاً، وسيكون القبول فيه "إما بشكل طوعي لمن يرغب في ارتياد المركز والرغبة في العلاج من الإدمان، أو عن طريق تلقي البلاغات من الأهالي الراغبين بمعالجة أبنائهم من الإدمان وهنا نجد الطريقة المناسبة لاستقبالهم في المصح وعلاجهم"، مضيفاً أن هناك فرقاً متخصصة لعلاج المدمنين في المنازل وأخرى لعلاج المدمنين في السجون.
وأكد إبراهيم لـ"العربي الجديد" أن العلاج سيكون سريا بالكامل، وتتراوح مدة العلاج من 15- 20 يوماً كمعدل وسطي، وهناك متابعة بعد الشفاء للمريض عبر فرق تزوره في منزله تجنباً لعودته للإدمان مرة أخرى.
ولفت إلى وجود كوادر متخصصة في المصح تضم أطباء نفسيين وكوادر مدربة بكيفية التعامل مع المدمنين، وسيبدأ العلاج عبر تقييم كامل لصحة المريض ومعرفة نوع المواد المخدرة التي يتعاطاها عبر إجراء التحاليل المناسبة، ليكون بعد ذلك تحت إشراف طبيب يمنحه أدوية تعطي ذات تأثير المخدر وتعمل على سحب المخدر من الجسم بشكل تدريجي إلى أن يتماثل المدمن للشفاء التام.
وأوضح أن هناك تنسيقا كاملا مع كافة الجهات الأمنية لعلاج الإدمان عبر تضافر كافة الجهود العسكرية والأمنية والنيابة وفرق التوعية والإرشاد للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.
من جهته، قال مدير التوجيه المعنوي بالجيش الوطني حسن الدغيم لـ"العربي الجديد"، إن إدارة التوجيه المعنوي تتركز على عدة مسارات لمساندة مهام المصح عبر المؤسسة العسكرية والتعاون مع المؤسسات المدنية من حيث نشر التوعية بجميع وسائل التواصل الاجتماعي أو طباعة المنشورات أو إقامة الندوات والمحاضرات التي تحذر من ظاهرة الإدمان، ولفت هنا إلى ضرورة "التمييز بين التاجر والمروج الذي يعتبر عدوا ومجرما وبين المدمن الذي يعتبر ضحية يجب إنقاذها".
ولم يتردد الشاب علي، أحد متعاطي المخدرات في مدينة الباب، في قصد المركز فور افتتاحه لعلاج نفسه من الإدمان بعد مدة تعاطي طويلة. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه مدمن على تعاطي المخدرات منذ ثلاث سنوات، وكان يتوق للتوقف عن التعاطي لكنه لم يتنسى له ذلك إلا بعد افتتاح المصح الذي فتح أبوابه له ولأمثاله ممن ضعفوا وسارت بهم ظروفهم ورفاق السوء إلى الانحراف والإدمان، وينصح كل المتعاطين بقصد المصح واستدراك أنفسهم بأسرع وقت ممكن قبل أن يدمروا مجتمع بأكمله.
وتحوّلت سورية خلال سنوات الحرب إلى دولة تغرق بأنواع مختلفة من المخدرات الخطرة، إذ شمل هذا الواقع كلّ مناطقها، وتخطت المخدرات خطوط التماس بين القوى المسيطرة، وأصبحت معضلة حقيقية ينعكس أثرها السلبي الأكبر على كافة الفئات المجتمعية لا سيما فئة الشباب والمراهقين.