- صندوق الأمم المتحدة للسكان يشير إلى دمار عشرة مستشفيات في غزة، بما في ذلك مجمع ناصر الطبي، مع تأكيد على العوائق التي تحول دون تقديم الرعاية الصحية الأساسية.
- الوضع الصحي في غزة يعاني من شلل تام، مع تأثيرات مدمرة على الرعاية الصحية للنساء الحوامل والمولودين الجدد، والأمم المتحدة تحاول سد النقص في الرعاية من خلال توزيع معدات القبالة.
ندّدت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، بالتدمير المتعمّد الذي طاول المعدّات الطبية المتطوّرة في مستشفيات غزة، التي استهدفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربها، علماً أنّ توفيرها صعب في المستشفيات وأقسام الولادة التي ما زالت تعمل في القطاع المحاصر والمستهدف، والتي ترزح تحت ضغوط هائلة. ويزيد الأمر المخاطر التي تواجهها النساء اللواتي يلدنَ في "ظروف غير إنسانية لا يمكن تصوّرها".
وأفاد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان لدى دولة فلسطين دومينيك ألين بأنّ البعثات الأخيرة، التي قادتها الأمم المتحدة إلى عشرة من مستشفيات غزة التي استهدفتها آلة الحرب الإسرائيلية، وجدت أنّ عدداً كبيراً منها "في حالة خراب"، ولم يعد سوى عدد قليل منها قادراً على تقديم أي مستوى من الرعاية الصحية للأمهات. وأشار ألين إلى أنّ ما عثرت عليه الفرق في مجمّع ناصر الطبي، الذي حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي مدة طويلة خلال عملياتها البرية في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، "يفطر قلبي".
.@WHO and partners went to Khan Younis yesterday to assess the health facilities there. The team described the destruction as "disproportionate to anything one can imagine". No building or road is intact, there is only rubble and dirt.
— Tedros Adhanom Ghebreyesus (@DrTedros) April 11, 2024
Hostilities in the vicinity of a WHO… pic.twitter.com/AbqmEabx6Z
وقال المسؤول الأممي، خلال حديثه إلى الصحافيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من القدس المحتلة، إنّه رأى "معدّات طبية حُطّمت عمداً، وكابلات أجهزة تصوير بالموجات فوق الصوتية وقد قُطعت"، مضيفاً: "وأنتم تعرفون مدى أهميتها للمساعدة في ضمان ولادة آمنة". وتابع: "لقد حُطّمت شاشات المعدّات الطبية المتطوّرة، من قبيل تلك التي تعود إلى أجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية وغيرها من شاشات".
وكانت منظمة الصحة العالمية قد شرحت، أكثر من مرّة، مدى صعوبة إدخال مثل هذه المعدّات إلى قطاع غزة منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023. فقطاع غزة محاصر منذ نحو 17 عاماً، وما فعلته سلطات الاحتلال في العدوان الأخير إنّما هو عملية تشديد للحصار.
“It’s full of the smell of death.”
— UNFPA (@UNFPA) April 12, 2024
Until recently, pregnant women received life-saving care at Nasser Hospital in Khan Younis, #Gaza.
Now it sits empty and burning.
Let @UNFPAPalestine representative Dominic Allen show you the destruction alongside a @UN team. pic.twitter.com/UZq7YGTzzk
"تدمير مقصود وغاشم" في مستشفيات غزة
وشدّد ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان لدى دولة فلسطين على أنّ هذا "التدمير المتعمّد والغاشم لقسم الولادة" في مجمع ناصر الطبي، الذي يُعدّ ثاني أبرز مستشفيات غزة بعد مجمّع الشفاء الطبي الذي أجهز عليه الاحتلال في وقت سابق من شهر إبريل/ نيسان الجاري، إلى جانب الأضرار الأخرى وقطع الماء والكهرباء وتدمير شبكة الصرف الصحي، تعقّد الجهود الرامية إلى إعادة تشغيل هذا المستشفى "بهدف توفير شريان حياة".
في الإطار نفسه، بيّن ألين أنّ في مستشفى الخير التخصصي للولادة في خانيونس، "لا يبدو أنّ ثمّة معدّات طبية تعمل"، معرباً عن أسفه أمام الصمت المخيّم على غرف الولادة التي "يجب أن تكون مكاناً يهب الحياة"، مؤكداً أنّها بدلاً من ذلك "توحي بشعور غريب بالموت".
يُذكر أنّ 10 فقط من بين مستشفيات غزة البالغ عددها في الأساس 36 مستشفى تعمل بصورة جزئية. وأوضح ألين أنّ ثلاثة فقط من تلك المستشفيات قادرة على تقديم المساعدة إلى نحو 180 امرأة يلدنَ يومياً في مختلف أنحاء قطاع غزة، فيما تعاني نحو 15% منهنّ من مضاعفات تتطلّب رعاية متخصّصة. لكنّ مستشفيات غزة التي يمكنها تقديم مثل هذه الرعاية عاجزة عن ذلك، وسط الحرب المتواصلة لليوم الـ196.
وفي ما يخصّ المستشفى الإماراتي في الجنوب، وهو مستشفى الولادة الرئيسي في قطاع غزة في الوقت الراهن، بيّن ألين أنّه ييسّر نحو 60 ولادة يومياً على سبيل المثال، بما في ذلك 12 عملية قيصرية. ونظراً إلى الضغط الكبير الذي يواجهه، شرح ألين أنّ القائمين عليه يضطرون إلى إخراج النساء بعد ساعات فقط من الولادة، أمّا "بعد الولادة القيصرية، فيخرجنَ بعد أقلّ من يوم واحد". وقد حذّر ألين من أنّ "هذا يزيد من المخاطر" التي تهدّد صحة هؤلاء الأمهات وصحة مواليدهنّ.
The scale of destruction is unimaginable.
— UNFPA (@UNFPA) April 11, 2024
Maternity wards emptied of patients as life-saving maternal health supplies burn.
Pregnant women in #Gaza have nowhere to go to give birth safely.@UNFPAPalestine representative Dominic Allen visits Khan Younis as part of a @UN team. pic.twitter.com/Ru77TcvWhK
القطاع الصحي في غزة في "شلل تام"
وفي سياق حديثه نفسه، رأى المسؤول الأممي أنّ من الواضح وجود مخاطر في الإجراءات المعقّدة على صلة بـ"سوء التغذية والتجفاف والخوف، الأمر الذي يؤثّر على قدرة المرأة الحامل على الولادة بأمان وكذلك على الاحتفاظ بجنينها حتى نهاية فترة الحمل الكاملة بأمان". وأشار ألين إلى أنّ طبيباً في المستشفى الإماراتي أبلغه بأنّه "لم يعد يرى أطفالاً يولدون بحجم طبيعي". وقال ألين إنّ صندوق الأمم المتحدة للسكان "يشعر بقلق عميق بشأن القدرة على توفير الرعاية بعد الولادة"، وسط النظام الصحي "المصاب بشلل تام" في قطاع غزة، لافتاً إلى أنّ وكالته الأممية توزّع قابلات ومعدّات القبالة في المراكز المؤقتة التي تُقام في المدارس للمساعدة في سدّ النقص، في ظلّ تعطّل مستشفيات غزة بمعظمها.
تجدر الإشارة إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي عمد منذ بداية حربه المدمّرة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي إلى تدمير المنظومة الصحية فيه. فاستهدف مستشفيات غزة من خلال محاصرتها وقصفها واقتحامها وتدميرها وترويع تشريد الأطقم العاملة فيها، والمرضى والجرحى والنازحين الذين سبق أن لجأوا إلى تلك المستشفيات، إلى جانب قتل أعداد من هؤلاء. وقد طاول ذلك مستشفيات غزة في كلّ أنحاء القطاع، من الشمال إلى الوسط فالجنوب، الأمر الذي يتسّبب في أزمة صحية ويهدّد بانتشار الأوبئة بين الفلسطينيين، لا سيّما بين النازحين منهم، علماً أنّ 1.7 مليون فلسطيني نزحوا في قطاع غزة من بين 2.3 مليون نسمة، بحسب البيانات الأخيرة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
(فرانس برس، العربي الجديد)