دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، من محافظة نينوى شمالي العراق، كلّ الدول المعنية إلى استعادة رعاياها من مخيّم الهول الواقع في شرق سورية، وحذّر من "مخاطر محدقة بالأمن والاستقرار".
وقال غوتيريس: "عندما كنت مفوّضاً سامياً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مدى 10 أعوام، زرت مخيّمات في كلّ أنحاء العالم. ليس لديّ أدنى شكّ في أنّ أسوأ مخيّم بالعالم اليوم هو مخيّم الهول حيث يعيش عالقون فيه منذ سنوات في ظلّ أسوأ الظروف والمعاناة الهائلة".
وأتى كلام غوتيريس خلال زيارة قام بها، اليوم الخميس، لمخيّم تأهيل عراقيين عائدين من مخيّم الهول الذي تديره "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). والمخيّم العراقي الذي يُطلَق عليه اسم "مركز الجدعة للتأهيل المجتمعي" يؤوي مئات العائلات التي استعادتها بغداد على مراحل من "الهول" قبل أن تعود إلى مناطقها.
وقد أفاد موقع الأمم المتحدة الرسمي، اليوم الخميس، بأنّ غوتيريس التقى عدداً من العراقيين العائدين من مخيّم الهول الذي ما زال يضمّ آلاف العالقين من عراقيين وسوريين وآخرين من جنسيات مختلفة، معظمهم من النساء والأطفال من عائلات مقاتلي تنظيم "داعش"، وشدّد على أهمية مواصلة عمليات العودة.
وطالب غوتيريس الدول المعنية والمجتمع الدولي بـ"تحمّل المسؤولية واتّخاذ الإجراءات الضرورية في ما يتعلّق بالعالقين في مخيّم الهول". وأوضح أنّ نحو نصف سكانه هم دون 12 عاماً، وهم عالقون هناك في حالة من اليأس من دون أن يجدوا مخرجاً لها، في ظلّ معاناة من الحرمان من حقوقهم ومن الاستضعاف والتهميش.
وأكد غوتيريس أنّ الذين يعيشون في مخيّم الهول في حاجة إلى "إيجاد حلّ للمأزق الذي هم فيه، لأنّ ذلك ما تمليه الكرامة الإنسانية ومبادئ الرحمة، وكذلك المتطلبات الأمنية"، وشدّد على ضرورة أن تكثّف الدول المعنية "جهودها إلى حدّ كبير لتيسير عودة مواطنيها في ظروف آمنة وكريمة إلى أوطانهم".
وأضاف المسؤول الأممي أنّه يتوجّب عليها أن "تحذو حذو العراق. فالعراق ليس من أغنى دول العالم، إلا أنّه يستقبل عائدين من الهول"، داعياً إلى "إعادة توطينٍ كريمة بما يتماشى مع القانون الدولي المعمول به"، في حين تدقّ منظمات غير حكومية عديدة ناقوس الخطر إزاء تدهور الظروف الأمنية في مخيّم الهول.
يُذكر أنّ عدداً من دولا غربية ترفض استعادة مواطنيها الموجودين في الهول، مكتفيةً بإخراج أعداد محدودة جداً، خشيةً من هجمات محتملة قد تحصل على أراضيها.
وأخيراً، بضغط من منظمات دولية ومن العائلات، استعادت فرنسا في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي 15 امرأة و32 طفلاً من عائلات مقاتلي تنظيم داعش من مخيّم الروج في شرق سورية، والذي تديره كذلك "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
تجدر الإشارة إلى أنّ مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أعلن، في بداية عام 2023 الجاري، عن استعادة عشرات من العائلات العراقية من مخيّم الهول.
ويضمّ المخيّم الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة أكثر من 50 ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم داعش، بمن فيهم أجانب من نحو 60 دولة، بالإضافة إلى نازحين سوريين ولاجئين عراقيين يبلغ عددهم نحو 25 ألفاً.
في سياق منفصل، حذّرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كاثرين راسل، اليوم الخميس، في ختام زيارة لسورية استمرّت يومَين، من أنّ 3.7 ملايين طفل في المناطق السورية المتضرّرة من الزلزال يواجهون أخطاراً متزايدة قد تكون مأساوية بعد الكارثة الطبيعية العنيفة التي ضربب الشمال السوري، وكذلك الجنوب التركي في السادس من فبراير/ شباط الماضي.
وقالت راسل في بيان: "لقد عانى أطفال سورية بالفعل من رعب وحسرة لا يوصَفان. والآن، لم يدمّر الزلزال مزيداً من المنازل والمدارس وأماكن لعب الأطفال فحسب، بل حطّم كذلك أيّ شعور بالأمان لكثيرين من الأطفال والعائلات الأكثر هشاشة".
ورأت أنّ التأثير النفسي للزلزال على الأطفال، والخطر المتزايد على العائلات النازحة من الأمراض المعدية التي تنتقل باللمس وعبر المياه، وعدم وصول العائلات الأكثر هشاشة إلى الخدمات الأساسية بسبب 12 عاماً من النزاع، كلّ ذلك يشكّل خطراً مستمراً على الأطفال المتضررين.
وأفاد البيان نفسه بأنّ منظمة يونيسف تمكّنت من الوصول إلى أكثر من 400 ألف شخص متضرّر في شمال غرب سورية، إمّا بخدمات التغذية أو خدمات وإمدادات المياه والصرف الصحي والنظافة. وأوضح أنّ المنظمة في حاجة إلى 172.7 مليون دولار أميركي لتقديم الدعم الفوري المنقذ للحياة إلى 5.4 ملايين شخص، من بينهم 2.6 مليون طفل تأثّروا بالزلزال.