الاحتلال يُفشِل المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال شمال غزة

24 أكتوبر 2024
خلال التطعيم في وسط غزة (إياد البابا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم تعليق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في شمال غزة بسبب العمليات العسكرية المستمرة، مما أعاق الوصول إلى الأطفال المستهدفين نتيجة النزوح وانهيار المنظومة الصحية، مع تأكيد الأونروا على ضرورة فترات تهدئة إنسانية.

- نجحت المرحلة الأولى من حملة التطعيم في وسط وجنوب غزة، حيث وصلت إلى 92% من الأطفال المستهدفين باستخدام فرق متنقلة وثابتة، بمشاركة 473 فريقاً وتدريب 749 مسؤولاً للتواصل مع المجتمعات المحلية.

- يواجه سكان شمال غزة تحديات صحية ومعيشية بسبب الحصار ونقص الأدوية والمساعدات، مما أدى إلى تدهور الحالة الصحية للأطفال، مع تأكيد المسؤولين على ضرورة استقرار الأوضاع لاستئناف حملة التطعيم.

في ظل العملية العسكرية البرية المستمرة شمال قطاع غزة منذ السادس من أكتوبر، عُلّق التطعيم ضد شلل الأطفال في هذه المنطقة لصعوبة الأمر وتهجير الناس، الذين لا يسعهم إلا الأمل بانتهاء العدوان

تعثّرت حملة التطعيم التي تنفذها الجهات الصحية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مناطق شمالي قطاع غزة، التي تستهدف فئة الأطفال حتى سن العشر سنوات ضد فيروس شلل الأطفال، نتيجة لاستمرار العمليات العسكرية البرية منذ السادس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ونزح الآلاف من سكان مخيم جباليا وبيت لاهيا والمشروع نحو مدينة غزة والأحياء الغربية منها، في ظل استمرار العملية العسكرية وانهيار المنظومة الصحية وحالة الحصار المطبق التي تشهدها منطقة الشمال. وأعلنت الوكالة أنه نتيجة لتصاعد القصف المكثف، وأوامر النزوح الجماعي، وعدم وجود فترات تهدئة إنسانية مضمونة، اضطرت إلى تأجيل حملة التحصين ضد شلل الأطفال في شمال غزة بالتعاون مع الجهات الصحية الدولية والمحلية. وذكرت أنه "من الأهمية بمكان تسهيل الحملة بشكل عاجل في الشمال من خلال تنفيذ فترات تهدئة إنسانية، وضمان الوصول إلى أي مكان يوجد فيه الأطفال المؤهلون لتلقي اللقاح".
وخلال الأيام الماضية، تمكن عشرات الآلاف من الأطفال من الحصول على الجرعة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال في مناطق وسط وجنوب القطاع، بعدما حصلوا على الجرعة الأولى قبل أكثر من شهر.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، التي بدأت في وسط غزة، تستهدف الوصول إلى 590 ألف طفل دون سن العاشرة في مختلف أنحاء القطاع، وشهدت المرحلة الأولى نجاحها في الوصول إلى 92% من الأطفال رغم العراقيل الإسرائيلية والقصف.
وخلال المرحلة الأولى من حملة التطعيم، تمت الاستعانة بـ 473 فريقاً، وشمل ذلك 230 فريقاً متنقلاً و143 موقعاً للتطعيم في وسط غزة، وتلت ذلك إقامة 91 موقعاً ثابتاً، إلى جانب دعم تكميلي من خلال 384 فريقاً متنقلاً في جنوب غزة، فيما اختُتمت الحملة في مرحلتها الأولى في شمال غزة، حيث تلقى الأطفال التطعيمات من خلال 127 فريقاً في مواقع ثابتة و104 فِرَق متنقلة.

وشملت المواقع الثابتة المستشفيات، والنقاط الطبية، ومراكز الرعاية الصحية الأولية، وأماكن التعليم المؤقتة، والمدارس، ونقاط توزيع الأغذية والمياه. بالإضافة إلى ذلك، دُرّب 749 مسؤولاً من مسؤولي التعبئة الاجتماعية ونُشروا للتواصل مع المجتمعات المحلية، قبل الحملة وأثناءها لحث الأسر على تطعيم أطفالها والتصدي للمخاوف الموجودة لديها وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
ويعيش القطاع حالياً ظروفاً صحية ومعيشية صعبة في ظل منع الاحتلال إدخال الأدوية والمساعدات الغذائية وحالة الحصار المطبق المفروض منذ بداية حرب الإبادة المتواصلة للعام الثاني على التوالي دون توقف. وتخشى الفلسطينية، غدير المدهون، أن يتعرض أطفالها للخطر بعدما نزحت قبل أربعة أيام من مناطق شمالي القطاع نحو مدينة غزة، ولم تتمكن من منحهم الجرعة التكميلية الثانية بعدما حصلوا على الجرعة الأولى في السابق.

الاحتلال الإسرائيلي يريد استكمال تدمير المنظومة الصحية (إياد البابا/ فرانس برس)
الاحتلال الإسرائيلي يريد استكمال تدمير المنظومة الصحية (إياد البابا/ فرانس برس)

وتقول المدهون لـ "العربي الجديد": "جميع مظاهر الحياة انتهت في شمال غزة. الاحتلال دمر كل شيء، حتى صحة أولادي تراجعت بشكل كبير نتيجة للحصار وغياب الطعام والجوع لفترات طويلة وعدم وجود مياه صالحة للشرب". تضيف: "كل تفاصيل الحياة صعبة وقاسية في الشمال، حيث لا توجد مستشفيات أو مراكز صحية وأبناؤنا في وضع قاسٍ والعالم لا يشعر بنا ولا بمعاناتنا أو معاناة أطفالنا. نخاطب أنفسنا والعالم لا يستجيب لنا".
أما الفلسطيني أبو أحمد الدقس من سكان مخيم جباليا للاجئين، فيأمل أن تنتهي العملية العسكرية البرية سريعاً في مناطق شمالي القطاع من أجل أن يتمكن أطفاله الأربعة من الحصول على الجرعة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال، بعدما حصلوا على الجرعة الأولى قبل وقت قليل من بداية العملية العسكرية في غزة. ويقول الدقس لـ "العربي الجديد": "صحة أبنائنا هي الشيء الوحيد المتبقي لنا بعدما دمر الاحتلال كل منازلنا وبيوتنا وأصبحنا ننزح من مركز إيواء لآخر، وحتى الصحة يسعى الاحتلال لحرماننا منها من خلال تعطيل التطعيم".

إلى ذلك، يقول مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة في غزة، الطبيب مروان الهمص، إن الاحتلال الإسرائيلي يريد استكمال تدمير المنظومة الصحية بشكل كامل من خلال ما يقوم به من تعطيل لعملية التطعيم في مناطق شمال قطاع غزة. يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "المرحلة الثانية من التطعيم التي جرت في مناطق الوسط وخانيونس جنوبي القطاع شهدت إقبالاً واسعاً، وانتهت في هاتين المنطقتين بنجاح منقطع النظير، في وقت عرقل الاحتلال العملية في الشمال من خلال ما يقوم به، بالإضافة إلى استهدافه المنظومة الصحية في شمال غزة".
وبحسب مدير المستشفيات الميدانية، فإنه من الصعب تنفيذ الحملة خلال المرحلة الراهنة في ظل حرق وتدمير المنازل ومراكز النزوح، إلا بعد أن تستقر الأوضاع ويسمح الاحتلال بإدخال اللقاحات إلى تلك المنطقة. ويحمّل الهمص الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن انتشار الفيروس بفعل الظروف غير الآدمية، واستمرار الحرب للعام الثاني على التوالي، والاستهداف المتكرر للمنظومة الصحية والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية.
ويلفت إلى أن عدد الأطفال الذين كان مقرراً لهم أن يحصلوا على الجرعة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال هم 110 آلاف طفل، حيث سيتم تحديد أقرب موعد ممكن بعد أن تستقر الأوضاع في تلك المنطقة ويسمح الاحتلال بتنفيذ الحملة.
ويعيش قرابة 400 ألف فلسطيني من سكان الشمال منذ السادس من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري على وقع عملية عسكرية برية هي الثالثة يسعى الاحتلال عبرها لتنفيذ التهجير، وبدأ الأمر بمنع إدخال الأغذية والمساعدات منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ثم القصف البري والجوي المستمر على مدار الساعة. 

المساهمون