البرلمان الإيراني يوافق على تنفيذ تجريبي لقانون الحجاب الجديد

طهران
avata
صابر غل عنبري
مراسل العربي الجديد في إيران.
20 سبتمبر 2023
الذكرى الأولى لمقتل مهسا أميني: كيف غيّرت الاحتجاجات وجه إيران؟
+ الخط -

وافق البرلمان الإيراني بالأغلبية، اليوم الأربعاء، على تنفيذ القانون الجديد للحجاب المثير للجدل لمدة ثلاث سنوات على نحو تجريبي، وذلك عقب إقراره في اللجنة القضائية والحقوقية البرلمانية.

وحظيت المصادقة على التنفيذ التجريبي للقانون المعنون بـ"دعم ثقافة الحجاب والعفاف" بموافقة 153 نائبا من أصل 290 هو عدد نواب البرلمان الإيراني، فيما عارضه 34 برلمانيا، فضلا عن امتناع 7 آخرين عن التصويت.

وتأتي هذه الخطوة بعد أيام قليلة من الذكرى الأولى للاحتجاجات في إيران، والتي فجّرتها وفاة الشابة مهسا أميني التي كانت موقوفة بتهمة خرق قواعد الحجاب في السادس عشر من سبتمبر/أيلول 2022.

تفاصيل عن القانون

نشرت وكالات أنباء إيرانية بنودا من القانون الجديد تتصل بمسؤوليات الأجهزة والمؤسسات الإيرانية في تنفيذه، حيث ألزم القانون وزارة الثقافة بعدم إصدار أي تصريح لأعمال فنية تتعارض مع محددات هذا القانون وأهدافه، فضلا عن منع مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من استضافة الأشخاص الحقيقيين والاعتباريين الذين يروجون لخلع الحجاب أو النساء اللائي يرتدين "ملابس غير مناسبة".

الصورة
الحجاب في إيران (Getty)
أمر القانون وزارة الاقتصاد بعدم استيراد المنتجات التي تساهم في الترويج لعدم ارتداء الحجاب (Getty)

كما ألزمت وزارة التعليم والتربية بتنظيم لائحة داخلية بشأن "الزي المناسب المبني على الثقافة الإسلامية للطلبة والمعلمين والعاملين فيها، بالتعاون مع مجموعة عمل تنظيم الزي والموضة".

وكلف القانون وزارة الصحة بإصلاح قواعد الزي للأساتذة والطلاب والعاملين والأطباء، سواء في المراكز الحكومية أو غير الحكومية، ملزما وزارة الداخلية أيضا بإعادة النظر في إصدار التراخيص للجمعيات الاجتماعية المروجة لخلع الحجاب.

كما أمر القانون وزارة الاقتصاد بعدم استيراد الملابس والتماثيل المحظورة والدميات واللوحات والمنتجات التي تساهم في الترويج لعدم ارتداء الحجاب أو الحجاب السيئ.

إلى ذلك، يلزم القانون الجديد الشرطة الإيرانية بتعزيز أنظمة المراقبة الذكية عبر كاميرات ثابتة ومتجولة والذكاء الاصطناعي للتعرف على مرتكبي السلوكيات المنتهكة لقانون الحجاب. وعلى الشرطة الإيرانية، حسب القانون الجديد، تقديم المخالفات للجهاز القضائي أو فرض غرامات مالية على النساء المخالفات، فضلا عن "حماية الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرديا وجماعيا".

وحسب تفاصيل نشرت سابقا عن فحوى القانون الجديد، فإنه يفرض عقوبات على خمس مراحل إن تكرر الفعل لكل من تخلع الحجاب، أي غطاء الرأس، على مرأى من الجميع. وهذه العقوبات تشمل غرامات مالية من 40 إلى 1100 دولار، فضلا عن منع الخروج من البلاد من شهرين إلى عامين، ومنع النشاط العام على شبكات التواصل أيضا من شهرين إلى عامين. وإذا تكررت المخالفة يمكن فرض عقوبات تكميلية غير تلك التي ينص عليها القانون الجديد.

يفرض القانون الجديد عقوبات على خمس مراحل إن تكرر الفعل لكل من تخلع الحجاب

لكن من يروج لخلع الحجاب فعقوبته مختلفة، إذ تتراوح بين السجن من 5 إلى 10 أعوام، وغرامات مالية من نحو 400 دولار إلى 700 دولار. كذلك، من "يتعرى" في المكان العام سيحكم عليه بالسجن 25 عاما مع فرض غرامة مالية تبلغ 2000 دولار تقريبا. كما ينص المشروع أيضا على فرض غرامات مالية على مؤسسات وشركات وبنوك تقدم الخدمات للنساء اللواتي يخلعن الحجاب.

الصورة
الحجاب في إيران (Getty)
عقوبة من يروج لخلع الحجاب تتراوح بين السجن من 5 إلى 10 أعوام وغرامات مالية (Getty)

خلع الحجاب واقع جديد

وأفرزت الاحتجاجات التي شهدتها إيران خلال الخريف الماضي رغم انتهائها واقعا ومشهدا مختلفين في موضوع الحجاب في المجتمع عما كان سائدا قبل اندلاع تلك الاحتجاجات في السادس عشر من سبتمبر 2022. 

في تلك الاحتجاجات، بدأت إيرانيات بخلع الحجاب كخطوة احتجاجية، تحولت مع مرور الوقت إلى ظاهرة تنتشر خاصة في المدن الكبرى، حيث تظهر إيرانيات في الشوارع والأماكن العامة من دون غطاء الرأس، فضلا عن أن بعضهن لم يعدن يرتدين المعطف الذي يغطي الجسم حتى الركبة، كما صار بعضهن يكشفن عن أجزاء فوقية من الصدر في خطوة غير مألوفة في إيران.

وبعد اندلاع الاحتجاجات العام الماضي، أنهت السلطات عمل دوريات شرطة الآداب في الشوارع، والتي أثارت نشاطها جدلا واسعا في البلاد، لكن السلطات الإيرانية حاولت من خلال تبني خطط وقوانين جديدة، واعتقال ومحاكمة فنانات ظهرن في فضاءات عامة من دون الحجاب، التصدي لظاهرة خلع الحجاب، إلا أن تلك الخطوات لم تنجح حتى الآن.

الصورة
مظاهرة تضامن مع مهسا أميني في إسطنبول، 20 سبتمبر 2022 (أوزان كوسي/Getty)
تسبب وفاة مهسا أميني التي كانت موقوفة بتهمة خرق قانون الحجاب في موجة من التظاهرات في عدة دول (أرشيف/فرانس برس)

ومن الخطوات التي أقدمت عليها السلطات الإيرانية إعلان الشرطة عن خطة جديدة للتصدي الذكي عبر كاميرات المراقبة في إبريل/نيسان الماضي، والذي أثار جدل الحجاب في المجتمع، فضلا عن إرسال السلطتين الحكومية والقضائية مشروع قانون جديد حول الحجاب والعفاف، خلال يونيو/حزيران الماضي.

وجاءت تلك الخطط والمشاريع على وقع اعتراضات ودعوات من مرجعيات دينية وسياسية وحكومية محافظة مع انتشار ظاهرة خلع الحجاب.

ولقي مشروع قانون الحجاب وطريقة إقراره في اللجنة القضائية والحقوقية البرلمانية خلال الشهر الماضي انتقادات واسعة من نخب ووسائل إعلام إيرانية، حيث لم يناقش البرلمان بكامل أعضائه في جلسة علنية مشروع القانون، إذ أوكل إقراره، وفق المادة 85 من الدستور، إلى اللجنة بموافقة 175 نائبا من دون الحاجة إلى تصويت في البرلمان لإقراره. 

الصورة
الحجاب في إيران (Getty)
لنساء في إيران يشكلن نصف عدد السكان البالغ 85 مليوناً (Getty)

واعتبر منتقدو القانون الجديد للحجاب أن 10 برلمانيين في اللجنة لم يحصلوا على أكثر من 492 صوتا في الانتخابات التي أوصلتهم للبرلمان صادقوا على قانون لـ85 مليون نسمة، وفق موقع "خبر أونلاين" الإيراني، غير أن أعضاء اللجنة البرلمانية دافعوا عن قرارهم رافضين تفسيرات المنتقدين.

خلفية تاريخية

تكشف بيانات إيرانية حديثة عن أن النساء يشكلن نصف عدد السكان البالغ 85 مليوناً، كما تفيد بيانات وزارة العلوم وتقنية المعلومات الإيرانية (التعليم العالي) بأن الطالبات يشكلن 60 في المائة من عدد طلاب الجامعات في إيران البالغ عددهم نحو 3.2 ملايين.

وبعد الثورة عام 1979، ألزمت الإيرانيات بارتداء الحجاب الشرعي بالتدرج وعلى مراحل عدة، بدءاً من داخل مؤسسات الدولة، ثم جرى تعميمه خارج البيوت، وسنّت قوانين عدة، منها قانون الحجاب والعفة عام 2005، والذي ينص على أن عقوبة عدم ارتداء الحجاب الشرعي تتراوح ما بين دفع غرامة مالية قدرها 20 دولاراً، والسجن ما بين 10 أيام وشهرين، بالإضافة إلى 74 جلدة.

لكن هذا القانون لا يطبق على أرض الواقع بحق النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب (تغطية الرأس بالكامل مع ارتداء زي يغطي الجسم كله). وما بات أكثر انتشاراً مع مرور الوقت خلال العقود هو الحجاب العرفي المألوف في إيران، والذي أصبحت السلطات تقبله لانتشاره الواسع، ويشمل تغطية الرأس بشكل غير كامل، وإظهار جزء من شعر الرأس.

غير أن هذا النوع من الحجاب لم يتوقف عند هذا الحد. ومع مرور الوقت، وتناسباً مع التحولات التي شهدها المجتمع الإيراني، وأحيانا كنوع من ردة الفعل تجاه السياسات الرسمية، زادت الإيرانيات اللواتي يرتدين الحجاب العرفي من مساحة الكشف عن الشعر وتقصير المعطف، إلى أن انتهى الوضع إلى خلع الحجاب خلال الاحتجاجات الأخيرة التي منحتهن القدرة على التعبير عن رفضهن لتلك الممارسات والسياسات، وتحول الأمر إلى ظاهرة يصعب إيقافها.

ذات صلة

الصورة

سياسة

تحلّ ذكرى وفاة مهسا أميني، والتي كانت أجّجت احتجاجات عارمة في إيران قبل عام، فيما لا تزال السلطة تتعامل من منطلق أمني بحت مع الحدث، الذي حرّك جدلية الحجاب الإلزامي.
الصورة

منوعات

شكلت السلطات الإيرانية لجنة سرية العام الماضي، لمعاقبة المشاهير الذين دعموا التظاهرات المناهضة للحكومة، وفقاً لوثائق مسربة اطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
الصورة

منوعات

اخترق قراصنة إلكترونيون مساء السبت، التلفزيون الإيراني وبثوا للحظات مشاهد عن الاحتجاجات والهتافات التي يرددها المحتجون الإيرانيون، فيما يستمر تقييد الإنترنت الدولي وحجب مواقع التواصل مع استمرار الاحتجاجات.
الصورة

سياسة

تمددت الاحتجاجات على وفاة الشابة مهسا أميني ليلة الثلاثاء-الأربعاء إلى مدن أخرى، وسط مشاهد كرّ وفرّ واشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة والتدخل السريع، واتهامات رسمية لسفارات أجنبية بـ"إثارة الشغب" في البلاد، وحديث رسمي عن اعتقال رعايا أجانب.
المساهمون