الجدل مستمرّ... الأسبرتام مادة مسرطنة أم لا؟

23 يوليو 2023
تحتوي العديد من المشروبات على الأسبرتام (Getty)
+ الخط -

شكّل إعلان الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية أنه من المحتمل أن يكون الأسبرتام مسرطِناً للبشر مادة للتداول بين الأوساط العلمية، استناداً إلى بيانات محدودة عن إصابة بعض البشر، (سرطان الخلية الكبدية تحديداً، وهو أحد أنواع سرطان الكبد). 

في المقابل، قالت إدارة الغذاء والدواء الأميركية إن الدراسات المستخدمة للوصول إلى هذا الاستنتاج بها "أوجه قصور كبيرة".

والأسبرتام، بحسب الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان، مُحلٍّ صناعي خالٍ من السكريات، ومقارنة مع السكر العادي، فإنّ مذاق الأسبرتام أكثر حلاوة بمعدل 200 مرة تقريباً، لذلك لا تحتاج المنتجات إلى كمية كبيرة منه، وهو موجود في نحو 6000 منتج، بما في ذلك مشروبات الحمية، والعلكة، والمُثَلّجات، ومنتجات الألبان، وحبوب الإفطار، ومعجون الأسنان، والفيتامينات القابلة للمضغ.

ومنذ ظهوره في ثمانينيات القرن الماضي، أثيرت مخاوف كثيرة بشأنه، بما في ذلك احتمال الإصابة بالسرطان، استناداً إلى نتائج دراسات أجريت على فئران المختبرات ونشرتها مجموعة من الباحثين الإيطاليين في أواخر العقد الأول من القرن الحالي، وقالت فيها إن الأسبرتام قد يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان المرتبطة بالدم، من بينها اللوكيميا وسرطان الأورام اللمفاوية. مع ذلك، كان لهذه الدراسات بعض القيود التي جعلت تفسير نتائجها صعباً.

يقول طبيب الصحة العامة، وليد بيطار، لـ "العربي الجديد": "الحديث عن أن الأسبرتام قد يسبب السرطان لم يتم تبينه بشكل رسمي من قبل جميع المؤسسات الطبية الدولية. مع ذلك، فإنه لا يمكن إنكار أن المواد الصناعية لها تأثيرات متباينة على الأشخاص، وقد تساهم في الإصابة بالسرطان. بمعنى آخر، فإنه لا يمكن الجزم بأن الأسبرتام قد يسبب السرطان، لكنه قد يكون عاملاً مسبباً للإصابة بالسرطان".

ويشير بيطار إلى أنه "يفضل تناول كل ما هو طبيعي، وينصح بالسكر الطبيعي بدلاً من الصناعي، إذ إن الانعكاسات الصحية للسكر الطبيعي تكون أخف وطأة من مثيله الصناعي. لكن يلجأ البعض إلى المحليات ذات السعرات الحرارية المنخفضة في حال كانوا يعانون من مرض السكري، أو يرغبون في تخفيض الوزن، وغير ذلك من الأسباب".

بعض المنتجات التي تحتوي على الأسبرتام (Getty)
تحتوى عشرات المنتجات على الأسبرتام (Getty)

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الاستهلاك اليومي للمحليات الصناعية يجب ألا تتعدى 40 مليغراماً لكل كيلوغرام من وزن الشخص. إن كان الشخص يزن 70 كيلوغراماً، فإنّ الكمية يجب ألا تتخطّى 2800 مليغرام.
وخلصت لجنة الخبراء المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية والمعنية بالمواد المضافة إلى الأغذية إلى أن البيانات التي خضعت للتقييم لا تشير إلى وجود سبب كافٍ لتعديل معدل استهلاك الأسبرتام اليومي المقبول المحدد سابقاً، والذي يتراوح ما بين 0 إلى 40 مليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم، وبناء على ذلك، أكدت اللجنة مجدداً أنه من المأمون للفرد أن يستهلك الأسبرتام ضمن هذه الحدود يومياً.

ويستخدم غالبية مرضى السكري الأسبرتام، إذ إن سعراته الحرارية منخفضة جداً، وليست له تأثيرات على هذه الفئة من المرضى، بحسب الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية.

ويقول الطبيب المتخصص بأمراض السكري والغدد الصماء، ممدوح منصور، إن مخاطر استخدام الأسبرتام كانت محور دراسات عدة، مضيفاً في حديثه لـ "العربي الجديد": "قد يكون من الصعب التخلص من هذه المادة على المدى القريب، لأن نطاق استخدامها واسع جداً، كما أنها تخدم ما لا يقل عن نصف مليار إنسان مصاب بمرض السكري حول العالم. بالتالي، فإن حظرها سيشكل معضلة لهذه الفئة من الناس".

ويشرح أن مريض السكري لا يمكنه رفع مستويات السكر في الدم وإلا تعرض لمشكلات خطيرة قد تؤدي إلى وفاته. بالتالي، وللحفاظ على مستوى السكر في الدم، لا بد له من خفض السكريات بشكل أساسي وخفض الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات لأنها تتحول إلى سكر أيضاً. لذلك، كانت المحليات بمثابة أطعمة مجانية لأنها لا ترفع السكر في الدم".

في الوقت نفسه، يؤكد منصور أهمية الابتعاد عن أي مواد مصنعة، لأن أضرارها قد تكون أكثر من إيجابياتها على الصحة العامة. كذلك ينصح مرضى السكري "باللجوء إلى خيارات طبيعية، كاستخدام المحليات من الأعشاب، أو استخدام مادة السكروز وهي مادة محلية لم يثبت أو يظهر لها أي تأثير سلبي على الصحة العامة، ولم تتناولها أي دراسة بشكل سلبي، كما أنها من المواد التي تتحمل درجة حرارة مرتفعة مقارنة مع الأسبرتام، وبالتالي يمكن استخدامها في طهي المأكولات".

المساهمون