تتضاعف مشاكل الجفاف وشح المياه في مدن محافظة ديالى شرقي العراق المحاذية للحدود الإيرانية، وتسجل مستشفيات ومراكز الصحة العامة بشكل يكاد يكون يوميا إصابات بلدغات عقارب وأفاع لمواطنين بينهم أطفال في داخل القرى والأرياف الواقعة شمال شرق مدينة بعقوبة مركز المحافظة، حيث تقتحم الأفاعي والعقارب المنازل بحثاً عن الرطوبة وللتخلص من حرارة الطقس، التي وصلت إلى معدلات قياسية تجاوزت في الأيام الماضية عتبة 50 درجة مئوية.
ووفقاً لأرقام رسمية صدرت عن دائرة صحة محافظة ديالى، سجل شهر يوليو/تموز الماضي 168 حالة لدغ بأفاع وعقارب سامة لمواطنين وصلوا إلى المستشفيات الحكومية.
وقال المتحدث باسم دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، للصحافيين، أول أمس الثلاثاء، إنه جرى احتواء جميع الحالات التي سُجلت الشهر الماضي، و"عددها 168 لدغة عقارب وأفاع، دون وفيات، بعد تقديم الإسعافات اللازمة واللقاحات للمصابين".
وأكد أنّ الإصابات كانت من مناطق مختلفة من محافظة ديالى، وأن معدل الإصابات ارتفع الشهر الماضي بواقع 60% عن الشهر ذاته العام الماضي، وأشار إلى أنّ ارتفاع نشاط العقارب والأفاعي وحالات الإصابة، "جاء بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف".
وقال عضو نقابة الأطباء في مدينة بعقوبة، محمد الخالدي، لـ"العربي الجديد" إنّ "الرقم المعلن من قبل السلطات الصحية هو الذي وصل إلى المستشفيات، والمعلومات المتوفرة لديهم تؤكد وفاة طفل قبل أسبوع قرب بلدة الخالص، بسبب لدغة أفعى سامة دخلت المنزل لم يتمكن أهله من إسعافه بسرعة".
وأضاف الخالدي أنّ "الإصابات من هذا النوع تكون خطرة فالجفاف يضاعف سمية العقارب والأفاعي على عكس مواسم الرطوبة والمياه، ودخولها إلى المنازل والمناطق المأهولة بالسكان هرباً من الحر وبحثاً عن الرطوبة والماء، وبالتالي فإن تماسها مع البشر صار أكبر"، كاشفاً عن "جهد حكومي كبير من قبل الوزارة في تجهيز كل المراكز الصحية بالأمصال اللازمة التي من شأنها إسعاف المريض".
وفي السياق ذاته قال المقدم علي الزهيري، من مديرية الدفاع المدني في ديالي، لـ"العربي الجديد" إنّ "تأخر وصول الضحية إلى المركز الصحي وكذلك عدم معرفة ودراية القريبين منه في كيفية التصرف عند التعرض لإصابة قد يكون السبب المباشر للوفاة، خاصة مع كبار السن والأطفال، وكذلك الذين يعانون من الأمراض المزمنة".
ويضيف الزهيري أن هناك "من ما زال يؤمن بأن قتل الأفعى أو العقرب سينهي مفعول السم في جسم المصاب، فيعمد إلى ملاحقتها وقتلها، وآخرين يضعون الطين أو معجون الأسنان، لذا باشرنا حملات توعية واسعة، ومنها التحذير من النوم ليلاً في الحدائق وعلى أسطح المنازل، فهي ظاهرة شائعة عند انقطاع الكهرباء ليلاً في المناطق العراقية عموماً".
ويرى الناشط البيئي عمر القيسي أنّ الجفاف له مضاعفات كبيرة على ديالى، حيث "تيبس البساتين وجفاف الأنهار الفرعية جعلها مهجورة، والأمر لا يقتصر على الأفاعي والعقارب، بل هناك حشرات مؤذية أخرى"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد"، أن المشكلة لا تقتصر على ديالى فقط "إذ سجلت ميسان وواسط والعمارة والبصرة وضواحي بغداد حالات إصابة مماثلة بأفاع وعقارب، لكن كانت واضحة في ديالى أكثر كونها المتضرر الأكثر بالجفاف من ناحية البساتين والأراضي الزراعية والقرى التي تشتهر بها".
وتعد محافظة ديالى الواقعة شرقي العراق على الحدود مع إيران، الأكثر ضرراً من بين المحافظات العراقية الأخرى، بسبب قطع إيران لروافد نهر دجلة، ما تسبب بانخفاض مناسيب المياه في نهر ديالى إلى ما يزيد عن 90%، ما دفع وزارة الزراعة العراقية إلى استثنائها من الخطة الزراعية بشكل كامل، كما تسبب ذلك بتعطل الكثير من مشاريع مياه الشرب بسبب عدم وجود مياه في الأنهار التي تعمل عليها.