تصاعدت وتيرة العنف الأسري في لبنان منذ دخول البلاد مرحلة الإغلاق العام لمواجهة انتشار فيروس كورونا، وما رافق ذلك من إجراءات العزل والحجر المنزلي، وكشف رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، العقيد جوزف مسلّم، الأربعاء، عن ارتفاع بنسبة 96.5 في المائة.
وقال مسلّم، لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد شكاوى العنف الأسري في الفترة من 21 فبراير 2020، إلى 1 فبراير الحالي، بلغ 1468 شكوى، في حين أن عدد الجرائم في الفترة نفسها، وصل إلى 7 جرائم خلفت 10 قتلى، وأنّ غالبية الاتصالات التي تلقّتها المديرية عبر الرقم الساخن المخصَّص للشكاوى، كانت من النساء المُعنَّفات بنسبة 62 في المائة، وباقي الشكاوى من الجيران، أو افراد العائلة، أو الأصدقاء.
وقرّرت السلطات اللبنانية فرض الإقفال في 14 يناير/ كانون الثاني الماضي، ومُدِّد القرار حتى 8 فبراير/ شباط الحالي، وتجري حالياً دراسة تمديدٍ ثانٍ، أو فتح تدريجي، مع تخطي عدد المصابين يومياً عتبة الـ5 آلاف إصابة، وتجاوز حالات الوفاة اليومية الستين، بالتزامن مع أزمة في المستشفيات التي تفتقر إلى أسرّة العناية الفائقة، فضلاً عن نفاد الأدوية المرتبطة بعلاج الوباء من الصيدليات.
وقالت منسّقة الدعم في منظمة "كفى"، سيلين الكيك، لـ"العربي الجديد"، إنّ عدد الاتصالات التي وردت إلى خطّ الطوارئ لديهم "زاد ثلاثة أضعاف منذ مارس/ آذار 2020، وهو تاريخ دخول لبنان مرحلة الإقفال الكلّي"، لافتة، إلى أنّ "1360 سيّدة جديدة، عدا عن الحالات السابقة التي نتابعها، أصبحن يتعاملن مع اختصاصية اجتماعية خلال هذه الفترة".
وأضافت الكيك أن مركز الدعم وتقديم المساعدات المباشرة لضحايا العنف نفسياً واجتماعياً وقانونياً، أضيفت إليه إجراءات جديدة في ظلّ تفشي كورونا، مرتبطة بالحجر الصحّي، وعملت المنظمة على توفير خدمات الحجر، وفحوص للتأكد من عدم إصابة السيدات اللاتي تتابعهن بالفيروس قبل نقلهن إلى مراكز الحماية.
وربطت أسباب زيادة نسب العنف الأسري بوجود المُعنَّف داخل المنزل لفترات أطول، وتغيّر نمط العيش اليومي من جراء الحجر، إضافة إلى العوامل الاقتصادية، وتردي الأوضاع المعيشية. "معروف أنّ العنف بشكل عام تزداد وتيرته خلال الأزمات، وهو ما ينعكس للأسف على النساء، وأحياناً يصل إلى حد القتل، وآخر حالتي قتل سجلتا خلال عام 2021، وهما جريمة عكار (شمال)، حيث عثر على جثة امرأة تعرّضت للضرب على الرأس، وتبيّن أن القاتل ابن شقيقة زوجها الذي حاول التحرّش بها، لكنها منعته، وجريمة قتل الشابة زينة كنجو المتهم فيها زوجها".
وتشير منسّقة الدعم في منظمة "كفى" إلى التنسيق القائم مع مديرية قوى الأمن في حالات وجرائم العنف الأسري لمتابعة القضايا، ومساعدة العاجزين عن توكيل محامٍ، وتقديم الدعم القانوني لهم. "لكن التدخل بعد وقوع الجريمة ليس كافياً، ومطلوب من القضاء إنزال أشد العقوبات بالمجرم الذي يرتكب جريمته لاقتناعه بوجود طرق كثيرة للإفلات من العقاب، أو تخفيف العقوبة".
وتلفت "كفى" في تقاريرها، إلى أن قوانين الأحوال الشخصية الطائفية تفتّت الأسرة والمجتمع، إذ تصدر المحاكم الدينية أحكاماً جامدة تغذي سلطتها، ولا تراقب محاكم الطوائف كيفية ممارسة "رب الأسرة" للسلطة، بل تضمن حمايته حين يحولها إلى تسلّط، وترى المنظمة أن الحل في القانون الموحد للأحوال الشخصية الذي يضمن عدم استقواء فرد من الأسرة على الآخرين، ويحقق مصلحة جميع الأفراد.