شارك مئات السوريين في وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في مدينة السويداء جنوبي سورية، صباح اليوم الاثنين، عقب صدور قرار بكفّ يد مدرّس لأسباب سياسية، وذلك على خلفية التحاقه بـ"ساحة الكرامة" وتأييده الحراك السلمي المطالب بإسقاط النظام السوري.
وكان قرار فصل مدرّس اللغة العربية المعروف صدام النجم من التعليم قد صدر عن محافظ السويداء بسام بارسيك بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، وأتى ذلك بعدما منحت السلطات المركزية المحافظين صلاحية اتخاذ مثل هذه القرارات من دون العودة إليها.
وقد لاقى قرار فصل النجم استياءً شعبياً بين شريحة واسعة من الأهالي والتلاميذ، إذ يُعَدّ من خيرة مدرّسي مادة اللغة العربية المتميّزين في محافظة السويداء مع خبرة طويلة في المجال، علماً أنّه عمل لسنوات في "مدرسة المتفوّقين" في المحافظة، وكذلك في التعليم عن بُعد في إحدى المدارس الافتراضية.
ويُعَدّ النجم كذلك أحد المؤثّرين في الحراك الشعبي، وأحد مؤسّسي "تجمّع المعلّمين" في هذا الحراك المستمرّ في السويداء منذ نحو ستة أشهر.
وفي اعتراض على قرار الفصل التعسفي الذي طاول النجم، بسبب مشاركته في الحراك الشعبي في السويداء، جابت تظاهرة حاشدة الشارع المؤدّي إلى ساحة الكرامة وسط المدينة قبل التجمّع أمام مديرية التربية في وقفة احتجاجية.
دعوة إلى إضراب مدرّسين جماعي في السويداء
وخلال الوقفة أمام مديرية التربية، وجّه الناشط المدني عصام خداج رسالة إلى وزارة التربية والنظام السوري قال فيها إنّ "المعلّمين كغيرهم خرجوا من أجل نيل الحرية". يُذكر أنّ خداج من المدرّسين الذين طاولهم الفصل التعسفي مع بداية الاحتجاجات في سورية في عام 2011، وهو عضو في "تجمّع المعلّمين".
ودعا خداج المدرّسين المتضامنين مع زميلهم المفصول تعسفياً إلى تنفيذ إضراب جماعي أو الاستقالة جماعياً. وأضاف: "نحن خرجنا من أجل الحرية وسندافع عنها حتى آخر قطرة من دمنا. الحرية... نعيش لأجلها، ونعيش بها، ونموت لأجلها، ولن نستجدي حقّنا بها، ولن نقبل أن يزايد علينا أحد بالوطنية".
من جهتها، تقول الناشطة الحقوقية سلام عباس لـ"العربي الجديد" إنّ "التعليم يُعَدّ المهنة الأكثر قدسية في الأنظمة المتقدّمة، إذ له اليد الطولى في بناء الأجيال التي من شأنها أن تحمل المجتمع على أكتافها. بخلاف ذلك، فإنّ الدول ذات الأنظمة الاستبدادية مثل سورية تحاول تدجين المدرّسين، هذه الشريحة المهمّة". وتضيف أنّ "أيّ مدرّس يحاول إصلاح المفاهيم وبناء نشء سليم، يكون مصيره كفّ اليد والنفي إلى خارج سلك التعليم، نظراً إلى ما يمثّله من خطورة على النظام القمعي الاستبدادي".
وتشير عباس إلى أنّ "تضامن المدرّسين، أو فئة مهنية أخرى، مع أيّ شخص يطاوله فصل تعسّفي على خلفية موقفه من الاستبداد، هو أمر مهمّ وضروري"، مقدّرةً أنّ "يأتي ذلك بنتيجة جيّدة".
السويداء تمضي قدماً في حراكها
في سياق متصل، يقول الناشط المدني هاني عزام لـ"العربي الجديد" إنّ "هذه الوقفة تأتي ردّاً صريحاً على محاولات النظام الوقحة الهادفة إلى تحقير القطاع التعليمي وتدجينه والحدّ من مهامه النبيلة في بناء الإنسان والمجتمع". ويرى عزام أنّ "تضامن المدرّسين مع النجم ليس مسألة عابرة، بل سوف يؤتي أكله بكلّ تأكيد في حال التزم المدرّسون بإضراب مفتوح قد يؤدي إلى ضغط على شريحة واسعة من المجتمع".
وفي هذا الإطار، لم يصدر أيّ تعليق أو موقف عن نقابة المعلمين في سورية، التي يسيطر حزب البعث على مفاصل قراراتها، إزاء قرار فصل صدام النجم.
وكان النظام السوري قد أقدم منذ عام 2011 على فصل عشرات المدرسين والمدرسات بطريقة تعسفية في محافظة السويداء، كذلك تعرّض عدد من هؤلاء للاعتقال على خلفية مشاركتهم في احتجاجات مناوئة للنظام.
تجدر الإشارة إلى أنّ عشرات المحتجّين تجمّعوا، صباح اليوم، في ساحة الكرامة بالسويداء، في إطار وقفتهم اليومية، مجدّدين المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية ومشدّدين على وحدة الشعب السوري والأرض السورية. وقد حمل المحتجّون لافتات مناصرة للحراك الشعبي في مدن وبلدات إدلب وحلب، ودعوا في هتافاتهم الشعب السوري كله إلى التمرّد على الطغاة والانتفاض على الواقع المزري الذي وصلت إليه البلاد.