وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر، اليوم الأحد، مقتل 55 مدنياً في سورية خلال سبتمبر/أيلول 2023، بينهم 12 طفلاً و10 سيدات و2 شخص بسبب التعذيب، مشيرة إلى استمرار ارتكاب حوادث القتل في سورية والتي اعتبرتها الأسوأ في العالم.
ورصد التقرير، الذي جاء في 21 صفحة حصيلة الضحايا في سبتمبر، مسلطا الضوء بشكل خاص على الضحايا الذين قضوا جراء التعذيب، وحصيلة المجازر التي تم توثيقها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية خلال الشهر ذاته، وتضمن استعراضاً لأبرز الحوادث، وتطرق إلى أبرز المهام التي تقوم بها الشبكة السورية لحقوق الإنسان في ملف القتل خارج نطاق القانون.
واعتمد التقرير في توثيقه لأعداد القتلى على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار، وشبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
وسجَّل التقرير مقتل 55 مدنياً بينهم 12 طفلاً و10 سيدات على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، قتل منهم النظام السوري 14 مدنياً بينهم 9 أطفال وسيدتان، فيما قتلت "قوات سوريا الديمقراطية" 11 مدنياً بينهم طفلان و6 سيدات، وقتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة مدنيا واحدا، وبحسب التقرير قتل 29 مدنياً بينهم طفل وسيدتان على يد جهات أخرى، كما وثق التقرير وقوع مجزرة على يد قوات النظام السوري في أيلول، راح ضحيتها 5 أطفال.
وبحسب التقرير فإن تحليل البيانات أظهر أن محافظة دير الزور جاءت الأولى بنسبة تقارب 33% من حصيلة الضحايا الموثقة، تلتها محافظة درعا بنسبة 31%، ومن ثم محافظة حلب بنسبة 22% من حصيلة الضحايا.
وقال التقرير إن الانتهاكات التي مارستها أطراف النزاع وبشكل خاص النظام السوري تسببت في تشريد قسري لقرابة نصف الشعب السوري ما بين نازح ولاجئ، وطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات وإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون وتقديم مزيد من الأدلة والتَّفاصيل.
كما طالب التقرير كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصةً بعد أن تم استنفاد الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانة، مشدداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أوصى التقرير المجتمع الدولي بالعمل على وضع مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية، مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها، كما أوصى جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني لـ"العربي الجديد" إن التقرير يظهر عمليات قتل المدنيين في سورية خارج نطاق القانون والتي مازالت مرتفعة جداً، ما ينسف أي حديث عن أن سورية هي بلد آمن أو عن العودة وما إلى ذلك.
واعتبر عبد الغني أن مقتل 55 شخصاً في شهر واحد هو" رقم مرعب ويكاد يكون الأعلى في العالم ومؤشر خطير جداً جداً، إذ لا يوجد بلد في العالم يقتل فيه هذا الكم الهائل، أي بمعدل شخصين في اليوم الواحد".
وأشار إلى أن أعداد القتلى تظهر بشكل جلي أن عمليات القصف والتفجير والاشتباكات ما زالت مستمرة، كما أن القتل تحت التعذيب لأشخاص احتجزوا واعتقلوا واختفوا وقتلوا تحت ظروف الاحتجاز ما زالت مستمرة أيضاً.
ويرى عبد الغني أن عمليات القتل لا يمكن أن تتوقف إطلاقاً ما لم يكن هناك عملية انتقال سياسي في سورية، مطالباً بإعادة إحياء العملية السياسية وتفعيلها بعد توقف الحديث عنها لأكثر من ثلاث سنوات خلت.