مرّت الليلة الماضية عصيبة على النازحين في مخيّمات أطمة الواقعة في ريف إدلب شمال غربي سورية، إذ سُجّل هطول أمطار غزيرة مع انخفاض كبير في درجات الحرارة، كما هي الحال في فصل شتاء. وقد تسرّبت مياه الأمطار إلى الخيام، في حين حاول شاغلوها بكلّ الوسائل إيجاد حلول لمنع وصول المياه إلى مقتنياتهم.
عيوش السعيد، من بين هؤلاء النازحين وهي امرأة متقدّمة في السنّ ومريضة. تخبر "العربي الجديد" أنّ "الأمطار التي تساقطت بلّلت أغراضنا، ونحن لا نملك عوازل ولا بطانيات". وتؤكد أنّ "الوضع سيّئ جداً. فابني مريض وأنا مريضة والمياه دخلت علينا".
من جهته، يقول عبدو السعيد الذي يعيش في تلك المخيّمات لـ"العربي الجديد": "عندما دخلت مياه الأمطار علينا، لم نتمكّن من الخروج. كان الأمر يستلزم رصف الطريق بالحصى، حتى نستطيع التحرّك".
وبالنسبة إلى أحمد الفرج، فإنّه "لا نفع للخيمة في هذه الظروف". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الخيمة غير مناسبة لفصل الشتاء، وسط الوحل. الوضع مأساوي، خصوصاً مع عدم توفّر التدفئة"، مطالباً بـ"استبدال الخيام ورصف الطرقات بالحجارة". ويشير إلى أنّ "أنابيب المياه تضرّرت فيما تمزّقت الخيمة".
أمّا سماح العلي فتشكو، لـ"العربي الجديد" قائلة إنّ "خيمتنا تمزّقت ودخلت المياه إليها من كلّ الجهات". وإذ تؤكد أنّ "حالة خيامنا تعيسة"، تخبر "لدي ستة أطفال ووالدهم مريض غير قادر على العمل. وفي أكثر الأيام ننام من دون طعام. واليوم، المياه غمرت حتى المطبخ"، وتلفت إلى أنّه "حتى الساعة لا نملك مدفأة".
ويصف حميد العلي الوضع بالسيئ، شارحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "الوحل والمطر يعزلاننا عن الناس" ويتابع أنّ "هذه العاصفة هي الأولى هذا العام، وقد منعتنا من الخروج بسبب البرد والوحل".
وفي هذا الإطار، يقول مدير مخيّم جبل شحشبو علي السعيد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأضرار في مخيّمات أطمة جبل شحشبو طاولت 43 خيمة، علماً أنّ عوازل بقيّة الخيام مهترئة، في غياب وسائل التدفئة"، مضيفاً أنّ "الخيام التي تفيض بالمياه يقصد سكانها جيرانهم للمبيت عندهم". ويبيّن السعيد أنّ "وسط الوضع المأساوي جداً، أكثر ما نحتاجه في الوقت الراهن هو رصف الطرقات بالحصى. كذلك نحن في حاجة إلى إصلاح شبكة الصرف الصحي".
وبلغ عدد المخيّمات التي استجابت لنداءاتها فرق الدفاع المدني في ريفَي إدلب وحلب 22 مخيّماً في 10 قرى وبلدات، تضرّرت بفعل الأمطار والسيول الناجمة عنها وكذلك الرياح القوية. وقد تضرّرت 140 خيمة أو مسكن مؤقّت، بصورة جزئية أو كلية، علماً أنّ 200 عائلة تعيش فيها.
وأوضح فريق الدفاع المدني في تقرير له أنّ "الآثار التي سوف تخلّفها السيول هذا الشتاء سوف تكون كارثية"، خصوصاً "بعد الزلزال المدمّر" الذي ضرب المنطقة في فبراير/ شباط الماضي، و"الذي فاقم معاناة المدنيين بعد اضطرار أكثر من 40 ألف عائلة إلى العيش في مخيّمات إيواء، بسبب فقدانهم منازلهم من جرّاء ذلك الزلزال". ويترافق ذلك، بحسب الدفاع المدني مع "مخاوف من انتشار الأمراض، بما فيها الكوليرا التي يتجاوز عدد الإصابات المسجّلة فيها منذ شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2022 حتى الآن أكثر من 1100 إصابة".