منذ بداية شهر رمضان، شهدت مدينة الرقة السورية ارتفاعاً في حجم المبادرات والأعمال الخيرية الموجهة للفقراء واليتامى والأرامل، بهدف التكفل بقضاء حاجياتهم من مأكل وملبس ودواء.
في هذا الإطار، أطلقت مجموعة من الجمعيات الخيرية على غرار "صنائع المعروف" و"صندوق أهل الخير" و"فريق إبشر" والشيخ صالح السلوم بجامع المنصوري، مبادرة لشراء وتأمين ملابس العيد للأطفال اليتامى والفقراء قبل حلول عيد الفطر.
ويقول الناشط من الرقة عيسى السطم لـ"العربي الجديد" إن المبادرات الخيرية والجمعيات وأهالي الخير من متبرعين وتجار ومغتربين يحاولون الوقوف على أحوال ومعيشة الفقراء واليتامى والأرامل والمرضى من سكان الرقة بشكل عام. لكن مبادراتهم تزيد خلال شهر رمضان والأعياد، بهدف مساعدة تلك الفئات التي تعاني بسبب فقدان المعيل والوضع المعيشي الصعب.
ويضيف أنه "منذ بداية شهر رمضان تعددت المطابخ والمبادرات، لتصل إلى 14 مبادرة ومطبخ إغاثي تتولى تأمين إفطار العائلات الفقيرة. ومع اقتراب عيد الفطر، أطلقنا حملة تبرعات لتأمين ثياب واحتياجات الأطفال اليتامى والفقراء في مدينة الرقة وريفها والمخيمات".
ويوضح أنه "جرى تسجيل أسماء جديدة إضافة إلى السجلات المدونة سابقاً، لتأمين ملابس لما يقارب 300 طفل من محلات الألبسة بالرقة قبل العيد، وهو أمر اعتاده أصحاب الخير في كل عام من الأيام العشرة الأواخر من رمضان".
ويناشد السطم الفعاليات الخيرية والمنظمات الإنسانية دعم الأسر الفقيرة واليتامى والأرامل والنازحين الذين لا يملكون المال لتأمين قوت أطفالهم ومستلزماتهم.
من جهتها، تشير الناشطة الاجتماعية في لجنة حل النزاع بالرقة أم رامي، لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية دور اللجنة بالوصول إلى العائلات الخارجة من مخيم الهول من اليتامى أو من هم بلا معيل.
كما أطلق الشيخ صالح السلوم كفالة في مسجد المنصوري بالرقة لتأمين ملابس العيد للأطفال الأيتام، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الملابس.
بدوره، يقول الناشط الإعلامي أسامة أبوعدي المقيم في مدينة الرقة لـ"لعربي الجديد" إن "العديد من الأطفال، وخصوصاً القاطنين في مخيمات الرقة العشوائية ومراكز الإيواء، لم يتمكنوا من الاستفادة من هذه المبادرات. عدد المحتاجين كبير جداً قياساً لعدد المبادرات والمتبرعين"، مشيراً إلى أن غالبية العائلات من الطبقات الأشد هشاشة، وتزداد عمالة الأطفال في محافظة الرقة.
إلى ذلك، يزداد التزاحم أمام محال الملابس في إدلب على الرغم من عدم قدرة كثيرين على الشراء. ويكتفي معظم الناس بتأمل الملابس المعلقة على الواجهات، من دون أن يشتروا شيئاً لأطفالهم في ظل ارتفاع الأسعار.
ويقول أبو عمر، وهو والد لطفلين، أكبرهما بعمر السابعة لـ"العربي الجديد": "أمضيت ثلاثة أيام متجولاً بين محال إدلب وأسواقها ولم أتمكن إلا من شراء ملابس للطفل الصغير، في حين لم أجد ما يتناسب مع ذوقي وإمكانياتي لشراء ملابس العيد للأكبر سناً".
ويضيف: "كنت محظوظاً لأنني وجدت ما يناسب الصغير ودفعت حوالي 16 دولاراً، ولا يزال بحاجة لحذاء بسعر خمسة دولارات، علماً أن كلفة ثياب أخرى قد تصل إلى 35 دولاراً".
بدورها، تقول أم سلمى إن المشكلة الكبرى هي في شراء ثياب الفتيات، إذ لا يمكن القبول بأي شي. كما أن ملابس الفتيات أغلى من ملابس الفتيان. وتوضح لـ"العربي الجديد" أنها "اشترت ثوب ابنتها الكبرى بـ40 دولاراً ولا تزال بحاجة إلى حذاء وبعض الأكسسوارات، ما يعني أنها ستحتاج لأكثر من 150 دولاراً لأطفالها الثلاثة".
ويعمل زوج أم سلمى بالتجارة ودخله يساعده في شراء هذه الملابس، على عكس أخريات. كما أن دخل غالبية الأهالي في مناطق شمال غرب سورية لا يتجاوز 100 دولار شهرياً.
وتتفاوت أسعار الملابس بين منطقة وأخرى على الرغم من أن البضائع والموديلات متشابهة والمصادر واحدة. ويقول أبو يوسف، وهو تاجر ألبسة في إدلب، لـ "العربي الجديد": "تعتبر تركيا المصدر الأساسي للملابس الموجودة في مناطق شمال غرب سورية، بالإضافة إلى بعض الملابس التي تصنع في مشاغل محلية وأخرى تصل من مناطق النظام عن طريق التهريب".
ويضيف أبو يوسف: "قد يختلف سعر القطعة بين منطقة وأخرى بحسب كلفتها على التاجر. على سبيل المثال، فإن بدلات إيجار المحال في إدلب مرتفعة جداً بالمقارنة ببقية المناطق. يدفع التاجر ما بين 200 و300 دولار بدل إيجار المحل والكهرباء والإنترنت. أما في أريحا التي تبعد عن إدلب مسافة لا تتجاوز 15 كيلومتراً، فبدلات الإيجار أقل". وذكر: "إذا أجرينا مقارنة مع أسعار العام الماضي، لا نجد اختلافاً كبيراً بالأسعار. لكن حالة الناس المادية وقلة فرص العمل كانا عاملاً مساعداً أضعف الحركة الشرائية في المنطقة".