اتخذت وزارة التربية العراقية قرارا بوقف منح رخص فتح المدارس الأهلية، والتي تزايدت أعدادها أخيرا بشكل لافت، في خطوة أكدت أنها تهدف إلى تقييم الواقع التعليمي في المدارس الحالية.
ونشط الاستثمار في مشاريع المدارس الأهلية بشكل واسع خلال الأعوام الأخيرة في عموم البلاد، والتي تزايدت أعدادها بشكل كبير جدا، على الرغم من الاتهامات التي تلاحق هذا القطاع بعدم المهنية في التعاطي مع الطلاب، وعدم قدرة وزارة التربية على وضع ضوابط وشروط لعمل تلك المدارس.
أرتبط أغلب المدارس الأهلية بمستثمرين سياسيين وأشخاص متنفذين حزبيا، وهو ما أثر على المستوى التعليمي فيها
وتضطر العوائل العراقية إلى اللجوء إلى المدارس الأهلية، على الرغم من تكاليفها المادية الكبيرة، كبديل للمدارس الحكومية التي تراجع مستوى التعليم فيها، بسبب قلة أعدادها، والنقص الكبير في مستلزماتها، وكثافة الطلاب فيها، وهو ما تسبب في اعتماد الدوام المزدوج والثلاثي في المدرسة الواحدة.
ووفقا للمتحدث الرسمي باسم الوزارة، كريم السيد، فإن "وزارة التربية ومن خلال تنفيذ البرنامج الحكومي ومتابعة الواقع التربوية في البلاد، أعدت خطة لتقييم الواقع التعليمي في المدارس الأهلية داخل وخارج البلاد، وقد تم إيقاف منح إجازات خاصة بفتح مدارس أهلية جديدة، حيث يأتي ذلك ضمن البرنامج الحكومي وتطوير الواقع التربوي بالمدارس الأهلية في البلاد"، مؤكدا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، أن "التعليم الأهلي يخضع لذات الضوابط والتعليمات التربوية التي تطبق على المدارس الحكومية، سواء كانت هذه المدارس داخل أو خارج البلاد".
وأشاد بـ"دور جهازي الإشراف التربوي والاختصاصي في متابعة وتقييم ذلك"، مشيرا إلى "تشكيل لجنة لتقييم عمل المدارس الأهلية بهدف الوقوف على نقاط الخلل، وتسجيل الملاحظات، ومراجعة الإجازات الممنوحة مسبقا للمدارس الأهلية".
ولا يعد التعليم في المدارس الأهلية في العراق مثاليا، إذ أن الكثير من الملاحظات قيدت على أغلب المدارس، والتي هي بالأساس مؤسسات استثمارية، وارتبط أغلبها بمستثمرين سياسيين وأشخاص متنفذين حزبيا، وهو ما أثر على المستوى التعليمي فيها.
ويؤكد عضو نقابة المعلمين العراقيين، أسعد المعاضيدي، أن "المدارس الأهلية تمتاز عن الحكومية بعدم الكثافة الكبيرة للطلاب أو اعتماد الدوام المزدوج، فضلا عن توفر المستلزمات الضرورية للتعليم، وإن لم تكن بالمستوى المطلوب". مستدركا، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن "المستوى التعليمي في تلك المدارس ليس بالمستوى المطلوب، وأن الهم الوحيد للمستثمرين هو كسب أكبر عدد من الطلاب، بكل الطرق، مستفيدين من الخلل في المدارس الحكومية".
وأشار إلى أنه "يتحتم على وزارة التربية العمل على تقييم المدارس بشكل دوري، وإخضاعها إلى ضوابط المؤسسات التعليمية، وأن تتم محاسبتها على أي خلل بأداء واجب التعليم، وأن تسحب رخص المدارس المخالفة وغير الملتزمة بالضوابط، والتي تحولت إلى مؤسسات ربحية فقط".
ودعا الحكومة إلى أن "تولي الجانب التعليمي في البلاد أهمية قصوى، وأن ترمم ما تعرّض له من تراجع وانتكاسات في السنوات الأخيرة، بسبب الفساد الذي أثر على البلاد عموما، وعلى المستوى التعليمي بشكل خاص".
واعترفت وزارة التربية العراقي، في تصريحات سابقة لمسؤولين فيها، بالنقص الكبير في المباني المدرسية، مؤكدة الحاجة إلى 10 آلاف مدرسة لسد النقص، و"وهو ما يحتاج إلى 15 عاماً لإكماله". وحددت عدد المدارس الطينية في البلاد بنحو 200 غالبيتها في المنطقة الجنوبية، مشيرة إلى أن الدوام الثلاثي يكثر في القرى والأرياف.