يعاني النازحون في مخيم الركبان عند منطقة المثلث الحدودي بين سورية والأردن والعراق من أزمة مياه، منذ دخول فصل الصيف، تفاقمت مع ارتفاع درجات الحرارة في الوقت الحالي، وتخفيض الأمم المتحدة كمية المياه الواصلة للمخيم.
مياه من الأردن
تقع بئر المياه التي تصل مياهها إلى مخيم الركبان في الأراضي الأردنية على بعد 13 كيلومتراً من المخيم الواقع ضمن الحدود السورية، وفق ما بين محمود الهميلي، مدير الإدارة المدنية في مخيم الركبان لـ"العربي الجديد" موضحاً أنه حُفر من قبل منظمة اليونيسف قبل 5 سنوات، وجهزته بمحطة تحلية، ومع بداية فصل الصيف بدأت بتخفيض كمية المياه التي تضخ للنازحين.
وقال: "اليونيسف في الأردن خفضت كمية المياه التي تضخ للمخيم حتى أصبحت دون الحاجة اليومية، وهذا ما أجبر الكثير من النازحين على اللجوء للآبار المالحة الموجودة في الحماد السوري والتي تبعد ما بين 30 و40 كيلومتراً عن المخيم".
وتابع هميلي "هناك عدة مشاكل بسبب تخفيض كمية المياه في صحراء قاحلة تتجاوز الحرارة فيها 45 درجة، إضافة إلى أن محطة التحلية غالبا متوقفة عن العمل والمياه ملوثة، خاطبنا اليونيسف والأوتشا لزيادة كميات المياه، لكن للأسف حتى الوقت الحالي ليست هناك أي استجابة".
محمد درباس من المكتب الإعلامي للمجلس المحلي في مخيم الركبان، قال في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن كمية المياه التي تأتي من الأراضي الأردنية إلى مخيم الركبان لا تكفي ولا تغطي احتياجات 7500 نازح في المخيم.
وأضاف درباس "صرَّح مدير منظمة عالم أفضل للتنمية الاجتماعية الموجودة في الأردن للمجلس المحلي، أن كمية المياه هي نفسها المرسلة إلى مخيم الركبان سواء كانت لمنطقة توزيع المياه الغربية أو الشرقية الموجودة في المخيم، ولكن بسبب العواصف الغبارية التي تضرب المنطقة فقد خُفِّضت ساعات الضخ"، وأكد العمل على زيادة كمية المياه المرسلة إلى المخيم خلال الأيام القادمة.
وقد طالبت إدارة المجلس المحلي في مخيم الركبان من منظمة عالم أفضل للتنمية الاجتماعية، ومنظمة اليونيسف المسؤولة عن تقديم المياه لمخيم الركبان بزيادة عدد ساعات ضخ المياه، وزيادة كمية المياه المرسلة إلى مخيم الركبان.
ومخيم الركبان يقع في منطقة صحراوية لا يوجد فيها آبار مياه ومصدر المياه الوحيد من داخل الأراضي الأردنية. وكمية المياه لا تكفي احتياجات النازحين وخصوصاً في فصل الصيف مع الطلب المتزايد على المياه، والوضع على ما هو عليه منذ ثلاثة شهور، ولم يُحرك ساكن من قبل اليونيسف المسؤولة عن المياه ولا من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الإنسان، وفق ما ذكر درباس.
وأوضح درباس "هناك صيانة دورية لمحطات ضخ المياه الموجودة داخل الأراضي الأردنية، والمسؤول عن تلك الصيانة هو منظمة عالم أفضل للتنمية الاجتماعية، ورغم العشرات من نداءات الاستغاثة لمنظمة اليونيسف من أجل معالجة أزمة المياه لكن ليس هناك استجابة".
وبيّن درباس أن النازحين خارج الساتر الترابي الذين تبعد أماكن سكنهم عن مركز توزيع المياه ما يقارب من 4 إلى 10 كم يقومون بشراء المياه من أصحاب الشاحنات الصغيرة أو من العربات المتنقلة، وذلك بسعر 2500 ليرة (0.59 دولار) للبرميل الواحد، أما بالنسبة للنازحين الذين هم بجوار نقطة توزيع المياه فإنهم يحصلون على المياه إما عن طريق عربات صغيرة يقوم بدفعها الرجال أو عن طريق العربات المخصصة التي تجرها الأحصنة، إذ يتراوح سعر برميل المياه الواحد بين 1000 و1500 ليرة (0.23 دولار)، مع العلم أن المياه هي مجانية ولكن الكثير من النازحين ليس لديهم آليات لنقلها فيقومون بشراء المياه مهما كان ثمن البرميل.
ويعتبر بيع المياه في المخيم مصدر الرزق الوحيد لعشرات العائلات من قاطني مخيم الركبان.
العودة للعصر الحجري
وأزمة المياه أعادت حسنة أم محمد المقيمة في المخيم لـ"العصر الحجري" كما أوضحت لـ"العربي الجديد" فكمية المياه اليومية التي تقدر بحوالي برميلين للعائلة لا تكفي للشرب والغسيل والاستحمام في ظل جو الصحراء القاحلة التي يقع فيها المخيم، وقالت: "الحديث عن تفاصيل استخدامنا للمياه سيعود بنا للعصر الحجري فالحياة هنا في مخيم الركبان كلها عذاب متواصل".
وتضامناً مع النازحين في مخيم الركبان، أطلق ناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي حملة بعنوان "أنقذوا مخيم الركبان" لتسليط الضوء على ما يعانيه النازحون في المخيم من نقص في المياه ودرجات الحرارة المرتفعة وحصار خانق يفرضه النظام السوري وترعاه روسيا باتباع سياسة "الجوع أو الركوع" التي أجبرت الكثير من سكان المخيم على مغادرته لمناطق سيطرة النظام السوري رغم مخاطرها.