الفتوة وطلائع التحرير.. تجنيد بطعم غزة

23 ابريل 2015
+ الخط -

سبعٌ وستّون عاماً مرّت على استعمار الصهاينة لفلسطين، ولا زال الفلسطينيّون يقاومون الإسرائيلي بكلّ ما أتيح لهم من سبل، وإن كان جنوب فلسطين (قطاع غزّة) يحتلّه الجزء الأكبر من المقاومين المسلّحين، كونه منفصلاً نوعاً ما عن بقية الأراضي الفلسطينيّة، التي تقع تحت حكم الاحتلال والسلطة الفلسطينيّة. إذ تجد المقاومة على اختلاف أجنحتها السياسيّة تتوحّد عسكرياً حين تقع المواجهة مع إسرائيل على أراضي القطاع لتصدّ العدوان عنه، بحاضنة شعبيّة تدعم عمليّات المقاومين.

نتاج هذا، وفي الأوّل من أيلول/ سبتمبر 2012 اتّجهت كتائب القسّام بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم وداخليّة غزّة والأمن الوطني إلى فرض برنامج "الفتوّة" على صفوف المرحلة الثّانوية في مدارس البنين في قطاع غزّة ليشمل حوالى 100 ألف طالب. هذا البرنامج بمحتواه يشبه برنامج "مخيّمات طلائع التحرير" العسكريّة، والذي أعلن القسّام عنه مؤخّراً لكن بشكل اختياري.

هذان البرنامجان بما يحتويان، يهدفان، وفق مصادر قسّامية، إلى إعداد جيل مقاوم من خلال تدريب الفتية والشّباب على بعض الفنون القتاليّة وكيفيّة استخدام السّلاح والتعامل مع الأجسام المشبوهة وإطفاء الحرائق، كما تهيئتهم للالتحاق بصفوف المقاومين فيما بعد لما يسمّى بمرحلة "التجنيد الاختياري".

يقول محمّد شعبان، وهو أحد الفتية الذين التحقوا بمخيّمات طلائع التحرير إن "ما دفعه للالتحاق بالمخيّم أداء كتائب القسّام في الحرب الأخيرة على قطاع غزّة، حين تغيّرت نظرته لحركة حماس بشكل عام، بعد أن كان لا ينفك عن مهاجمة "انقلابها"، لافتاً: "حينها أدركت أن لو لم تحسم حماس وضع القطاع بالقوّة لكان وضع غزّة الآن أسوأ من وضع الضفّة ولتمّ انتزاع سلاح مقاومينا وكانت المدينة ساحة لجنود الاحتلال يدخلونها حينما يريدون دون أي مقاومة" ويتّفق معه زميل له الذي أعقب: "إسرائيل قتلت والدي في حرب 2008 وأخي الكبير في الحرب الأخيرة، فإن لم ألجأ إلى هذه المخيّمات وأنا صغير السن، من يضمن أن هناك فرصة أخرى ستأتيني؟ هذه فرصتي الآن كي أبدأ في التدرّب ثم الالتحاق بصفوف المقاومين ومن ثمّ التخطيط للانتقام".

فيما يرى آخر، أنّ هذه البرامج بما تحتوي من مخطّطات وأهداف، إلا أنّها "إعلاميّة" أكثر مما هي إعدادت لجيل مقاوم، خاصّة وأن أعداد الملتحقين بها كبيرة جداً، مشيراً: "كان من الأجدر مراعاة أوضاعهم النفسية بعد خروجهم من الحرب الأخيرة وإبعادهم قليلاً عن جوّ القتال كي يستريحوا، وإن كان هناك ضرورة لهذا فإن اختيار توقيت تطبيق البرنامج لم يكن موفّقاً".

من جهته، يقول أحد المشرفين على مخيّمات طلائع التحرير العسكريّة "إن عدد خرّيجي هذه المخيّمات بلغ 17 ألف من الفتية الذين بلغت أعمارهم من 15-21 عاماً". وأوضح: "عملت المخيّمات على تدريب الفتية على فنون ومهارات العمل العسكري وتعليم إطلاق النّار والتعامل مع بعض الأجسام والقنابل، وتهيئتهم لمرحلة أخرى ستمكّنهم من الالتحاق بصفوف المقاومين إن أرادوا، إلى جانب دورات إسعافات أوليّة ودفاع مدني ومحاضرات وطنية ودينية وأخلاقيّة".

وقبيل انطلاق مخيّمات "طلائع التحرير" العسكريّة، انتشرت نقاط التسجيل لها في مناطق مختلفة من القطاع وسط إقبال كبير من الفتية، لتكون حصيلة هذين البرنامجين "الفتوّة سابقاً" و"طلائع التحرير" حالياً 117 ألف متدرّب.

وبدا اهتمام الإعلام العبري واضحاً تجاه هذه الخطوات القسّاميّة، فعرضت القناة الثّانية العبريّة تقريراً عن تدريبات الفتية في المخيّمات مفاده: "فتية غزّة يتربون على القرآن والبندقيّة. ومخيّمات حماس تهدف إلى زيادة كادر المقاتلين المستقبلي في صفوف القسّام حيث شملت التدريبات إطلاق نار، قراءة الخرائط، إسعافات أوليّة وكذلك تدريبات على خطف الجنود" إلى جانب تحليلات بعض العسكريّين: "هذا يقع ضمن العمليّة الأوسع التي بُدء بها عقب عمليّة "الجرف الصّامد" وهو إنشاء جيش شعبي، بما يُشبه مليشيا جيش احتياط لتكثيف الصّفوف عند اندلاع حرب جديدة كما أن ضائقة حماس الماليّة والدوّامة الداخليّة في قيادة التنظيم لم يمنعاها من استثمار وتوظيف كبيرين لزيادة القوّة".

وتبقى الأسئلة التي يمكن طرحها حول التجنيد والعسكرة والسلاح والأطفال والشباب في أي بقعة من العالم مختلفة عما هي في قطاع غزة المحاصر، بل بطعم ولون آخرين.


(فلسطين)

المساهمون