- التغيرات الجذرية في العادات الرمضانية بسبب الحرب والفقر، حيث يواجه السوريون تحديات في الحفاظ على الطقوس الرمضانية، مع انقسام بين من فقد الاهتمام ومن يحاول الحفاظ على التقاليد.
- النازحون والمقيمون في مناطق متأثرة بالحرب يعانون من صعوبات مادية تعيق تحضيرات رمضان، مع اعتماد بعضهم على المساعدات والتحويلات المالية من المغتربين لتأمين متطلبات الشهر.
لا يملك غالبية السوريين توفير متطلبات شهر رمضان التي اعتادوا عليها، كما يُحرم كثيرون من اجتماع العائلات لتناول وجبات الإفطار معاً.
لشهر رمضان خصوصيّته لدى السوريين، وتسبقه تحضيرات تتعلّق بالمأكولات والمشروبات والزينة وغيرها، لكن الأوضاع المعيشية المتردية لا تسمح بالكثير.
تعيش السورية سناء جمعة مع أسرتها في السويداء، وتقول لـ "العربي الجديد": "أحاول دائماً الاقتصاد لتأمين احتياجات شهر رمضان الذي يعد فرصة لجمع العائلة على مائدة واحدة وسط جو عائلي نفتقده في معظم الأحيان".
أما محاسن الشوا، التي تقطن في ريف درعا، فتقول: "أكرمنا الله خلال الشهرين السابقين بالمطر، واستطعت ادخار مبلغ من المال من خلال عملي في بيع الحشائش، وما زلنا نذهب كل صباح إلى العمل ونعود مساء كي نؤمن بعضاً من أساسيات الشهر. لكن لا توجد تحضيرات تذكر مما كان في السابق، فلا رحلات إلى الغوطة أو طريق المطار، ولا دعوات للأهل والأقارب على موائد الإفطار".
من دمشق، يقول عز الدين ناعورة لـ "العربي الجديد": "ما زلنا نسعى جاهدين للحفاظ على الحد الأدنى من عادات الشهر الفضيل وطقوسه، وذلك من خلال اجتماع أفراد العائلة في أول يوم على الإفطار، وزيارة المسنين، والاهتمام بالصغار، لكن الفقر يُنغص علينا فرحنا بالشهر. في الوقت الحالي، نفكر في تأمين الحد الأدنى من متطلبات العائلة لا أكثر".
يتابع عز الدين: "تغيرت أحوالنا، ومعظم الشعب السوري مفجوع أو محتاج، ولا توجد مقومات مادية أو خدمية تساعده على الخروج من حالة اليأس التي يعيشها. انقسم الشعب نتيجة الحرب إلى شريحتين إحداهما أقلية لا يعنيها الشهر الفضيل أو الصيام، وأكثرية تسعى جاهدة للحفاظ على ما تبقى من طقوس وشعائر رغم القهر والعداء والفقر والخوف".
ومن اللاذقية، يسرد الطبيب سامر قصير: "كنّا ننتظر هذا الشهر لما يحمله من تسامح ومحبة ولقاء بين الأصدقاء والأقارب إلى حين حلول العيد. أما اليوم، فقد هُجر نصفنا وجاع النصف الآخر. البعض ينتظر من المغتربين التحويلات المالية حتى يتمكنوا من قضاء الشهر، وآخرون يوفرون المال لشراء بطارية إنارة أو حطب ووقود للتدفئة، بالإضافة إلى الزيت والسمن والطحين، وهناك من يمر عليهم الشهر والعيد من دون أن يشعروا به. شخصياً، لم أحضر شيئاً لرمضان باستثناء قليل من التمر وجذور السوس كوني أعد شراب السوس في البيت".
بدوره، يقول سامر أبو محمود المقيم في ريف حمص الشمالي لـ "العربي الجديد": "لا يمكن أن نقارن تحضيرات شهر رمضان في الوقت الحالي بتلك التي كانت قبل عام 2018. قبل تهجير السكان من المنطقة، حينها كانت الأجواء مختلفة. اليوم، نكتفي بتحضير الجبن البلدي الذي يعتبر من الوجبات الأساسية خلال رمضان إضافة إلى التمر. الاهتمام في الوقت الحالي منصبّ على كيفية تدبر الأحوال".
وللحالة المادية في مناطق شمال غرب سورية تأثيرها على النازحين والسكان، وقد انعكست بصورة واضحة على التحضيرات لشهر رمضان. تقول فريدة الكرومي لـ "العربي الجديد": "يحمل هذا العام معه المزيد من المشكلات التي نعيشها في مخيم قاح. نحار في كيفية تأمين لقمة العيش الكريمة وسط الفقر وانعدام الدخل، ما ينغص علينا فرحة الشهر الفضيل، وقد تخلينا عن كثير من الأمور، خصوصاً المأكولات التي كنا نجهزها".
الحال نفسه تعيشه المسنّة فاطمة الفطراوي المقيمة في مخيمات دير حسان شمالي إدلب، والتي لم تقم بأية تحضيرات لشهر رمضان. وتسأل: "من أين يا حسرة؟ كنا نعتمد على السلال الإغاثية التي توزعها المنظمات، لكن هذا العام الوضع سيئ للغاية. أفتقر إلى المعيل منذ وفاة زوجي، كما أن عمل ابني لا يخوله تأمين أدنى متطلبات الحياة لعائلته المؤلفة من تسعة أفراد، حتى أن البطاطس المقلية والفتوش والحساء والقطايف والسوس والجلاب اختفت عن مائدتي".
أما علاء المحمد المقيم في مدينة إدلب، فيوضح لـ "العربي الجديد" أنه ذهب مع أطفاله إلى السوق، واشترى لهم بعض فوانيس الزينة، ويقول: "للشهر خصوصيته، ونحن مهجرون من الغوطة الشرقية، لكن ابنتي الكبرى (9 سنوات) كانت مصرة على شراء زينة رمضان، أي فانوس وهلال يضيء بالبطارية، وندعو الله أن تكون أحوالنا أفضل في رمضان وبعده".
وتقول سعدية الحماد من سكان مدينة القامشلي لـ "العربي الجديد": "استقبلت رمضان بترتيب وتنظيف البيت، وبناتي اشترين فوانيس للزينة، وهذه كانت كل تحضيراتنا. نحن في وضع صعب، والأوضاع المعيشية أصعب من العام الماضي، ولا نملك تحضير أي شيء، لكننا نصوم".