من بلدة الياجور الفلسطينية التي تقع على سفح جبل الكرمل، خرجت اللاجئة الحاجة نعيمة شحادة في الـ13 من العمر، مع عائلتها، سيراً على الأقدام نحو بلدة كفر مندا أولاً ثم بلدة سعسع، وصولاً إلى جنوب لبنان وبعدها بعلبك في سهل البقاع (شرق).
تقول الحاجة نعيمة شحادة، التي تعيش اليوم في مخيم شاتيلا للاجئين ببيروت، لـ"العربي الجديد": "اشتد قصف العدو الصهيوني على بلدتنا، وشعرنا بخوف شديد، فآثر أبي الذي كان يعمل مزارعاً الخروج كي لا يهجم علينا الصهاينة ويذبحونا، كما كانوا يفعلون في بلدات أخرى يهاجمونها. وبعد وصولنا إلى بعلبك، مكثنا في مخيم كان في الأصل ثكنة عسكرية فرنسية. عشنا ثلاث سنوات هناك على المساعدات التي قدمتها لنا وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). كانت سنوات مريرة وصعبة، فالبرد كان شديداً في الشتاء، وكانت الثلوج تدخل الخيم، وفي الأيام التي يكون فيها الطقس عاصفاً، كنا نشعر بأننا سنطير من أماكننا".
تتابع: "تزوجت حين كنت في التاسعة عشرة من العمر، وانتقلت مع زوجي للعيش في مدينة بعلبك. عملت لمساعدة زوجي المزارع، ثم انتقلت للعيش في مخيم شاتيلا (الضاحية الجنوبية لبيروت) بعدما اخترق مسمار صدئ قدمه فخفت عليه، وقررت أن أرعاه ولا أتركه. واشترى والدي لنا البيت الذي ما زلنا نسكنه حتى اللحظة".
تقول إنّها أنجبت 11 ولداً بينهم صبي بعد 7 بنات، "وقد تعلم ابني في جامعة بيروت العربية، والبنات حتى الصفوف الثانوية". وتوفي زوجها بقذيفة سقطت أمام البيت عام 1976، فعملت مع بناتها في دكان البقالة الذي كان يملكه، بهدف تأمين احتياجات الحياة.
وبعد أربع سنوات من العمل، أغلقت نعيمة الدكان، لأنّ ابنتها توفيت، بينما هي لم تعد تقوى على المشي، وظلت تتقاضى راتب تعويض من منظمة التحرير الفلسطينية عن وفاة زوجها قبل أن يتوقف بعد فترة. واليوم "لا يتقاضى أحد في البيت أي راتب، ويتولى ابني المسافر مصاريفنا".
في السابق، خرجت نعيمة شحادة من فلسطين سيراً على قدميها، لكنها بعد مرور كل هذه السنوات في اللجوء، خسرت قدرتها على المشي، مع ذلك، تتمنى العودة إلى فلسطين: "كنا نعيش بسعادة، قبل أن يجبرنا قصف الصهاينة أرضنا على الخروج منها، فخرجنا تاركين خلفنا كل شيء حتى إننا لم نستطع حمل الأغراض الخاصة بنا. وهكذا جئنا إلى لبنان هرباً من الموت، ثم فقدنا السعادة، وهو حال جميع اللاجئين الفلسطينيين، لأنّهم خسروا وطنهم وبيوتهم وأرضهم".