في شمال غرب باكستان، ولد نجيب الله بشايي وهو لاجئ أفغاني استقرّت أسرته في البلد الجار منذ خروجها من أفغانستان قبل نحو 40 عاماً على خلفية الغزو السوفييتي. فترعرع في تلك المنطقة متنقلاً بين مخيمات عدّة للاجئين. لا يخفي نجيب الله أنّه كان يرغب في أن يصير طبيباً، وجرّاح قلب بالتحديد، عندما كان صغيراً. حينها لم يكن يعلم أنّ اللجوء والغربة وتبعات الحياة الثقيلة سوف تمنعه من تحقيق حلمه. واليوم، عند سؤاله عن العودة إلى أفغانستان، يحاول التهرّب من الردّ. بالنسبة إليه فإنّ "البطالة ترتفع بشكل كبير هناك وثمّة أقارب لي يرغبون في الانتقال إلى باكستان إذا سنحت لهم الفرصة".
يخبر نجيب الله البالغ من العمر اليوم 35 عاماً: "كنت صغيراً وكنّا نعيش في مخيم كجه كري بضواحي مدينة بيشاور مركز إقليم خيبربختونخوا الحدودي، وكان والدي يملك محلاً صغيراً للخضر في سوق بورد بازار". يضيف: "وعندما كنت أمشي مع والدي، كنت أشاهد الأطباء وطلاب كليات الطب وهم يلبسون الرداء الأبيض، فرحت أحلم بأن ألبسه في يوم من الأيام وقد صرت طبيباً. وكنت أردّد لوالدي أنّني سوف أصير جراح قلب".
ويتابع نجيب الله: "أُلحقت في البداية بمدرسة تابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مخيم كجه كري، وكنت متفوقاً وكنت أتعلّم اللغة الإنكليزية. لكنّني توقّفت عن الدراسة في الصف الثامن، إذ مرض أبي وكان بالتالي في حاجة إليّ لأساعده في المحل، كوني ابنه البكر". وعندما ترك المدرسة، كان نجيب الله يأمل بالعودة إليها مجدداً بعد تعافي والده، وكان يتوقع أن يكون ذلك في العام الذي تلا. لكنّه لم يعد إليها قط. فمع مرور الأيام، تفاقمت حال والده الصحية وبات هو يهتم بشؤون المحل كلها، وصار هو معيل الأسرة الوحيد.
لا يخفي نجيب الله أنّه كان "سعيداً في البداية إلى حدّ ما، بعدما توليت أمر المحل. فأنا كنت أكسب المال وكنت أظنّ أنّني سوف أعود إلى المدرسة بعد تحسّن حال والدي. لكنّ ذلك لم يحصل، ولم أجلس من جديد على مقعد مدرسي". وفقد الأمل بعد أعوام، وبدأ يعمل في المحل بشكل طبيعي ويفكّر في الربح أكثر، فاستأجر محلاً آخر أكبر من القديم وحقّق ربحاً مالياً لا بأس به. وقبل عشرة أعوام، تزوّج نجيب الله قريبة له في مدينة بيشاور ولديهما اليوم ستة أولاد، ابنان وأربع بنات، جميعهم في المنزل. هو يرغب في تعليم ابنَيه، لكنّهما ما زالا صغيرَين. أمّا البنات، فأعراف الأسرة وعاداتها لا تسمحان لهنّ بالالتحاق بالمدرسة، لكنهنّ يدرسنَ في البيت الكتابة والقراءة والدين.