- **تأثير حرمان البنات من التعليم على حياتهن**: الطالبة مجيدة بي بي تعبر عن حزنها العميق وآثار نفسية سلبية نتيجة حرمانها من التعليم منذ سيطرة "طالبان" في أغسطس 2021.
- **آراء الناشطات والمجتمع حول حرمان الفتيات من التعليم**: الناشطة صفية وزيري تنتقد سياسة "طالبان"، مشيرة إلى تأثيرها السلبي على المجتمع، مثل قلة الممرضات والطبيبات، وتؤكد على أهمية تعليم البنات.
أعلن مركز إدارة الامتحانات في حكومة حركة "طالبان" في أفغانستان نتائج الامتحانات الشاملة في الجامعات الحكومية للبنين في 21 يوليو/ تموز الماضي، وشهدت العاصمة كابول والمدن الرئيسية التي ينتمي إليها الطلاب الذين نالوا درجات عالية احتفالات، كما حرصت الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية على تتويج هؤلاء الطلاب في مراسم استثنائية.
وجاء ذلك وسط حرمان البنات من التعليم مع مواصلة إغلاق الجامعات والمدارس فوق الصف السادس في وجوههن، ما زاد الآثار النفسية السيئة عليهن بشكل كبير.
تركت الطالبة مجيدة بي بي التعليم في الصف الـ11، في حين كانت تنتظر أن تنهي دراسة المرحلة الثانوية للالتحاق بكلية الطب كي تصبح طبيبة أطفال، أو كلية الحقوق لتكون محامية أو قاضية في المستقبل، وذلك في حال فشلت في الحصول على معدل يسمح بدخولها كلية الطب. وقبل الوصول إلى المرحلة الأخيرة في المدرسة سيطرت "طالبان" على الحكم في أغسطس/ آب 2021، وحرمت البنات من التعليم.
تقول مجيدة لـ"العربي الجديد": "لم تتوقع الفتيات يوماً أن تحلّ هذه الحال بهن، ويحرمن من التعليم، وتغلق أبواب المدارس أمامهن. كنت أحلم بأن أكون طبيبة، وكنت أقول لأمي دائماَ إنني سأكون طبيبة بعد سنوات، والآن لا أمل لدي ولا طموح، أشعر بحزن شديد، ولا أستطيع أن أنام من دون أن أفكر في التعليم والدراسة. ما زلت أريد أن أكون طبيبة، وأناشد قادة طالبان أن يسمحوا لنا بمواصلة التعليم كما هم يريدون، وليس كما يريد المجتمع الدولي. نقبل كل الشروط ولا نريد إلا التعليم".
وبشأن وضعها النفسي، تقول: "لا يمكنني أن أعبّر عن حقيقية ما أشعر به من حزن وخوف داخلي شديدين على مستقبلي. لا أتلذذ بالطعام ولا الشراب ولا النوم، ولا أحب المشاركة في حفلات الأفراح. أيام العيد عادية جداً بالنسبة لي، ولا أشعر بفرح. يصرّ والداي على أن أتناول الطعام في شكل جيد، وأهتم بنفسي وحياتي، لكنني أرى أن الحياة من دون تعليم ليست شيئاً، لذا لا أتلذذ بأي شيء، وتعرضت أخيراً لمشكلة فقدان النوم خلال الليل، وكنت أعاني كثيراً حتى أخذني والدي إلى طبيب نفسي، والآن أواصل أخذ الدواء من أجل النوم، وأمي قلقة علي، وتقول لي إنها تجاوزت الـ50 من العمر ولم تستخدم دواءً للنوم، بينما أستخدمه أنا منذ نعومة أظافري، لكنني مرغمة على فعل ذلك، وأنتظر بفارغ الصبر أن أعود إلى المدرسة وأكمل المدرسة ثم ألتحق بالجامعة لأحقق حلمي في أن أكون طبيبة أو محامية".
أيضاً تقول كلثوم عبد الله، التي كانت طالبة في الصف التاسع في مدرسة حكومية بكابول قبل أن تغلق حكومة حركة "طالبان" المدارس بعد الصف السادس، لـ"العربي الجديد": "أردت أن أعيش حياة مغايرة لأمي التي لم تتعلم بسبب الظروف التي سادت في منزلها وزواجها المبكر، وكانت الظروف متاحة كي أفعل ذلك، وكان الوضع المعيشي جيداً بالنسبة إلينا، ولا يزال والدي يساعدني ويدعمني، وكنت أعيش في كابول حيث كانت المدرسة بجانب منزلنا، واعتقدت بالتالي أن لا شيء يعيق إكمال دراستي".
وتوضح كلثوم قائلة: "كانت أمي تبدي دائماً خشيتها من سيطرة طالبان على الحكم مجدداً ومنعها الطالبات من الدراسة، لكن جميع أفراد الأسرة كانوا يظنون أن طالبان تغيّرت عن تسعينيات القرن الماضي وستعترف بالتالي بضرورة تعليم الفتيات باعتباره ضرورة في الوقت الحالي كي يتماشى الشعب الأفغاني مع العالم المتحضر، لكن في نهاية المطاف كانت والدتي على حق وكان رأيها صائباً، بينما أخطأ الباقون. واليوم مرّت ثلاث سنوات على منع طالبان تعليم البنات، ولا يدري أحد إلى متى ستستمر هذه الحال المأساوية".
وتعلّق الناشطة صفية وزيري على موضوع حرمان الفتيات من التعليم، وتقول لـ"العربي الجديد": "لا تنوي حكومة طالبان فتح مدارس البنات والسماح لهن بالتعليم، وذريعتها الخاصة بوضع آلية لتعليمهن لا طائل منها، ففي الماضي لم يكن نظام التعليم في أفغانستان مختلطاً، وكانت هناك مدارس للبنات وأخرى للبنين، وانحصر موضوع تنظيم التعليم بالتالي بالمدرسين والمدرسات، لأن رجالاً كانوا يدرّسون في مدارس البنات وكانت نساء يدرّسن في مدارس البنين، وهناك بعض الأمور الأخرى، لكن هل يأخذ تنظيم كل ذلك ثلاث سنوات؟ لا نقبل هذا المنطق، ولم يقبله أيضاً عدد من قادة طالبان".
وتذكر صفية أن "أفغانستان تواجه مشكلات كبيرة حالياً بسبب سياسة طالبان الخاصة بتعليم الفتيات، ومن بينها قلة أعداد الممرضات والطبيبات والمدرسات، وأسأل طالبان التي تسمح بتعليم الفتيات حتى الصف السادس، من سيدرس هؤلاء الفتيات بعد خمس سنوات؟ ألن يحتجن إلى معلمات؟ ثمّة مشكلة كبيرة جداً وتعليم البنات أساسي، ولا يمكن أن يعيش شعب من دون ذلك".