- الناشط جمال الرياني ينتقد ربط المصالحة بالوضع السياسي ويدعو لتركيز الجهود على المستوى الاجتماعي وضرورة أن تكون المباحثات ليبية خالصة، مشددًا على أهمية العدالة الانتقالية.
- الناشط المدني عيسى الطلحي يرى أن انعقاد المؤتمر يعد خطوة مهمة نحو الحوار والمصالحة، مؤكدًا على دور الانتخابات في تعزيز التصالح، بينما يظهر مجلس النواب دعمه من خلال تعديل قانون العفو العام.
لم يتبق على الموعد المحدد لعقد المؤتمر الجامع للمصالحة الليبية في يوم 28 إبريل/نيسان المقبل سوى بضعة أسابيع من دون أن تحدد الأطراف المستهدفة بالمصالحة، أو أجندات المؤتمر، أو مواقف الأطراف الفاعلة في المشهد الليبي من المشاركة فيه.
والأربعاء الماضي، جدد نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي التأكيد على ضرورة عقد المؤتمر بمشاركة كل الأطراف لضمان إحراز تقدم في ملف المصالحة باعتبارها مفتاح الحل في ليبيا. جاء ذلك أثناء استقبال اللافي وزير الشؤون الخارجية الكونغولي جان كلود جاكوسو، ومستشار الاتحاد الأفريقي للمصالحة الوطنية محمد حسن اللبات، لبحث مستجدات ملف المصالحة الوطنية، والتحضيرات لعقد المؤتمر، وفق بيان صدر عن المجلس الرئاسي.
ويشرف المجلس الرئاسي على ملف المصالحة، وعقد العديد من الجلسات التحضيرية، آخرها مؤتمر في نهاية فبراير/شباط الماضي بعنوان "دعم المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية"، جرت خلاله مناقشة "مشروع قانون ذات البين". وأكد المجلس الرئاسي، في بيان عقب المؤتمر، أن "ملف المصالحة استحقاق وطني، ويأتي في وقتٍ حساس، ويمثل تحدياً كبيراً في إدارة مشروع المصالحة الوطنية عبر واحد من أهم مساراته وهو العدالة الانتقالية".
ويعتبر الناشط في مجال المصالحة الوطنية جمال الرياني أن ربط ملف المصالحة بالوضع السياسي الحاصل الآن "هو أحد أسباب الفشل المبكرة. نشيد بدور المجلس الرئاسي في الدفع بملف المصالحة إلى السطح، واستمرار الجهود دليل على ذلك، لكن الملف يجب أن تجري فيه خطوات على المستوى الاجتماعي، ولو بشكل أولي، لبناء القواعد قبل توسيع المشاركة لتشمل شخصيات على علاقة بالصراع السياسي الذي انسدت كل سبل حلوله".
ملف العدالة الانتقالية مطلب أساسي لجبر الضرر ورد الحقوق في ليبيا
وينتقد الرياني، في حديثه مع "العربي الجديد"، المشاركة الخارجية في المؤتمر، سواء من قبل الاتحاد الأفريقي أو الأمم المتحدة، مؤكداً أن "كلا الجهتين لم تنجح في تحقيق أي مصالحة في أي بلد فيه نزاع حول العالم، والأمم المتحدة فشلت في تحقيق المصالحة بين السياسيين في ليبيا طوال سنوات، بل كانت جزءا من الفوضى في مناطق النزاع في أكثر من دولة، ونطالب بضرورة أن تكون مباحثات ومناقشات المصالحة ليبية من دون تدخل دولي، وأن تكون على المستوى الاجتماعي في المرحلة الأولى".
وفي مطلع فبراير الماضي، استضافت الكونغو برازفيل مؤتمراً مصغراً للمصالحة الليبية ضم عشر دول أفريقية معنية بالملف الليبي، وشارك فيه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بهدف التحضير للمؤتمر الجامع المقررة إقامته في مدينة سرت، وأكد بيان مؤتمر الكونغو ضرورة اتخاذ آليات فعالة من أجل إدماج دول الجوار الليبي في أعمال اللجنة الأفريقية بشأن ليبيا في الاتحاد الأفريقي.
ويتساءل الرياني عن هوية الأطراف المعنية بالمصالحة المستهدفة بالمشاركة في مؤتمر سرت، ويقول: "حتى الآن، لا يبدو أن هوية الأطراف واضحة على الرغم من اقتراب موعد المؤتمر، وإذا حدث وكانت أغلبية الممثلين سياسية، فالمؤتمر لن يكون هدفه المصالحة في مستويات أوسع وأعمق بقدر ما سيكون وسيلة لإيجاد حل سياسي بين الخصوم. جملة من الإجراءات تشير إلى أن ملف المصالحة متجه للاستغلال السياسي بدلا من أن تتجه الجهود إلى فتح ملف العدالة الانتقالية، وهو أساس للمصالحة من خلال جبر الضرر ورد الحقوق، وقد رأينا المجلس الرئاسي يصدر قراراً بضم مصابي حروب خليفة حفتر إلى هيئة رعاية أسر الشهداء الحكومية".
وقبل أيام، أعلن المنفي تراجعه عن قرار ضم شهداء وجرحى قوات حفتر في المنطقتين الشرقية والجنوبية إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين، وذلك بعد أن احتشد العشرات من المحتجين أمام مقر المجلس الرئاسي، وطالبوا بسحب القرار.
ويعتبر الرياني أن هذه الواقعة كافية لاستشراف الفشل، متسائلاً: "كيف يمكن أن يكون المنفي مشرفاً على المصالحة الوطنية وهو طرف على طاولة حوار تضم خمسة خصوم في الصراع السياسي"، في إشارة إلى مبادرة البعثة الأممية لطاولة الحوار الخماسي التي دعي إليها المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، واللواء المتقاعد خليفة حفتر.
في المقابل، يثني الناشط المدني عيسى الطلحي على جهود عقد مؤتمر المصالحة، معتبراً أن "مجرد انعقاده، ولو بتمثيل منخفض، هو خطوة مهمة تعزز ضرورة استمرار الجهود، ومجرد شعور الأطراف بالحاجة إلى المصالحة والحوار في حد ذاته مكسب".
ويضيف الطلحي لـ"العربي الجديد" أن "ملف المصالحة لا يمكن فصله عن حالة الخلاف السياسي، بل هو أساسي للتوجه نحو تفكيك الخلافات، والمصالحة جزء منها سياسي، ولا أحد ينكر أن الانتخابات مطلب وطني، ويمكنها أن تعزز الشعور بالتصالح".
وفي خطوة تشير إلى دعم مجلس النواب عقد مؤتمر المصالحة، أعلن مجلس النواب، الأربعاء الماضي، تعديل قانون العفو العام الذي أصدره في عام 2015، لضم مرتكبي الجرائم خلال الفترة التي سبقت عام 2011، ومحوها من سجل السوابق الجنائية للمستفيدين من القانون، في استجابة لمطالب أنصار النظام السابق بشأن تسوية أوضاعهم القضائية قبل الانضمام إلى جهود المصالحة الوطنية.