"بدا عيداً مختلفاً".. هكذا كادت تجمع تعليقات المصريين في البيوت، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، عبر نشر صور الازدحام غير المسبوق في الساحات الفسيحة، المسموح بها وغير المسموح بها، التي انتزعها المصلون عنوة، وصلوا فيها، فيما فسره متابعون بأنه "رسالة من المصريين للسلطة ومن يمثلها".
وبينما طالب مغردون السلطة بقراءة رسالة الاحتشاد جيداً، تحسباً لما هو قادم، رأى متابعون في إسناد خطبة العيد للشيخ السيد عبد الباري، وهو من قيادات وزارة الأوقاف، بدلاً من الممثل الديني للسلطة وزير الأوقاف مختار جمعة، الذي دأب على اعتلاء المنبر في الخطب الدينية المعتادة ومعظم خطب الجمعة؛ بأنه محاولة لامتصاص الغضب الذي أثاره الوزير بقراراته المتوالية المثيرة للجدل، بداية من منع صلاة التهجّد بالمساجد خلال رمضان، وانتهاء بمحاولة منع الصلاة في الخلاء خلال عيد الفطر، ثم وضع ضوابط لصلاة الأطفال أثارت السخرية على مواقع التواصل.
وقال الصحافي بصحيفة "الأهرام" الرسمية أنور الهواري إن صلاة العيد اليوم "كانت سياسية بامتياز"، مشيراً إلى بدء التكبير من بعد صلاة الفجر مباشرة، وزيادة الحضور عن المعتاد فيما سبق من سنوات، وأكد أن "لدى جمهرة المصلين إحساسا بأنهم يرسلون رسالة تحدٍ لمن يهمه الأمر".
وتابع الهواري، في منشور له على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك"، أن "هذه معركة، بعضها كامن وبعضها ظاهر، صنعها تخبّط وزارة الأوقاف، وسوء إدارتها، وانشغالها بخدمة السياسة والأمن أكثر من انشغالها بإقامة الدين والإيمان".
ورأى أن "خلط وزارة الأوقاف بين الدين والسياسة وبين الإيمان والأمن بمعناه البوليسي القمعي جعل كثيرين من المسلمين يشعرون بأن ثمة حرباً على الإسلام مخططة ومدبرة من طرف الدولة".
بدوره، قال السفير السابق فوزي العشماوي إن منظر الحشود الجماهيرية التي تؤدي صلاة العيد في الساحات العامة والشوارع والميادين "لافت وكاشف".
وتابع بالقول على صفحته الشخصية على "فيسبوك": "صحيح أنه تقليد مصري بامتياز، ولكنه هذا العيد كان مختلفاً من حيث حجمه الأكبر بعد سنتي الوباء العجاف من جهة، وكونه احتجاجاً صامتاً ومخالفة عملية تعقب اللغط والجدل حول توجهات وقرارات وزارة الأوقاف بمنع صلوات التهجد ثم السماح بها، وما أشيع عن التوجه لتنظيم صلاة العيد في الأماكن العامة، ثم الإقلاع عن ذلك".
ونصح العشماوي الدولة بـ"وجوب امتلاك الحس السياسي للتمييز بين التنظيم المطلوب والحميد والمرغوب للفضاء العام من جهة، والوقوف في وجه التقاليد والمعتقدات والطقوس الشعبية الراسخة من جهة أخرى".
وأعلن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، قبل يومين، ضوابط صلاة عيد الفطر، مؤكداً أنها ستقام في المساجد الكبرى والجامعة فقط دون الساحات العامة، لتطبيق إجراءات التباعد الاحترازية المطبّقة من عامين، منعاً لانتشار فيروس كورونا، رغم عدم الالتزام بها في مختلف المصالح الحكومية والمرافق العامة بالبلاد.
وبرر جمعة منع صلاة العيد في الساحات بصعوبة تطبيق إجراءات التباعد فيها، خلاف المساجد المطبقة بها هذه الإجراءات. وشدد على "ضرورة الالتزام بضوابط صلاة عيد الفطر في المساجد الكبرى والجامعة، وهي فوق إجراءات التباعد، تقتضي فتح المسجد قبل الصلاة بـ10 دقائق وغلقه بعدها بـ10 دقائق، وأن تكون مدة التكبير في حدود 7 دقائق"، الأمر الذي نسفه المصريون في صلاة العيد الإثنين.