نجحت الضمانة التي قدمتها المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في المغرب، ليلة الجمعة، في إنقاذ اتفاق ينهي إضراباً عن الطعام لـ"ضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة" الذي دام أسبوعاً، بعد أن كان قريباً من الانهيار جراء مخاوف المضربين من تملص وزارة العدل من التزامها فتح الحوار معهم مقابل تعليقهم الإضراب.
وأعلنت المندوبية الوزارية المكلفة حقوق الإنسان، ليلة الجمعة، الاتفاق على إيقاف المضربين المنتمين إلى ما بات يعرف إعلامياً في المغرب بـ"ضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة"، مقابل، استعداد وزارة العدل للتواصل معهم في غضون أسبوعين على أقصى تقدير.
وقالت المندوبية، في بيان لها: "تتبعت المندوبية الوزارية المكلفة حقوق الإنسان باهتمام كبير الاتصالات والجهود المبذولة من طرف ممثلي وزارة العدل لإيقاف الإضراب عن الطعام احتراماً وصوناً للحق في الحياة".
ولفتت إلى أنها "تسجل بإيجابية عالية استعداد وزارة العدل لاستقبال وفد عن المضربين عن الطعام للتوصل معهم في غضون أسبوعين على الأقصى، ولا يسعها إلا أن تثمن تجاوب المضربين بإيقاف إضرابهم".
في المقابل، قال المضربون إن تعليقهم الإضراب جاء بناءً على إعراب وزارة العدل عن نيتها فتح باب الحوار لحلحلة الأزمة بضمانة من المندوبية الوزارية وفعاليات المجتمع المدني، معتبرين في بيان لهم أن رفع الإضراب "إجراء مرحلي برهنّا من خلاله عن حسن نياتنا وإيماننا بالمؤسسات"، وأن معركتهم مستمرة.
وكان محمد الغلوسي، رئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام"، وهي إحدى الفعاليات التي تابعت المفاوضات بين الطلبة الراسبين والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ووزارة العدل، قد كشف في وقت سابق لـ"العربي الجديد" عن التوصل إلى الاتفاق بعد مناشدات كثيرة من منظمات حقوقية وشخصيات وطنية وفاعلين مدنيين وأكاديميين، وبعد نقاش مسؤول وعميق وجهود حثيثة ومتواصلة، وبحضور المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ووزارة العدل في مقر فيدرالية اليسار الديمقراطي بالرباط.
وبحسب الغلوسي، فإن مضامين الاتفاق تضمنت تعهد وزارة العدل بفتح حوار مع الطلبة المحتجين حول مطالبهم خلال أجل أقصاه 15 يوماً، معتبراً أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه "انتصار للحق في الحياة وحفاظ على صحة المضربين عن الطعام".
وكاد الاتفاق أن ينهار قبل ساعات قليلة من إعلانه، حيث اشترط المضربون إصدار بيان عن المندوبية يرسم الاتفاق، ويتضمن التزام وزارة العدل فتح حوار معهم مخافة الالتفاف على ما اتُّفق عليه.
وأضافت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "البيان الذي طالب به الطلبة المضربون كان محط مناقشة، حيث برز اختلاف حول صيغة صدوره، ما جعلهم يعدلون عن تعليق الإضراب المفتوح عن الطعام، إلا أن الجهود التي بذلت انتهت بإصدار بيان يتضمن التزام وزارة العدل فتح حوار مع الطلبة".
وحظي إضراب 15 طالباً ينتمون إلى "اللجنة الوطنية لضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة" باهتمام واسع، دفع عدداً من الشخصيات الحقوقية والسياسية وفعاليات مدنية إلى إطلاق عريضة، أمس الجمعة، ناشدت من خلالها المضربين إيقاف إضرابهم عن الطعام، خصوصاً بعد الأنباء المتواترة عن تدهور حالتهم الصحية.
ومنذ تفجر الملف بداية العام الحالي، لجأ "ضحايا امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة" في معركتهم إلى المطالبة بإلغاء نتائج الامتحان وإيقاف تنفيذ قرار وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، القاضي بإجراء الامتحان الشفوي بداية الشهر الحالي، إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر البرلمان في العاصمة المغربية الرباط، وسلوك المسار القضائي.
وتحولت نتائج اختبارات المحامين التي أُعلنت بداية يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى قضية رأي عام في المغرب، بعد الكشف عن تضمن لوائح الناجحين أسماء نجل وزير العدل الحالي وأقارب له، وأبناء محامين ومسؤولين في وزارة العدل، بالإضافة إلى برلمانيين سابقين وحاليين.
وأثار إعلان نتائج الامتحانات الأهلية غضب عدد من المتبارين الراسبين، الذين نظموا وقفات احتجاجية عدة أمام مقر البرلمان المغربي، للمطالبة بفتح تحقيق في هذه النتائج وإبطالها، وإعادة تصحيح الأوراق.
ودشّن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم (مباراة المحاباة وليس المحاماة)، شككوا من خلاله في نزاهة الامتحان والنتائج، منددين بمحاولات "توريث" مهنة المحاماة داخل العائلات النافذة، وإقصاء أبناء الطبقات الفقيرة، وتحطيم أحلامهم.