المغرب: تكثيف الاستعدادات لمواجهة حرائق الغابات

13 يونيو 2024
اقتنى المغرب طائرتين جديدتين لمكافحة الحرائق هذا العام (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المغرب يكثف جهوده لمواجهة حرائق الغابات مع اقتراب الصيف، مستفيدًا من تجارب السنوات السابقة ويخصص 153 مليون درهم لتعزيز الإمكانيات وتوفير التجهيزات اللازمة للحد من الحرائق وتعزيز الرصد والإنذار المبكر.
- تنفيذ برامج توعية بالتنسيق مع وزارة الداخلية والمديرية العامة للوقاية المدنية، وتعزيز الأسطول الجوي بطائرتين "كاندير" ليصبح ثماني طائرات، لتحسين قدرات مكافحة حرائق الغابات.
- خبراء ونشطاء يؤكدون على أهمية الاستعداد المبكر والتصدي لحرائق الغابات، مشيرين إلى التحسن في درجات اليقظة والتعاون بين الجهات المختلفة وضرورة تعزيز التوعية والتحسيس بين السكان لحماية الغابات.

مع اقتراب فصل الصيف، كثّفت السلطات المغربية استعداداتها لمواجهة موسم حرائق الغابات وعملها لتجنّب تكرار ما حصل خصوصاً في عام 2022، حين اجتاحت الحرائق خمسة أقاليم شمالي البلاد والتهمت آلاف الهكتارات وسبّبت خسائر كبيرة في الأرواح. وعرضت الوكالة الوطنية للمياه والغابات (حكومية) أخيراً خريطة التوزيع الجغرافي لمخاطر اندلاع حرائق الغابات التي استندت إلى تحليل البيانات الخاصة بنوعية الغطاء الغابي، واحتمال تعرضه لاشتعال واحتراق، والتوقعات المناخية والظروف الطبيعية للمناطق. كذلك رصدت الوكالة الوطنية 153 مليون درهم (15.5 مليون دولار) لتوفير التجهيزات والوسائل المطلوبة للحدّ من اندلاع الحرائق، والتي تسمح بتعزيز دوريات المراقبة والرصد والإنذار المبكر، وفتح مسالك الغابات وصيانتها، ووسائل إطفاء النيران، وتهيئة نقاط المياه، وصيانة أبراج المراقبة وتوسيع الأحراج، إضافة إلى إعادة تأهيل المسالك وشراء سيارات جديدة للتدخل الأولي.

ونظراً إلى أهمية إجراءات التحسيس (التوعية) والتواصل، نفذت الوكالة بالتنسيق مع وزارة الداخلية والمديرية العامة للوقاية المدنية في المغرب، بمناسبة اليوم الوطني للتحسيس بمخاطر حرائق الغابات في 21 مايو/ أيار الماضي، أنشطة وبرامج لتوعية التلاميذ والسكان ومرتادي الغابات بأخطار وعواقب الحرائق، وتنظيم مبادرات للتوعية والتعريف بمخاطر حرائق الغابات، وعقد لقاءات مباشرة مع زائري الغابات، وإجراء زيارات إرشادية للغابات الحضرية وشبه الحضرية.

أيضاً عزز المغرب أسطوله الجوي الخاص بمكافحة الحرائق عبر اقتناء طائرتين جديدتين من طراز "كاندير"، ما رفع عدد الطائرات من هذا النوع في المملكة إلى ثمان. ويشهد المغرب سنوياً حرائق في غاباته التي تغطي نحو 12% من إجمالي مساحته، وكذلك في واحات النخيل التي تتركز في مناطق الجنوب الشرقي. وبحسب معطيات رسمية، التهم 466 حريقاً نحو 6420 هكتاراً من الغطاء النباتي العام الماضي، فقد كانت المساحة المحترقة أقل من تلك عام 2022، والتي قدرت بـ22800 هكتار، ما يعني انخفاض المساحة المحترقة بنسبة نحو 70%، وفق ما أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات.

وتعد الغابات في المغرب، بحسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات، فضاءً طبيعياً مفتوحاً يتعرض لضغوط كثيرة تؤثر سلباً على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ تزيد هذه الضغوط مخاطر اندلاع الحرائق، خصوصاً أن الغابات المغربية تتميّز بقابلية اشتعال مرتفعة خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض رطوبة الهواء، وشدة الرياح الجافة والساخنة.

يقول الباحث في مجال البيئة والتنمية المستدامة رئيس جمعية "بييزاج لحماية البيئة" بأغادير، رشيد فاسح، لـ"العربي الجديد": "قطع المغرب أشواطاً مهمة جداً في التعامل مع حرائق الغابات، واكتسب تجربة كبيرة على صعيد تحسين الاستعداد المبكر للتصدي عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات والإنذارات المبكرة، وتجنيد أشخاص مكلفين بمراقبة الغابات خلال فصل الصيف خاصة في الأماكن المهددة. كما تحسّنت درجات اليقظة والتعاون بين المؤسسات، سواء كانت سلطات محلية أو جمعيات في المجتمع المدني أو وزارة الفلاحة أو قطاع المياه والغابات، للتصدي لأسباب الحرائق البشرية تحديداً".

ويرى فاسخ أن اقتناء المغرب طائرات من نوع "كانداير" يدخل ضمن المخطط الوطني لمكافحة حرائق الغابات، بعدما نجحت هذه الطائرات في التصدي لمجموعة حرائق كانت ستأتي على الأخضر واليابس. ويلفت إلى أن اقتناء هذه الطائرات يجعل المغرب في حال اكتفاء ذاتي في مجال التصدي لحرائق الغابات. ويؤكد فاسح ضرورة التعاون مع المجتمع المدني لتعزيز التوعية والتحسيس، ويتحدث عن نجاح مشروع نفذته جمعية "بييزاج لحماية البيئة" بالتعاون مع '"وكالة تنمية الواحات وشجر الأركان" عام 2018. والذي أنشأ قافلة تستهدف مناطق مهددة باندلاع حرائق، "إذ لم تعرف هذه المناطق أي حريق منذ أكثر من ست سنوات". ويرى فاسخ "وجوب تنفيذ عمل ميداني أساسي للتصدي للحرائق قبل اندلاعها عبر التوعية والتحسيس والتدخلات المستعجلة والعمل الاستباقي، وأيضاً نشر التوعية في المدارس والتعاونيات والجمعيات التي تشتغل عادة في قطاع الغابات، وتتخذه مصدراً للرزق والعيش.

يقول رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" بالقنيطرة، الخبير في شؤون البيئة والمناخ، مصطفى بنرامل، لـ"العربي الجديد": "خطا المغرب خطوات مهمة جداً على صعيد توفير الأدوات اللوجستية من طائرات وتجهيزات إنذار مبكر وأنظمة معلوماتية لتحديد مناطق الخطر وتعبئة السلطات من درك وأمن وطني وقوات مساعدة ووقاية مدنية، ووزارة الداخلية والجماعات المحلية"، لكنه يستدرك بأن استراتيجية المغرب الخاصة بمكافحة حرائق الغابات تفتقد التوعية الكافية للسكان والمجتمع المدني في المناطق المهددة بحرائق، وهناك تباعد بين الإجراءات المتخذة والأدوات المتوفرة والسكان.

ويلفت بنرامل إلى أن تقوية قدرات المجتمع المدني قد تخلق حلقة وصل بين الإدارات المعنية بحرائق الغابات والسكان، ويشكل وسيلة مثالية للحدّ من حرائق الغابات من خلال توعية السكان بأسباب حدوثها، والأماكن التي يمكن أن تكون هدفاً لها خصوصاً حين ترتفع درجات الحرارة، وردع السلوك الذي يمكن أن يسببه في اندلاعها. ويؤكد بنرامل ضرورة تنفيذ الإدارات والمتدخلين في مجال مكافحة حرائق الغابات والمجتمع المدني والسكان مناورات مشتركة، لمحاكاة أساليب التدخل الفعّال والمؤثر لدى حدوث حرائق بدلاً من التدخلات التي تطبعها العشوائية.

المساهمون