أعاد اعتماد الحكومة المغربية إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية للمملكة أو "الساعة الإضافية" (غرينتش+1)، مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان، إلى الواجهة، الجدال حول الآثار السلبية لذلك القرار على صحة المغاربة.
وطالب ناشطون مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي رئيس الحكومة عزيز أخنوش بإلغاء الساعة الإضافية والعودة إلى التوقيت القانوني والاعتيادي للمغرب (توقيت غرينتش)، نظراً إلى ما لها من تأثيرات سلبية صحية جسدياً ونفسياً، وكذلك تأثيرات اجتماعية وأمنية، على العائلات والأطفال والتلاميذ والطلاب والعاملين، باختصار على عموم المواطنين.
وعاد المغرب رسمياً، صباح أمس الأحد، إلى اعتماد العمل بتوقيت "غرينتش+1"، بعد شهر على قرار العودة إلى توقيت غرينتش الذي باتت الحكومة تعتمده فقط في شهر رمضان من كلّ عام.
ومنذ اعتماد الحكومة المغربية توقيت "غرينتش+1" رسمياً في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2018 "بكيفية مستقرّة تفادياً لتعدد التغييرات خلال السنة"، تواجه الساعة الإضافية انتقادات حادة ومطالب متكرّرة بالإلغاء، لا سيّما تلك التي تتعلق بالتعليم في فصل الشتاء.
ويرى رئيس "الجامعة المغربية لحماية المستهلك" بوعزة الخراطي أنّ الساعة الإضافية "تخلق محنة لدى المواطنين طوال فترة اعتمادها وارتباكاً لأسابيع، كذلك تؤثّر على نفسية الفرد"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الحكومة الحالية صارت ناضجة بما يكفي، ويجب عليها التوجّه نحو سحب اعتماد هذا التوقيت نهائياً".
وتبرّر السلطات المغربية الأمر بأنّ قرار زيادة ساعة على التوقيت الاعتيادي جاء بناءً على نتائج دراسة أُنجزت في عام 2018، وتقييم حصيلة تجربة خمسة أعوام من تطبيق المرسوم رقم 2.12.126 الصادر في 18 إبريل/ نيسان من عام 2012. وترى أنّ اعتماد هذا التوقيت يمكّن من اقتصاد ملموس في الطاقة التي تمثّل مسألة مهمة في ظل الظروف الدولية الحالية. كذلك، فإنّ الأمر يمكّن من تخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي من شأنه أن يقلّل الآثار السلبية المرتبطة بتلوّث البيئة على صحة المواطنين.
في هذا الإطار، يقول رئيس "الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب" عبد الواحد الزيات، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاستمرار في تبيث الساعة الإضافية يشكّل اعتداءً على حقوق الإنسان لما يسبّبه من إرهاق نفسي، من دون أيّ اعتبارات من قبل الحكومة للآثار الصحية الناجمة عنه، ومن دون أيّ إحساس بحجم معاناة المواطنين طوال العام". يضيف أنّ "تفعيل قرار الساعة الإضافية كان مستساغاً مع حلول فصل الصيف، لكنّ اعتماده طوال العام، فهذا الحمق بعينه".
ويوضح الزيات أنّ "المغرب هو البلد الوحيد الذي أُقرّت فيه الساعة الإضافية الإجبارية طوال العام من دون أيّ اعتبارات لفصول السنة أو الفوارق المجالية أو النفسية للمغاربة، ولا لآثارها السلبية التي دفعت كثيرين إلى التذمّر". ويتابع الزيات: "لم نرَ أيّ أثر للدراسة التي وعدت بها الحكومة السابقة، ولا أيّ موقف للحكومة الجديدة إلا التماهي مع قرار تثبيت الساعة الإضافية التي هي في الأصل إجبارية، ولم يعد للمواطنين أيّ خيار للتعبير عن رفضهم القرار الجائر".
ويكمل الزيات أنّه "بعدما كان توقيت المغرب متطابقاً مع ساعة غرينتش، صارت ساعة المغاربة تُضبَط مع ساعة أصحاب المصالح من دون أيّ اعتبارات للحالة النفسية والاجتماعية لفئات عريضة من المغاربة، خصوصاً في فصلَي الخريف والشتاء، عندما يُضطرون إلى الخروج من بيوتهم في الظلام، ومن دون استحضار طبيعة المناطق القروية والنقص الكبير في وسائل النقل. يُضاف إلى ذلك الأرق والإرهاق النفسي اللذان زادت حدّتهما، من دون استحضار حجم الإكراهات التي تواجهها كذلك الأمهات والآباء مع أبنائهم ومن هم في مرحلة الحضانة".
ويسأل الزيات: "ألا يستدعي كلّ هذا الوقوف عند آثار هذه الساعة الإضافية الإجبارية التي زادت من حجم الخسائر على مستويات عدّة بدلاً من الأرباح؟". ويشدّد على أنّه "إذا كان الفاعل الحكومي يعتقد أنّ تدبير الشأن العام هو فرض منطق الحكومة، فإنّ هذا المنطق يجانب الصواب. وإذا كانت حكومات دول عدّة تبحث عن سعادة شعوبها، فيبدو أنّ حكومة المغرب تبحث عن اجراءات تزيد من تعاسة الشعب. لذا، ينبغي إلغاء القرار الجائر للساعة الإضافية الإجبارية".