عاد مطلب ترسيم الاحتفال بـرأس السنة الأمازيغية، الذي يصادف 13 يناير/كانون الثاني من كل عام، وجعله عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية، ليلقي بظلاله في المغرب، في وقت يسود فيه الغموض موقف الحكومة بهذا الخصوص.
وفي السياق، وجّهت النائبة البرلمانية عن حزب "التقدم والاشتراكية" المعارض، خديجة أروهال، أمس الثلاثاء، سؤالاً إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بشأن التدابير التي ستتخذها حكومته من أجل ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ويوم عطلة مؤدى عنه.
وقالت إنّ هذا المطلب أضحى مُعبّراً عنه بشكل واسع، لا سيما بعد الإقرار الدستوري للأمازيغية كمكون من مكونات الهوية المغربية المتعددة في إطار الوحدة، وكذا بعد المصادقة على القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم والحياة العامة ذات الأولوية.
واعتبرت أروهال أنّ "التعاطي الإيجابي مع إقرار السنة الأمازيغية عيداً وطنياً، ويوم عطلة مؤدى عنه، سيشكل، رمزياً ودلالياً، تفاعلاً مع منطلقات وطنية ودستورية، بعيداً عن أي حساباتٍ سياسوية أو اعتبارات ضيقة أخرى. كما أنه سيجسد تثميناً للثقافة الأمازيغية الضاربة جذورها في عمق التاريخ الوطني".
وكان حزب "الحركة الشعبية" المعارض قد طالب الحكومة المغربية، بإقرار السنة الأمازيغية التي ستحلّ بعد أقل من أسبوعين، عيداً وطنياً، وعطلة رسمية مدفوعة الأجر. مؤكداً، في بيان له، الأسبوع الماضي، أنه يتطلع إلى أن تبلور الحكومة سياسة وطنية لغوية وثقافية تترجم أحكام الدستور في مجال الهوية الوطنية بوحدتها المتنوعة، باعتبارها ركيزة أساسية للنموذج التنموي الجديد.
وجدّد الحزب تأكيده على "ضرورة إقرار سياسة عمومية تجسد عملياً قيم المغرب بعمقه الأمازيغي وأبعادها الإسلامية والعربية وروافدها الحسانية والعبرية والأفريقية والمتوسطية".
ويحظى المغاربة سنوياً بعطلة رسمية مدفوعة الأجر في احتفالات رأسي السنة الهجرية الجديدة (أول محرم) والسنة الميلادية (أول يناير/كانون الثاني)، وهو ما دفع الأمازيغ إلى المطالبة بأن تشمل هذه العطل رأس السنة الأمازيغية، خاصة بعد اعتراف الفصل الخامس من الدستور (2011) برسمية الأمازيغية كلغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة بدون استثناء. كما أقرّ البرلمان المغربي، في 2019، قانوناً يفعل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
وكان رئيس الحكومة الحالية، عزيز أخنوش، قد دعا قبل توليه رئاسة الحكومة، في يناير/كانون الثاني 2020، إلى "ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً وعطلة رسمية، لما يحمله من دلالة رمزية متعلقة بالاحتفال بالهوية واللغة".
كما قدّم نواب من حزبه "حزب التجمع الوطني للأحرار"، من بينهم مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة الحالية، مقترح قانون يطالب بترسيم "إيض يناير"، عيداً وطنياً وعطلة مدفوعة الأجر.
غير أنه، على بعد أيام قليلة من الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يبدو مصير مطلب الحركة الأمازيغية في المغرب الذي ظل يتكرر من دون أن تتم الاستجابة له من طرف الحكومات المتتالية، غامضاً في ظل غياب إشارات من الحكومة المغربية الحالية.
وتعليقاً على ذلك، يقول الباحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (حكومي) كمال آقا، اليوم الأربعاء، في تصريح لـ"العربي الجديد": "في الحقيقة كان المغاربة، بعد إقرار دستور المملكة لسنة 2011، يظنون أنّ أول ترجمة حقيقية لبنود الدستور ستكون بإقرار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة مؤدى عنه، خاصة أنّ هناك بعض المبادرات الخاصة التي بدأت بتفعيل هذا الأمر كبعض الأحزاب والجمعيات وغيرها. إلا أن الواقع بيّن عكس ذلك، وما يزال هذا المطلب يعاد كل سنة من طرف مختلف الفاعلين المهتمين بالشأن السياسي والحقوقي والثقافي ببلدنا".
وتابع: "لماذا لم يُفعّل؟ لا جواب محددا حسب علمي إلى الآن. وعلى الرغم من ذلك لابد أن نثمن التطور الحاصل في إطار الاحتفال الرسمي برأس السنة الأمازيغية السنة الماضية، إذ خصصت وزارة الثقافة أنشطة رسمية لذلك، تعززت بسهرة فنية رسمية في مسرح محمد الخامس في الرباط".
ويؤكد آقا أن تفعيل مقتضيات دستور 2011 ومقتضيات القانون الإطار 26-16 الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، "يقتضي اليوم الإسراع في إقرار يوم 13 يناير يوم عطلة رسمية، لما لهذا الإقرار من رمزية كبرى في مغرب التنوع اللغوي والثقافي".
وتتباين تسميات رأس السنة الأمازيغية في المغرب من منطقة إلى أخرى، بين "إيض يناير" أو "إيض سكاس" أو "حاكوزة"، ويصادف 13 يناير من كل سنة، ويوافق هذا العام سنة 2973 بالتقويم الأمازيغي.
وينقسم المؤرخون حول أصل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى فريقين، الأول يرى أنّ اختيار 13 يناير/كانون الثاني من كل عام، يرمز إلى الاحتفال بالأرض والزراعة لذا يعرف بـ"السنة الفلاحية"، في حين يرجعه فريق آخر إلى إحياء ذكرى انتصار الملك الأمازيغي شاشناق على الفرعون المصري رمسيس الثاني.