المغرب: مطالب بتعزيز قوانين حماية النساء من التحرّش

01 يوليو 2024
حماية النساء من التحرش أكثر إلحاحاً في المغرب (جيوفيني موريغيتي/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دراسة "الباروميتر العربي" تكشف انتشار التحرش الجنسي في المغرب، مما يؤثر سلبًا على حرية وحقوق النساء في الأماكن العامة وبيئة العمل.
- القوانين الحالية تعاني من ثغرات تحول دون توفير حماية كافية ضد التحرش، مما يستدعي تعديلات تشريعية لضمان الحماية وعدم الإفلات من العقاب.
- الجمعيات النسائية تطالب بتحسين الإطار القانوني وتطوير سياسات فعالة لمكافحة العنف ضد النساء، بما يشمل تعزيز الوعي وتدريب الأجهزة الأمنية لتوفير بيئة آمنة.

خلال الأيام الماضية، ظهرت حاجة ملحّة لاتخاذ تدابير صارمة لمكافحة التحرش وحماية النساء في الأماكن العامة وأماكن العمل في المغرب، بعدما أظهر استطلاع للرأي أجراه "الباروميتر العربي" للبحوث استمرار تعرض نساء للتحرش.

تصاعدت مطالب جمعيات نسائية في المغرب بإعادة النظر في النصوص القانونية، وتحسينها لتوفير حماية كافية للنساء ضحايا العنف، خصوصاً في ظل الأرقام المقلقة عن انتشار التحرش الجنسي.
ورأى استطلاع للرأي أجراه "الباروميتر العربي" للبحوث بالتعاون مع المعهد المغربي لتحليل السياسات، ونشر نتائجه في 7 يونيو /حزيران الجاري، أن 79% من المغاربة يعتبرون أن التحرش الجنسي ينتشر في الشارع، و65% منهم أنه ينتشر في أوساط العمل.
وتصف الكاتبة الوطنية في "المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات"، حنان رحاب، في حديثها لـ"العربي الجديد"، هذه الأرقام بأنها "غير مفاجئة أو صادمة، فهذا الأمر تعيشه النساء يومياً، سواء في الفضاءات العامة، أو أماكن العمل والدراسة". 
تضيف: "الغريب أنه كلما تطور مستوى مساهمة النساء في الدورة الاقتصادية وفي مختلف قطاعات الثقافة والرياضة والفن وغيرها، يزداد تعرضها للتحرش والوصم بسبب النوع الاجتماعي، لذا نطالب بتحسين القوانين، وبذل جهود إضافية وتنفيذ جهود بيداغوجية في مؤسسات التنشئة الاجتماعية، خصوصاً في المدارس".
وتقول رئيسة "فيدرالية رابطة حقوق النساء" (غير حكومية)، سميرة موحيا، إن "مختلف أشكال العنف تتزايد، سواء أكان الإلكتروني منه أو الزوجي، والتحرش الجنسي أيضاً، سواء في الفضاء العام أو في أوساط العمل، وهو ما نلمسه من خلال مراكز الاستماع والتوجيه والإرشاد القانوني ومركز الإيواء في شبكة الرابطة (إنجاد) ضد عنف النوع، وأيضاً من خلال مراكز استماع شبكة نساء متضامنات، ومن خلال تأكيد التقرير الأخير الذي أصدرته الفيدرالية ازدياد العنف بمختلف أشكاله".
وتوضح موحيا، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "تزايد حالات التحرش الجنسي يمكن توثيقه من خلال الشكاوى التي تتقدم بها النساء إلى مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف في المغرب، لافتة إلى أنه رغم الجهود التي بذلتها الدولة من خلال القانون رقم 103.13 الذي دخل حيز التنفيذ عام 2018، تبقى غير كافية جراء ما يتضمنه من ثغرات ونواقص، وعدم توفيره الحماية والوقاية للنساء، فضلاً عن وجود تناقضات في القوانين الخاصة بأوضاع النساء بصفة عامة ضمن مدونة الأسرة والقانون الجنائي المغربي وباقي القوانين الخاصة بحرية الأفراد وحياتهم العامة والشخصية.

وترى أن "هناك قوانين ناقصة ومتناقضة تتضمن فراغات متعددة، وتجاوزت ما ينص عليه دستور البلاد والاتفاقيات الدولية، وهذا ما تؤكده مؤشرات الواقع المغربي الذي عرف تطورات في البنية السياسية - الاقتصادية للمجتمع والأسرة والنساء".
وتلفت إلى أن العقلية الذكورية في الثقافة الشعبية وفي أذهان المغاربة تشجّع على ممارسات التحرش الجنسي والعنف الجسدي بمختلف أنواعه. و"من خلال التجربة والاحتكاك مع النساء في ميادين العمل اليومي يمكن القول إن وقوع عبء إثبات التحرش الجنسي على المرأة يبقى من الأسباب التي تعرقل الحماية. ويشكل ذلك عبئاً صعباً جداً باعتبار أن العنف يحصل غالباً في فضاء خاص من دون أن تملك الضحية إثباتات، كما تتجنب النساء الإبلاغ عن الحالات بسبب عدم توفر إثباتات، ولأن الأمر يحدث داخل مجتمع ذكوري يحمّل النساء دائماً مسؤوليات أي عنف جنسي أو تحرش أو عنف مبني على النوع".
وتشير موحيا إلى السلبية للتحرش الجنسي على ممارسة النساء حقوقهن وحريتهن، وتؤكد أنه "حان وقت إدخال تعديلات على الترسانة القانونية وملاءمتها مع الدستور والاتفاقيات الدولية ومؤشرات الواقع المغربي والتطور الذي يعرفه المجتمع والأسرة، ويجب وضع قانون إطار يوفر الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب وجبر الضرر، ويساهم في اندماج النساء ضحايا العنف في المجتمع".

ثغرات قانونية في حماية والنساء من التحرش (أرثور فيداك / Getty)
ثغرات قانونية في حماية النساء من التحرش (أرثور فيداك / Getty)

تتابع: "من مطالبنا أن تسمع أصوات النساء، وأن يأخذ رجال الأمن جدياً أي شكوى، وأن يتوفر إطار قانوني ملائم يتماشى مع الدستور والاتفاقيات الدولية، فضلاً عن سياسات عمومية مواكبة من أجل مناهضة العنف ضد النساء".
وبحسب أرقام وإحصاءات أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط في المغرب (مؤسسة حكومية تعنى بالإحصاء) عام 2019، تعرضت 372 ألف امرأة لتحرش جنسي في الأماكن العمومية، و32 ألف امرأة لعنف جنسي في الوسط المهني، خاصة في القطاع الخاص بنسبة 3.8%، و15 ألف تلميذة أو طالبة لتحرش جنسي في مؤسسات التكوين والتعليم.
ويعرّف القانون المغربي مرتكب جريمة التحرش الجنسي بأنه "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها، بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وينص قانون مكافحة العنف ضد النساء وتوسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي في المغرب على فرض عقوبة سجن تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر، أو دفع غرامة تتراوح بين 200 درهم (20 دولاراً) و10 آلاف درهم (ألف دولار)، أو كليهما معاً ضد كل من يمعن في مضايقة الغير في أماكن عامة أو خاصة بأقوال وإشارات وأفعال ذات إيحاءات جنسية تهدف إلى تحقيق أغراض جنسية، أو عبر توجيه رسائل مكتوبة وإلكترونية، أو عبر اتصالات هاتفية وتسجيلات وصور ذات طبيعة جنسية.
وقد تبلغ عقوبة السجن بين 3 و5 سنوات، مع دفع غرامة تتراوح من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم (من 500 إلى 5000 دولار)، إذا ارتكب التحرش أحد الأصول أو المحارم، أو إذا امتلك المتحرش ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان مكلفاً برعايتها، أو كفيلاً لها، أو إذا كانت الضحية قاصراً.

المساهمون