كشفت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، عن إصلاح لسياسة الهجرة يتضمن تشديد عمليات إعادة المهاجرين غير القانونيين، وتعزيز المراقبة على الحدود الخارجية، وتسريع الآليات.
واتّهمت منظمات غير حكومية المفوضية بالرضوخ للدول المعارضة لاستقبال اللاجئين، في حين دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، عن توازن "عادل ومنطقي" بين "المسؤولية والتضامن" بين الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي.
وينصّ "الميثاق الأوروبي حول الهجرة واللجوء" على وجوب مشاركة الدول الأعضاء التي لا تريد التكفّل بطالبي لجوء في حال حصل تدفّق، في إعادة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم من الدولة الأوروبية التي وصلوا إليها إلى بلدهم الأصلي، وهي طريقة للالتفاف على الرفض المستمر من دول مثل بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا لاستقبال مهاجرين، ما أدى إلى فشل توزيع حصص تقاسم عبء اللاجئين الذي تقرر بعد أزمة عام 2015. وكرّر الرفض أيضاً، الثلاثاء، المستشار النمساوي، سيباستيان كورتز، والذي اعتبر أن تقاسم المهاجرين "لا ينجح".
ويقترح النص حماية منظمات غير حكومية تنقذ مهاجرين من البحر من الملاحقات القانونية، كما أنه يعيد النظر في "نظام دبلن" الذي يحمّل أول بلد يدخله المهاجر في الاتحاد الأوروبي مسؤولية النظر في طلب اللجوء. ويثير النظام الذي يعتبر ركيزة سياسة اللجوء الحالية في أوروبا توترا متواصلا بين الدول الأعضاء بسبب العبء الذي يحمّله للدول الواقعة جغرافياً في خط المواجهة الأمامية لتدفق اللاجئين مثل اليونان وإيطاليا.
في حال واجهت دولة "ضغط" مهاجرين، واعتبرت أنها غير قادرة على التكفّل بهم، فبإمكانها تفعيل "آلية تضامن إلزامية" يُفترض أن تتخذ المفوضية قراراً بشأنها
وحسب اقتراح المفوضية، فإن الدولة المسؤولة عن النظر في طلب اللجوء يمكن أن تكون دولة تؤوي شقيق الشخص أو شقيقة له، أو دولة عمل أو درس فيها، أو أعطته تأشيرة في الماضي. وإذا لم تتوفر أي من هذه الحالات، فستبقى دول وصول المهاجرين مكلفة النظر بطلباتهم.
وتنصّ الخطة أيضاً على آلية سريعة لاستبعاد المهاجرين الذين من غير المرجح أن يحصلوا على حماية دولية، وهم بحسب المفوضية أولئك القادمون من دول تسجّل معدل استجابة لطلبات لجوء أقلّ من 20 في المائة مثل تونس والمغرب، وبالنسبة لهؤلاء المهاجرين سيجرى النظر بطلباتهم على الحدود في مهلة 12 أسبوعاً.
في حال واجهت دولة "ضغط" مهاجرين، واعتبرت أنها غير قادرة على التكفّل بهم، فبإمكانها تفعيل "آلية تضامن إلزامية" يُفترض أن تتخذ المفوضية قراراً بشأنها. وتقيّم المفوضية عدد المهاجرين الذي يجب التكفل به. وينبغي على كافة الدول المساهمة بناء على حجم اقتصادها وعدد سكانها، لكن لديها خياراً بين استقبال طالبي لجوء، أو "رعاية" إعادة مهاجرين لا يحق لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي إلى بلدانهم الأصلية، أو المساعدة في بناء مراكز إيواء.
وأكد وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، الأربعاء، أن بلاده تأمل في"تضامن أوروبي" أكبر في ما يخصّ النظر في طلبات اللجوء، مضيفاً أن "مسألة الهجرة لا تُحل إلا على المستوى الأوروبي".
وفي حال حصول أزمة" مماثلة لما حصل في 2015، عندما وصل أكثر من مليون مهاجر فجأة إلى أوروبا، يقتصر الخيار أمام الدول على التكفل بإعادة توزيع اللاجئين، أو إعادة المهاجرين المرفوضين إلى بلدانهم الأصلية. لكن في حال فشلت دولة في إعادة المهاجرين إلى بلدانهم في غضون ثمانية أشهر، سيترتب عليها استقبالهم.
بهدف زيادة عدد العائدين إلى دولهم الأصلية، ستعيّن المفوضية منسقاً سيستند إلى شبكة "خبراء" في الدول الأعضاء و"سيكثّف المفاوضات" مع الدول الأصلية
وتتوجه حالياً السفينة "آلان كردي" التابعة لمنظمة "سي أي" غير الحكومية الألمانية إلى مارسيليا، وعلى متنها 133 مهاجراً بعدما فشلت محاولتها الوصول إلى السواحل الإيطالية. وينصّ الميثاق أيضاً على آلية تضامن بشأن عمليات الإنقاذ في البحر.
وتذكّر المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا جوهانسون، بأن الوضع مختلف عما كان عليه في 2015، إذ إن عدد الوافدين غير القانونيين إلى الاتحاد الأوروبي تراجع عام 2019 إلى 140 ألفاً. وإذا تمكن 90 في المائة من المهاجرين عام 2015 من الحصول على وضع لاجئ، لا يتمتع ثلثاهم اليوم بحق الحصول على حماية دولية، وفق قولها، ما يؤدي إلى تقليص عدد المهاجرين الذين قد تتم إعادة توزيعهم.
وبهدف زيادة عدد العائدين إلى دولهم الأصلية، ستعيّن المفوضية منسقاً سيستند إلى شبكة "خبراء" في الدول الأعضاء و"سيكثّف المفاوضات" مع الدول الأصلية.
ولدى الاتحاد الأوروبي حالياً 24 اتفاقية إعادة مع دول خارج الاتحاد، لكن كلها "لا تصلح"، بحسب جوهانسون. وإحدى وسائل الضغط ستكون نشر تقارير سنوية تقيّم قدرة دولة ما على إعادة استقبال مواطنيها، وستكون لها عواقب على إصدار التأشيرات لهؤلاء المواطنين.
واتّهمت منظمة "أوكسفام" المفوضية بـ"الرضوخ للحكومات المناهضة للهجرة". ويرى الخبير في مسائل الهجرة، إيف باسكوا، أن المفوضية "تعيد تركيب مجموعة من دون قائد حقيقي ولا بنية ولا هيكل".
وقال الباحث البلجيكي فرانسوا جيمين: "إنها تسوية بين الجبن وكراهية الأجانب"، مندداً بـ"الوصفات نفسها التي تفشل منذ عشرين عاماً، وبمنطق أوروبا المحصنة ذاته".
(فرانس برس)