يتواصل التفشي السريع لفيروس كورونا حول العالم، ومع دخول فصل الخريف وانخفاض درجات الحرارة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، تزايدت أعداد المصابين، لا سيما في أوروبا والولايات المتحدة، ودخل كثير من البلدان في موجات جديدة من التفشي، ما يدفع بعضها إلى الإغلاق الشامل أو الجزئي، أو تشديد القيود لمكافحة الوباء.
وتستعد إنكلترا لإعادة فرض حجر صحي حتى الأول من ديسمبر/ كانون الأول، وسيعلن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الاثنين، فرض إجراءات اعتباراً من الأربعاء، تشمل إغلاق المتاجر غير الأساسية، لكن الحضانات والمدارس والجامعات ستبقى مفتوحة، بحسب صحيفة "ذا تايمز".
في إيطاليا التي سجلت أكثر من 647 ألف إصابة وأكثر من 38 ألف وفاة، قال رئيس الوزراء، جوزيبي كونتي، السبت، إنّ حكومته تقرر حالياً ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من القيود لكبح تفشي الفيروس، مضيفاً بعد خمسة أيام من إغلاق المطاعم في المساء، وإغلاق الصالات الرياضية ودور السينما والمسارح، أنّ "منحنى العدوى سريع للغاية، وهو يعرض المدارس الداخلية للخطر".
وما زال بإمكان أطفال المدارس الابتدائية والمتوسطة حضور الدراسة. ومع ذلك، يجب أن يتم 75% من التعليم في المدرسة الثانوية عن بعد، وفقاً للقواعد التي بدأت هذا الأسبوع. ويوم الإثنين، من المقرر أن يتشاور حاكم لومباردي مع العمد المحليين بالمنطقة، بما فيها مدينتها الرئيسية ميلانو، قبل اتخاذ قرار بشأن إغلاق المنطقة، حسب "أسوشييتد برس".
غضب في فرنسا
وعلى خطى أيرلندا وويلز، أعيد فرض إغلاق تام في فرنسا التي تجاوز عدد الوفيات فيها 36 ألفاً، لكن لن يكون هذا الإغلاق مشابهاً للحجر الصارم الذي فرض في الربيع لمدة شهرين خلال الموجة الأولى التي أودت بحياة 30 ألف شخص، فمن المقرر أن تبقى دور الحضانة والمدارس والمعاهد والمدارس الثانوية مفتوحة بتدابير صحية من شأنها أن تسمح للعديد من الآباء بمواصلة أعمالهم. لكن سيتم إغلاق الأعمال "غير الأساسية" مجدداً، وكذلك المسارح وصالات الاحتفالات.
وأطلقت جمعية "سوكور بوبيليه" نداء للتضامن، وحذرت من أنّ "الأزمة الصحية أدت إلى زيادة الفقر وعدم الاستقرار". كما تشهد عشرات المدن والبلدات الفرنسية حالة تمرّد على قرار فرض الحجر الصحي الذي بدأ تطبيقه، أمس الجمعة، ويشمل التمرّد المتصاعد مسؤولين محليين في مقدمتهم رؤساء البلديات، إذ أصدرت نحو 60 بلدية، السبت، قرارات بإعادة فتح المحال التجارية المصنّفة "غير أساسية"، مثل البقالات والمتاجر الصغيرة، في خطوة تُعارض قرار الحكومة باقتصار النشاط التجاري على متاجر كبرى خلال فترة الحجر الصحي.
وأعلن الأمين العام لاتحاد رؤساء البلديات في فرنسا، فيليب لوران، السبت، دعمه، وقال، في بيان: "نعتقد أنّ المحال التجارية يجب أن تستمرّ في العمل لكسب العيش، وهذا يشمل المكتبات، أعتقد أنّ الحكومة بحاجة لسماع ذلك. الوزير المفوض المسؤول عن الشركات الصغيرة والمتوسطة لديه حساسية وقلق جرّاء ما يحدث. سنعمل على ضمان حصوله على كل الدعم اللازم من المسؤولين المنتخبين المحليين والمهنيين لجعل الحكومة تتراجع عن هذا القرار".
ومن المقرّر أن تنظم مساء اليوم السبت تظاهرات في عدد من المدن الفرنسية، أبرزها العاصمة باريس، دعا إليها نشطاء وحركات اجتماعية، كما دعا تجمّع الثانويات المستقلّ في الضواحي الفرنسية إلى اعتصامات أمام المدارس الثانوية في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهو اليوم الأول للعودة إلى المدارس بعد عطلة "جميع القديسين" التي توافق يوم غد الأحد.
قيود أشد صرامة
من جهتها قررت بلجيكا، التي تشهد الانتشار الأشد كثافة للفيروس بين دول أوروبا، "إغلاقاً أكثر صرامة"، في إشارة إلى "تدابير الفرصة الأخيرة" لمحاولة الحد من انتشار الوباء، والتي تشمل لمدة "شهر ونصف على الأقل" إغلاق المتاجر "غير الضرورية" وفرض العمل عن بُعد عندما يكون ذلك ممكناً، بينما أغلقت المقاهي والمطاعم والمؤسسات الثقافية والأندية الرياضية بالفعل.
وبدون المرور بفرض الإغلاق، تنغلق الدول الأوروبية الأخرى على نفسها لمواجهة موجة ثانية من الفيروس، مثل إسبانيا التي أغلقت خمس مناطق بما في ذلك منطقة مدريد، الجمعة، في حين اعتبر مئات الأشخاص أنّ هذه التدابير شديدة الصرامة وتظاهروا في برشلونة، وجرت صدامات مع الشرطة.
وستتباطأ الحركة في ألمانيا أيضًا في نوفمبر/ تشرين الثاني، مع إغلاق الحانات والمطاعم والمرافق الثقافية والترفيهية أبوابها من يوم الاثنين، وحتى ديسمبر/ كانون الأول، كما سيتم حظر إقامة السياح في الفنادق.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، فرض حجر جزئي اعتباراً من الثلاثاء، للتصدي للموجة الثانية من وباء كوفيد-19، يشمل منع تجول ليلياً، وإغلاق الحانات والمطاعم في أثينا ومدن أخرى.
وتطلق سلوفاكيا السبت، برنامجاً لإجراء فحوصات تشخيص الإصابة بكوفيد-19 لجميع مواطنيها في سابقة عالمية. في حين صوت البرلمان التشيكي على تمديد حالة الطوارئ الصحية حتى نوفمبر/ نشرين الثاني.
وبينما تتخذ دول أوروبية إجراءات صارمة لمحاولة احتواء الموجة الثانية من تفشي الوباء، تواجه الولايات المتحدة تسارعاً في انتشار الفيروس قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية، مسجلة عدداً قياسياً من الإصابات الجديدة، بينما تجاوز عدد الوفيات في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي400 ألف وفاة.
أصيب أكثر من 45 مليوناً و105 آلاف و670 شخصاً في العالم بفيروس كورونا، وتوفي منهم ما يقارب 1.2 مليون شخص
وسجلت في الولايات المتّحدة الجمعة أكثر من 94 ألف إصابة جديدة، وهو أعلى رقم يوميّ منذ بداية الجائحة، وفقاً لإحصاء جامعة "جونز هوبكنز"، كما سجّلت أيضًا 919 وفاة إضافيّة، ليرتفع إجمالي عدد الوفيات بكورونا في البلاد إلى 229 ألفاً و544، أمّا العدد الإجمالي الرسمي للإصابات فيبلغ تسعة ملايين و34 ألفاً و295.
والجمعة، قلل الرئيس دونالد ترامب من جديد من خطورة "كوفيد-19" الذي تعافى منه، وقال "نريد فقط العودة إلى الحياة الطبيعية"، مضيفاً أمام أنصاره في ميشيغن في إطار حملته الانتخابية "إذا أصبت به فستصبح أفضل، وبعد ذلك ستكون محصنًا".
وفي كندا، أعلنت السلطات الجمعة تمديد إغلاق حدودها أمام الأجانب الذين لا يعتبر وجودهم ضروريًا لغاية نوفمبر/ تشرين الثاني، فضلاً عن إعفاءات من الحجر الصحي الإلزامي.
وتعد البلدان الأوروبية ثالث أكثر المناطق تضرراً بعد أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي التي سجلت 11.2 مليون إصابة، وآسيا التي سجلت 10.5 ملايين إصابة. وقد ارتفع عدد الإصابات الجديدة المسجلة في أوروبا بنسبة 41% خلال أسبوع واحد، وهذا يعادل نصف عدد الإصابات المسجلة خلال الأيام السبعة الماضية في العالم كل.
وأصيب أكثر من 45 مليوناً و105 آلاف و670 شخصاً في العالم بفيروس كورونا، وتوفي منهم ما يقارب 1.2 مليون شخص، بحسب "فرانس برس".