تسعى مدرسة "النور والأمل" الثانوية للمكفوفين، إلى رعاية الطلاب المكفوفين في قطاع غزة، وتنمية قدراتهم النفسية والروحية والاجتماعية، عبر تحويل المنهاج الفلسطيني المقروء إلى منهاج مطبوع بلُغة برايل، أو منهاج مسموع لتسهيل عملية التعلم والحِفظ.
وتُحاول المدرسة الوحيدة في قطاع غزة، والتي تختص كذلك بتدريس طلبة الثانوية من فئة الصمّ أن تكون النور المشرق في بصيرتهم، من خلال فتح أبواب الأمل، وتنشئتهم تنشئة سليمة علمياً، مُحافِظة على التواصل مع ذوي الطلبة، لتكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة.
وتُقدّم المدرسة الخدمات التعليمية والتأهيلية المناسبة، مجاناً، للطلاب المكفوفين من كلا الجنسين، ذكوراً وإناثاً، في كافة أنحاء القطاع، في المرحلتين المتوسطة والثانوية، إذ تعلّمهم المنهاج المقرر من وزارة التربية والتعليم، ولكن بطريقة الحروف البارزة (برايل)، فيما ينتقل الطالب في مرحلة الثانوية العامة إلى مدارس المبصرين كل في منطقة سكناه، وتُقدم له المدرسة الكتب الدراسية بطريقة برايل مجاناً، إضافة إلى تزويده بماكينة "بيركنز" للكتابة.
وتقول الطالبة سلمى حسن من مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، إنها تتلقى الدروس إلى جانب زميلاتها مثل باقي المدارس، ولكن يتم تقديم المناهج بلغة برايل الخاصة التي تتناسب مع الإعاقة البصرية، وتضيف لـ"العربي الجديد" "تعرفنا في المدرسة على التعامل مع آلات الكتابة، والتي تختلف فيها حروف اللغة العربية عن اللغة الإنكليزية، فيما نتلقى مختلف الحصص التعليمية والأنشطة والاختبارات".
ويُبين الطالب محمد أبو علوان، لـ "العربي الجديد" أنه يُحاول برفقة أقرانه التغلب على إعاقتهم، من خلال الاندماج في تلقي الدروس التعليمية الخاصة بالمنهاج الفلسطيني، في مختلف المواد التعليمية، ويقول "نحصل على الشرح المُناسب لمختلف الدروس في المدرسة، ونقوم بمُراجعة الدروس داخل البيت لضمان درجات عالية".
من جانبها، تقول مُدرسة التربية الإسلامية، للصف الحادي عشر، في مدرسة "النور والأمل"، وداد القيشاوي، إنّ العام الدراسي يُشبه المسيرة التعليمية في مختلف مدارس قطاع غزة، إذ يدرس الطلبة جميع المناهج مثل اللغة العربية والإنكليزية والتربية الدينية والتاريخ والجغرافيا، وباقي المناهج، إلا أنه يتم تحويلها من مناهج مقروءة، إلى مناهج بلُغة برايل الخاصة بالمكفوفين، أو من خلال تسجيلات صوتية.
وتبين القيشاوي، لـ"العربي الجديد"، أنّ المدرسة تقوم بتسليم كتب بطريقة برايل إلى الطلبة، فيما يتم تخصيص ماكينة للكتابة بلغة برايل داخل الحصص الدراسية، إلى جانب نقل الطلبة من مختلف مناطق قطاع غزة إلى المدرسة الوحيدة المختصة بتدريس المكفوفين في المرحلة الثانوية، بينما يوفر بعض أهالي الطلبة ماكينات داخل بيوتهم لمُتابعة الواجبات والدراسة المنزلية.
وتقدم المدرسة العديد من الأنشطة، ومنها الخدمات الأكاديمية، وتتمثل في إكساب الطلاب المهارات المعرفية والسلوكية، ومساعدة الطلاب ضعاف التحصيل من خلال تقديم حصص تقوية داخل المدرسة، وطباعة الكتب والمناهج الدراسية للكفيف مجاناً بلغة برايل عن طريق إدخالها على شكل بيانات في الحاسوب، ثم تحويلها إلى كتب بارزة، وتوفير المناهج الدراسية للكفيف بصورة منطوقة مسموعة لتسهيل العملية الدراسية عن طريق تحويلها إلى ملفات صوتية وتنزيلها على الحاسوب، إلى جانب مساعدة المؤسسات الأخرى التي ترعى الكفيف في طباعة الكتب والامتحانات مجاناً.
أما عن أهداف المؤسسة التعليمية، فتوضح مُديرة المدرسة سهير مُرتجى، أنها "تتمثل في توفير الخدمة التعليمية والأكاديمية للطالب الكفيف بما يتناسب مع واقع وطبيعة ومدى الإعاقة البصرية، إلى جانب غرس القيم والمبادئ الدينية والروحية والوطنية السامية المستقاة من الدين الإسلامي، والتراث الفلسطيني المشرف، وذلك لتحقيق التأثير الفعال للكفيف داخل المجتمع".
وتشير مرتجى، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ مدرسة "النور والأمل" الثانوية المختلطة، والتي تم إنشاؤها في عام 1982، تسعى إلى إكساب الكفيف مهارات سلوكية وخبرات اجتماعية متناسبة مع الإعاقة، لتمكّنه من التواصل مع أفراد المجتمع والاندماج فيه، وتدريب الطالب الكفيف على المهارات الحركية المناسبة حتى يستطيع التنقل بمفرده وبحرية كاملة داخل وخارج نطاق المدرسة، مما يعزز الثقة بالذات والاعتماد على النفس.
وتبين أنّ المدرسة تُقدم خدماتها إلى ما يُقارب 80 طالباً، فيما تتزايد أعداد الطلبة بشكل متسارع بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، وما تخلفه من إعاقات، موضحة أنّ مدرسة "النور والأمل"، "تعتبر الأولى والوحيدة في القطاع التي تدرس الطلاب المكفوفين في المرحلتين المتوسطة والثانوية".
وتهدف مدرسة "النور والأمل" كذلك إلى تطوير المهارات اللغوية لدى الكفيف من خلال تدريبه على القراءة والكتابة بطريقة برايل بشكل صحيح باللغتين العربية والإنكليزية، وإكساب الطالب مهارات تكنولوجية عالية ومتميزة ليتمكن من مواكبة التقدم التكنولوجي واللحاق بركب الحضارة، وتوفير بيئة مدرسية ملائمة لرعاية المواهب المبدعة والطاقات الخلاقة.
وتوفر المدرسة القرطاسية للطلاب المكفوفين مجاناً من أوراق خاصة بكتابة برايل وأقلام ولوحات برايل، وماكينات "بيركنز"، وطباعة الكتب لطلاب الثانوية العامة مجاناً، وتزويد من يريد منهم بالمنهاج بصورة منطوقة ومسموعة، إلى جانب صيانة ماكينات "بيركنز"، والحواسيب والجوّالات للطلاب المكفوفين داخل وخارج المدرسة، وتنزيل البرامج الناطقة على الجوال والكمبيوتر مجاناً للطلاب في مختلف أنحاء القطاع، علاوة على تأمين المواصلات للطلاب مجاناً من مختلف أنحاء قطاع غزة ذهاباً وإياباً.
وتُقيم المدرسة المخيمات والاحتفالات، والرحلات الترفيهية بشكل فصلي أو سنوي للكفيف حتى يتعرف بشكل دقيق على المجتمع المحيط، كذلك أنشطة اكتشاف مواهب الطلبة، وإيصالها إلى الجهة المعنية في المجتمع لرعاية الموهبة وتطويرها، وتنظيم الزيارات التبادلية المنتظمة مع المدارس والمؤسسات الأخرى ومشاركتهم والتعاون معهم بشكل فعال.
وكانت المدرسة في نشأتها الأولى مؤسسة خيرية متواضعة تعتمد في نفقاتها بشكل كامل على الدعم المقدم من أهل الخير، والمساهمة الفعالة من المؤسسات المانحة والداعمة من مختلف الدول العربية والأجنبية والتي تسد حاجة المدرسة من ماكينات "بيركنز" (للكتابة) وطابعة بريل (للكتب والمناهج) والآلات الحاسبة، والحواسيب التي لم تستطع توفيرها المدرسة إلا في ظل وزارة التربية والتعليم. ونظراً لعدم قدرة المؤسسة على دفع رواتب موظفيها، ولقلة مواردها المالية، تحولت المؤسسة الخيرية إلى مدرسة حكومية تابعة لوزارة التربية والتعليم العالي.