سجّلت مناطق شمال غربي سورية، في اليومين الماضيين، حالتي انتحار منفصلتين لامرأتين تقيمان في المنطقة، بحسب ما أفاد نشطاء دقوا ناقوس الخطر من اتساع الظاهرة في الآونة الأخيرة، لعدة أسباب من بينها تردي الوضع المعيشي وانتشار المخدرات والفقر.
وفي السياق، أوضح الناشط الإعلامي محمد المعرواي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الضحيتتن، وهما امرأة نازحة تقيم في معرة مصرين بريف إدلب الشمالي بعمر 25 عاماً انتحرت باستخدام "قرص الغاز" وذلك مساء أمس الأربعاء، وامرأة ثانية استخدمت بندقية حربية لإنهاء حياتها وذلك مساء يوم الثلاثاء في مدينة صوران بريف حلب الشمالي، مشيرا إلى أن الأهالي يحاولون التكتم على هذه الحوادث، ولا تعرف إلى غاية الآن الأسباب أو الدوافع وراء انتحار السيدتين.
من جهته، ذكر مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، لـ"العربي الجديد"، أن الفريق وثّق 18 حالة انتحار منذ مطلع العام الحالي، كما سجل 28 محاولة انتحار، ليكون المجموعة الكلي الموثق من الفريق 46 حالة، ومن بين المنتحرين 4 أطفال، واثنتان من النساء، و12 من الرجال، أما المحاولات الفاشلة فهي لـ6 رجال و 17 امرأة و5 أطفال. وأضاف أن الأسباب الفعلية لحالات الانتحار كثيرة لكن من أبرزها الفقر والمخدرات والوضع الاجتماعي، والخلافات الزوجية.
"حبة الغاز" أكثر وسائل الانتحار انتشاراً
ومن أكثر وسائل الانتحار الشائعة في شمال غرب سورية "حبة الغاز"، وهي أقراص تباع في الصيدليات الزراعية، تستخدم في حماية المحاصيل من الحشرات والآفات، ذات تركيب كيميائي يعتمد على "الفوسفين" أو "فوسفيد الهيدروجين"، عند تعرضها للرطوبة والحرارة المناسبة تطلق غاز فوسفيد الهيدروجين بالتزامن مع إطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون، وهما غازان شديدا السمية، ويسببان تلفاً في الأجهزة الحيوية للجسم ويمنعان الخلايا من استقبال الأوكسجين، وبعد ابتلاع القرص، لا يمكن إيقاف هذه العملية بأي وسيلة من الوسائل، وفق الأطباء.
وفي الرابع من أغسطس/آب الجاري، سجّلت حالة انتحار لشاب في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وذلك باستخدام "قرص الغاز"، من دون معرفة الأسباب.
وحذّرت رؤى القصير، المرشدة الاجتماعية، في حديث لها مع "العربي الجديد"، من وصول معدلات الانتحار إلى مستويات خطيرة في المنطقة، خصوصاً أن التوعية النفسية والاجتماعية حول الانتحار مغيبة بشكل تام، وسط تفاقم الأسباب المؤدية إليه، كالفقر الشديد والغلاء وغياب فرص العمل، والمشاحنات والمشاكل العائلية وما يرافقها من أزمات نفسية، مطالبة الجهات المسؤولة بمحاولة التخفيف من العوامل المؤدية للانتحار ونشر التوعية بخصوصه.
بدوره، قال اختصاصي الأمراض النفسية ماجد فهيم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن الخلل في العلاقات الأسرية والزوجية وغياب الدعم الاجتماعي والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى إدمان الكحول والمخدرات، والأزمات والضغوط النفسية المفاجئة، ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، كلها عوامل تشجع على الانتحار، هذا فضلاً عن ظروف الحرب والنزوح ومشاهد القتل والتعذيب والدمار، التي تغيب عنها الرقابة على الأطفال، وسهولة الحصول على المواد المخدرة والإدمان، بالإضافة إلى تفكّك العلاقات الأسرية.
يشار إلى أن فريق "منسقو استجابة سورية" سجّل 88 محاولة انتحار شمالي سورية خلال عام 2022، منها 33 محاولة فاشلة، مقابل 25 محاولة انتحار عام 2021.